ج٥ص٢٠٦
يوسف والملك يقتضي أنه لم يكن ملكاً، وإنما كان على خزائنه كالعزيز، وكأنّ الرواية مختلفة فيه فإنه قيل إنه تسلطن، وهو المشهور، والتجهيز حمله، وما معه، وفي قوله فلما دخلوا على يوسف إيجاز تقديره فرحل يعقوب عليه الصلاة والسلام بأهله أجمعين، وساروا حتى أتوا يوسف عليه الصلاة والسلام فلما دخلوا الخ. قيل وكان دخولهم يوم عاشوراء. قوله :( بضعة وسبعين رجلاَ ) في الصحاح إذا جاوز العدد العشرة ذهب البضع فلا يقال بضع وعشرون لكن في المغرب ما يخالفه، وقد وقع في الحديث الصحيح في البخاريّ، وغيره :" الإيمان بضع وسبعون شعبة " ورأيت بضعة وثلاثين ملكاً، ولهذا قال الكرماني رحمه الله تعالى بعدما نقل كلام الجوهرفي أنه خطأ منه لأنّ أفصح الفصحاء تكلم به وكأنّ منشأ الغلط أنهم قالوا إنه لا يطلق على العشرة، وإنما يطلق على كسورها سواء كانت قبل العشرة أو بعدها فظن أنها لا تستعمل فيما بعدها فتأمّل، والهرمى جمع هرم. قوله :( ضم إليه أباه وخالته واعتنقهما نزلها منزلة الأمّ الخ ) تنزيل منصوب على أنه مصدر تشبيهي أي نزل الخالة منزلة الأمّ كما نزل العم منزلة الأب بقطع النظر عن كونها زوجة يعقوب عليه الصلاة والسلام، وعلى الوجه الثاني أنه لما تزوّجها بعد أمّه صارت راية له فنزلت منزلة الأم لكونها مثلها في زوجية الأب، وقيامها مقامها، والرابة امرأة الأب غير الأم كما أنّ الولد من غيرها يسمى ربيبا واسم الخالة ليا، وقيل راحيل وقيل إنّ أمة كانت في الحياة، وما قيل إنّ الله أحياها لم يثبت،
ولو ثبت مثله لاشتهر. قوله :( والمشيئة متعلقة بالدخول المكيف بالأمن ( قال صاحب التيسير الاستثناء داخل في الأمن لا في الأمر بالدخول لأنه أمر بالدخول، ووعد بالأمن والاستثناء يدخل في الوعد لا في الأمر وقال في الكشاف، إنّ المشيئة تعلقت بالدخول مكيفا بالأمن لأنّ القصد إلى اتصافهم بالأمن في دخولهم فكأنه قيل أسلموا وآمنوا في دخولكم إن شاء الله، ونظيره قولك للغازي ارجع سالما فإنما إن شاء الله فلا تعلق المشيئة بالرجوع مطلقاً، ولكن مقيداً بالسلامة والغنيمة مكيفاً بهما فقيل إنه إشارة إلى أنّ الكيفية مقصودة بالأمر كما إذا قلت ادخل ساجداً كنت آمراً بهما وليس إشارة إلى أنّ التركيب فيه معنى الدعاء إذ ليس المعنى على ذلك، وفيه نظر. قوله :( والدخول الآوّل كان في موضع خارج البلد حين استقبلهم ) توفيق لما يترا أى من منافاة الأمر بالدخول للبلد بعد ذكر أنهم دخلوا عليه إذ الدخول عليه المتبادر منه أنه فيها بانّ الدخول الأوّل كان عليه في موضع الاستقبال خارج مصر فهو متقدّم على الثاني، وفي الكشاف يجوز أن يكون قد خرج في قبة من قباب الملوك التي تحمل على البغال فأمر أن يرفع إليه أبواه فدخل عليه القبة فآواهما إليه بالضمّ، والاعتناق، وقرّبهما منه، وقال بعد ذلك ادخلوا مصر، وليس فيه مخالفة للنظم كما توهم لأن قوله رفع أبويه المراد به رفعهما على سريره في مجلسه وهو شيء آخر. قوله :( تحية وتكرمة له ) فإنّ السجود كان عندهم يجري مجراها دفع به السؤال بأنّ السجود لا يجوز لغير الله بأنه في غير شريعتنا، وقد كان جائزاً للتكرمة فنسخ وامّ أنه كان الأليق حينئذ سجود يوسف ليعقوب عليهما الصلاة والسلام فدفع بأنه تحقيق لرؤياه لحكمة خفية، وبأنّ يعقوب عليه الصلاة والسلام إنما فعله لتتبعه الأخوة فيه لأنّ الأنفة ربما حملتهم على الأنفة منه فيجر إلى ظهور الأحقاد الكامنة، وعدم عفو يوسف عليه الصلاة والسلام. قوله :( وقيل معناه خرّوا لآجله سجدا ) قال الإمام إنه قول ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الأقرب، وفي الكشاف إن في الكلام نبوة عنه فقيل لأنه جعله تأويل رؤياه من قبل، وقد ذكر فيها رأيتهم لي ساجدين، ودفع بأنّ القائل به يجعل اللام للتعليل فيهما كما صرحوا به أو بمعنى إلى ما في صلى للكعبة أي اتخذوني قبلة وسجدوا إليّ أي إلى جهتي وكون ضمير له لله مثله في المغني وإنما المخالفة بينهما في مرجع الضمير هل هو ليوسف عليه الصلاة والسلام والمعنى خرّوا ليوسف سجداً لله أو خرّوا لله سجدا شكرا على ما لقوا من يوسف عليه الصلاة والسلام، وقوله والواو أي ضمير خروا للأبوين، والأخوة وقيل إنه للأخوة فقط أولهم، ولمن هنأه بهم، والقائل فرّ من سجود يعقوب ليوسف عليهما الصلاة والسلام إذ اللائق العكس، وقد مر توجيهه، وهذا لا يناسب تأويل


الصفحة التالية
Icon