ج٥ص٢٠٨
قوله مكنا ليوسف في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء لأنه لم يكن مستقلاً فيه، وان كان ممكنا في جميع أرضها فتأمل. قوله :( الكتب أو الرؤي ) جمع رؤيا، وقوله أيضا أي كالتي قبلها، وقوله لأنه لم يؤت كل التأويل أي تأويل الكتب أو الرؤي لأنه لا يمكن أن يؤتى جميعها وإن كانت له ملكة ما لم يؤت، وقوله فاطر السماوات نعت لقوله رب أو بدل أو بيان أو نداء ثان أو منصوب بأعني، وقوله برأسه أي مستقل. قوله :( ناصري أو متولي أمري الخ ) يعني الوليئ إما من الموالاة فهو بمعنى الناصر أو من الولاية فمعناه متكفل بأمره أو بمعنى المولى كالمعطى لفظاً
ومعنى أي معطي نعم الدنيا والآخرة، وقوله أقبضني لأنّ التوفي استيفاء الشيء بقبضه وأخذه فلذا أطلق على الموت قيل، وفي تفسيره بهذا ذهاب إلى أنه تمنى الموت ولذا قيل إنه لم يتمن الموت نبيّ قبله ولا بعده وقيل إنه لم يتمن الموت وإنما عدد نعم الله عليه ثم دعا بأن تدوم تلك النعم في باقي عمره حتى إذا حان أجله قبضه على الإسلام وألحقه بالصالحين والحاصل أنه بمعنى الموافاة على الإسلام لا الموت ولا يرد عليه أنّ من المعلوم أنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يموتون إلا مسلمين إما لأنّ الإسلام هنا بمعنى الاستسلام لكل ما قضاه اللّه أو بيان لأنه، وان لم يتخلف ليس إلا بإرادة الله، ومشيئته وهو ظاهر، والحاصل أنهم اختلفوا في قوله توفني مسلما هل هو تمني الموت أو لا فكثير من المفسرين على أنه طلب الموت وبعضهم قالوا إنه طلب الوفاة في حال الإسلام وليس فيه دلالة على طلب الوفاة كقوله :﴿ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٣٢ ] طلب موتهم في حال الإسلام لا موتهم. قوله :( في الرتبة والكرامة ) قيل يوسف عليه الصلاة والسلام من كبار الأنبياء والصلاح أوّل درجات المؤمنين فكيف يليق به أن يطلب اللحاق بمن هو في البداية وأجيب بأنه طلبه هضما لنفسه فسبيله سبيل استغفار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذ قوله في الرتبة والكرامة راجع إلى قوله آبائي وفيه بعد ودفع بأن عامة الصالحين داخل فيهم أكابر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهو يريد من الله أن ينال كرامتهم فلا يرد السؤال حتى يحتاج إلى ما ذكر من الجواب، ولا يخفى ما فيه فإن عامة الصالحين إن أريد به الأنبياء منهم فلا دلالة للفظ عليه، وان أبقى على ظاهره عاد السؤال فالحق هو الجواب الأوّل فتأمل. قوله :( ثم تاقت نفسه إلى الملك المخلد ( أي اشتاقت نفسه إلى الملك المخلد وهو الآخرة رغبة وزهادة في ملك الدنيا وقوله فتمنى الموت أي بقوله توفني، وهو على أحد القولين، وقوله فتخاصم أهل مصر أي طلب كل أن يدفن في محلته والمدفن محل الدفن والصندوق بضم الصاد على الأفصح. قوله :( شرعا فيه ) بفتحات بمعنى سواء كقوله :
مجدي أخير أو مجدي أوّلاً شرع
وفي شرح الفصيح قال ابن درستويه قولهم أنتم فيه شرع أي سواء كأنه جمع شارع كخدم
في جمع خادم أي كلكم يشرع فيه شروعاً ويستوي فيه المذكر والمفرد وغيره، وأجاز كراع والقزاز تسكين رائه، وأنكر. يعقوب في الإصلاح، وقال إنما شرع بالسكون بمعنى حسب ا هـ، وقوله ثم نقله موسى عليه الصلاة والسلام إلى مدفن آباً ئه ببيت المقدس بعد أربعمائة سنة قيل، وأخرجه من صندوق المرمر لثقله، وجعله في تابوت من خشب، وعمره مائة وعشرون سنة نقله في اللباب عن التوراة، وقيل مائة وسبع سنين ففيه اختلاف، وقوله وهو جد يوشع عليه الصلاة والسلام الضمير لا فراثيم فكان ينبغي ذكره بجنبه ورحمة عطف عى إفراثيم وقوله ذلك إشارة وجوز فيه أن يكون اسما موصولاً، وهو مذهب مرجوج في كل اسم إشارة كما بينه النحاة. قوله :( خبران له ) أي لذلك ويجوز في جملة نوحيه أن تكون حالاً، وقوله كالدليل عليهما أي على الخبرين، وهو خبر مبتدأ محذوف، وقوله حين عزموا عزمهم همهم بإلقائه في الجب أو مكرهم بيوسف إذ حثوه على الخروج معهم وبأبيهم في استئذانه. قوله :( فتعلمتة منه ) وفي نسخة فتعلمه وأصله فتتعلمه، وقوله وإنما حذف هذا الشق الخ يعني أن الدال على أنه إخبار بالغيب مجموع أمرين عدم مشاهدته للقصة، وأصحابه وعدم ملاقاة من يعلمه ذلك فحذف الثاني لعلمه من ذكره في آية أخرى، وفي الكشاف وجه آخر، وهو أنه تهكم بهم إذ جعل المشكوك فيه كونه حاضرا معهم مشاهدأ لمكرهم فنفاه بقوله :﴿ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ ﴾ الخ فلما جعل