ج٥ص٢٠٧
الرؤيا. قوله :( والرفع مؤخر عن
الخرور إن قدم لفظاً ( لأن الواو لا تدلّ على الترتيب، وهذا دفع لقول الإمام تقوية للوجه الثاني بأنّ قوله رفع أبويه وخرّوا يدل على أنهم صعدوا ثم سجدوا ولو كان السجود ليوسف عليه الصلاة والسلام كان قبل الصعود يعني لأنه يكون تحية والمعتاد فعلها حين الدخول لا بعد الصعود والجلوس بخلاف سجدة الشكر، ومخالفة لفظه ظاهر الترتيب ظاهر المخالفة للظاهر فما قيل إن الملازمة غير بينة ولا مبينة ساقط. قوله :) رأيتها أيام الصبا ) إشارة إلى أن من قبل متعلق برؤياي، وجوّز تعلقه بتأويل لأنها أوّلت بهذا قبل وقوعها، وجوّز أبو البقاء كون من قبل حالاً من رؤياي، وكون الغايات لا تكون حالاً تقدم ردّه، وقوله صدقا إشارة إلى أنّ الحق بمعنى الصدق، والرؤيا توصف به ولو مجازاً وليس في كلامه إشارة إلى أنّ جعل يتعدّى لاثنين إذ يجوز في حقاً أن يكون مصدراً لفعل محذوف كما يجوز أن يكون بمعنى ثابتاً أي حق ذلك المرئي حقاً وثبت ئبوتا. قوله تعالى :) ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي ﴾ ( أحسن أصله أن يتعدى بإلى أو باللام كقوله : وأحسن كما أحسن الله إليك فقيل ضمن معنى لطف فتعدى بالباء كقوله :﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ وقول كثير عزة :
أسيئي بنا أوأحسني لاملومة لدينا ولامقلية إن تقلت
وقيل بل تتعدى بها أيضا وقيل هي بمعتى إلى، وقيل المفعول محذوف أي أحسن صنعه
بي فالباء متعلقة بالمفعول المحذوف، وفيه حذف المصدر دمابقاء معموله، وهو ممنوع عند البصريين، وإذ منصوب بأحسن أو بالمصدر المحذوف وفيه النظر المتقدّم، وإذا كانت تعليلية فالإحسان هو الإخراج، والإتيان أو ظرفية فهو غيرهما، وقيل إن تعدية لطف بالباء غير مسلمة بل تعديته باللام يقال لطف الله له أي أوصل إليه مراده بلطف، وهذا ما في القاموس لكن المعروف في الاستعمال تعديه بالباء وبه صرح في الأساس وعليه المعوّل، وسترى تحقيقه عن قريب. قوله :) ولم يذكر الجب لئلا يكون تثريباً عليهم ) ولأنّ الإحسان إنما تم بعد خروجه من السجن لوصوله للملك وخلوصه من الرق والتهمة والبادية والبدو والبداء بمعنى قيل سميت به لأنّ ما فيها يبدو للناظر لعدم ما يواريه، وقوله أهل البدو قيل إنّ يعقوب عليه الصلاة والسلام تحوّل إلى البادية بعد النبوّة لأن الله لم يبعث نبيأ من البادية. قوله :( أفسد بيننا وحرّض الخ ) الإفساد فعل الفساد، وأسنده إلى الشيطان مجازاً لأنه بوسوسته والقائه، وفيه تفاد عن تثريبهم أيضا والنزع كالنخس وهو معروف ثم استعمل مجازاً في الدخول للإفساد، وذكره لأنّ النعمة بعد البلاء أحسن موقعاً، وقوله الرابض بالراء المهملة، والباء الموحدة، والضاد المعجمة من ربض الدابة إذا رتع بها وكونه بالهمزة من الرياضة، وان صح غير مناسب. قوله :( لطيف
التدبير له ) يعني اللطيف هنا بمعنى العالم بخفايا الأمور المدبر لها، والمسهل لصعابها، ولنفوذ مشيئته فإذا أراد شيئا سهل أسبابه أطلق عليه اللطيف لأنّ ما يلطف يسهل نفوذه قال الراغب اللطيف ضد الكثيف، ويعبر اللطف عن الحركة الخفيفة، وتعاطي الأمور الدقيقة فوصف اللّه به لعلمه بدقائق الأمور ورفقه بالعباد فقوله لما يشاء متعلق بلطيف لأنّ المراد مدبر لما يشاء لا أنه يتعدى باللام كما صرّح به في الدر المصون وقال الطيبي رحمه الله تعالى أنّ المعنى لأجل ما يشاء فليس متعديا باللام كما قيل يعني إن هذا الاجتماع ثم طيب العيش، وفراغ البال بتسهيل الله له بعد صعوبته، وقوله إنه هو العليم الحكيم أي كونه المدبر في أفعاله لكونه عليما بجميع الاعتبارات الممكنة فيسهل صعابها، ويحكم بمقتضى الحكمة، وعن قتادة رحمه الله تعالى لطف بيوسف عليه الصلاة والسلام إذ أخرجه من السجن، وأتى بأهله من البدو ونزع نزغ الشيطان مما بينهم، وما أعقك بمعنى ما أعظم عقوقك وقيل المعنى ما جعلك عاقالي بترك الصلة بالمكتوب، وعندك هذه القراطيس، وقوله أنت أبسط مني إليه أي أقرب مني وأدلّ عليه من التبسط في الملاقاة، وقوله فهلا خفتني كان الظاهر فهلا خافني لكنه خاطبه تنزيلاً له منزلة الحاضمر، وهكذا المعتاد في ذكر جناية الجاني أن يؤتى فيها بالخطاب. قوله :( بعض الملك وهو ملك مصر ) الضمير إما للمضاف أو للمضاف إليه، والاحتمال الثاني لا ينافي