ج٥ص١٨١
يضرّ ذكرهما كما إذا قلت رأيت أسد قريش فهو قرينة أو تجريد فقوله تخاليطها تفسير له بعد التخصيص وقوله فاستعيرت لذلك إشارة إلى التخاليط الثاني أنّ الأضغاث استعيرت للتخاليط الواقعة في الرؤيا الواحدة فهو أجزاؤها لا عينها فالمستعار منه حزم النبات، والمستعار له أجزاء الرؤيا فهذا كما إذا استعرت الورد للخدّ ثم قلت شممت ورد هند مثلاً فلا يقال إنه ذكر فيه الطرفان قال في الفرائد : أضغاث ا لأحلام مستعارة لما ذكر، وهي تخاليطها، وأباطيلها، وهي قد تحقق في رؤيا واحدة، وقد وقع للشراح، وأرباب الحواشي هنا أجوبة غير منتجة منها أنّ المراد بالاستعارة معناها اللغوي فلا يضرّ كونه من قبيل لجين الماء، وهو مع تعسفه : يردّه قوله في الأساس، ومن المجاز أضغاث أحلام، وهو ما التبس منها، وضغث الحديث خلطه لأنّ المتبادر منه المجاز المتعارف وإن كان يطلقه على غيره فيه، ومنها أنّ الأحلام وان تخصصت بالباطلة فالمراد بها هنا مطلق المنامات والمستعار له الأحلام الباطلة، وهي مخصوصة، والمذكور هنا المطلق وليس أحد طرفيها قال العلامة فإن قلت شرط الاستعارة أن لا يكون المشبه مذكورا، ولا في حكم المذكور، والتقدير كما ذكرت هي أضغاث أحلام فلا يكون استعارة قلت هذه والاستعارة ليست استعارة أضغاث الأحلام للمنامات بل استعارة الأضغاث لأباطيل المنامات، وتخاليطها، وهي غير مذكورة، والحلم بضم اللام، وسكونها والرؤيا بمعنى واحد، وهو ما يراه النائم في النوم هذا بحسب الأمر الأعمّ كما في أضغاث أحلام فإنّ المراد بها المنامات أعم من أن تكون باطلة أولا إذ الأضغاث هي الأباطيل مضافة إلى الأحلام بمعنى من، وقد تخصص !الرؤيا بالمنام الحق، والحلم بالمنام الباطل اهـ، وهذا وان سلم أنّ ذكر المشبه بأمر أعم لا ينافي الاستعارة لا تسلم صحته هنا لأنّ المبتدأ المقدّر رؤيا مخصوصة فقد وقع فيما فرّ منه على أنّ إضافة ة العام إلى الخاص لا تخلو من الكدر، إذ المعهود عكسها فإن أراد أنّ الضمير راجع إلى الرؤيا من غير اعتبار كونها مخلطة، وباطلة كما قالوه في نهاره صائم إذا جعلا مجازا من أنّ ذكر الطرفين مطلقاً لا ينافي الاستعارة بل إذا كان
على وجه ينبئ عن التشبيه سواء كان بالحمل كزيد أسد أو الإضمافة كلجين الماء على أنّ المشبه هنا هو شخص صائم مطلقا، والضمير لفلان من غير اعتبار كونه صائماً وهو محل كلام لكن العلامة في تفسير قوله في مقام أمين في سورة الدخان أشار إلى أنّ ذكر الأعم لا ينافي الاستعارة فانظره، وقد أورد على المصنف رحمه الله ما أورد على الزمخشري، وأجاب عنه المحشي بما ذكر ففيه ما فيه. قوله :( وإنما جمعوا للمبالغة في وصف الحلم بالبطلان ( في الكشاف أنه كما يقال فلان يركب الخيل، ويلبس عمائم الخز لمن لا يركب إلا فرسا واحداً، وما له إلا عمامة فردة تزيدا في الوصف فهؤلاء أيضاً تزيدوا في وصف الحلم بالبطلان فجعلوه أضغاث أحلام، وأباطيل، وفي الفرائد لما كانت أضغاث الأحلام مستعارة لما ذكر، وهي تخاليطها وأباطيلها، وهي قد تتحقق في رؤيا واحدة إذا كانت مركبة من أشياء كل واحد منها حلم فكانت أحلاما فلا افتقار إلى ما ذكره من التكلف، وهو كلام واه وان استحسنه الشارح الطيبي نعم ليس هذا من إطلاق الجمع على الواحد لوجود ذلك في هذا الجنس إذ الإضافة على معنى من، وقد أشار إليه صاحب الكشف في سورة آل عمران، واعلم أنّ الرضي قال في شرح الشافية إن جمع القلة ليس بأصل في الجمع لأنه لا يذكر إلا حيث يراد بيان القلة فلا يستعمل لمجرّد الجمعية، والجنسية كما يستعمل له جمع الكثرة يقال فلان حسن الثياب في معنى حسن الثوب، ولا يحسن حسن الأثواب، وكم عندك من الثوب أو من الثياب، ولا يحسن من الأثواب أص، وقد ذكره الشريف رحمه الله في شرح المفتاح، وهو مخالف لما ذكروه هنا فتأمّله، وقوله أو لتضمنه أشياء مختلفة يعني أنّ الأضغاث بمعنى التخاليط، وهي تقع في الرؤيا الواحدة، وأضافها للأحلام لا على أنها أحلام حتى يلزم إطلاق الجمع على الواحد بل على أنها من جنسها، وهذا ما ذكره صاحب الفرائد. قوله :( يريدون بالأحلام المنامات الباطلة ) الرؤيا، والحلم عبارة عما يراه النائم لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشيء الحسن وغلب الحلم على خلافه كما في الآية " وفي الحديث الرؤبا من الله والحلم من الشيطان " قال التوربشتي


الصفحة التالية
Icon