ج٥ص٢٠٩
المشكوك فيه ما لا ريب فيه دل على أنّ كونه لم يتعلم كفلق الصبح فجاء التهكم البالغ إذ حاصله أنكم أيها المكابرون علمتم أنه لم يشاهد من مضى من القرون الخالية وانكاركم لما أخبر به يفضي إلى أن تكابروا في عدم مشاهدته لهم وهذا كقوله :﴿ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٤٤، بهذا، ومنه ظهر وجه العدول عن أسلوب قوله ما كنت تعلمها أنت ولا قومك في سورة هود إلى هذا الأسلوب، وهذا أبلغ مما ذكره المصنف رحمه الله، وذكر لتركه نكتة أخرى، وهي أن المذكور مكرهم، وما دبروه، وهو مما أخفو. حتى لا يعلمه غيرهم فلا يمكن تعلمه من الغير، ولذا ترك الثاني، وهو وجه حسن. قوله :( وأما كثر الناس ولو حرصت الخ ( حرص من باب علم، وضرب وكلاهما لغة فصيحة،
وجملة ولو حرصت معترضة بين المبتدأ والخبر وقوله على الأنبياء بكسر الهمزة مصدر وتعريفه للعهد أي هذا الأنباء أو للجنس، والضمير عليه عائد على ما يفهم مما قبله، وكذا إذا عاد على القرآن ومعنى عليه على تبليغه والجعل الأجرة وحملة جمع حامل وحامل الخبر من يقصه ويحكيه مجاز مشهور.
قوله :( إن هو إلا ذكر عظة ) إن نافية، والذكر بمعنى التذكير والموعظة، وهو كالتعليل
لما قبله لأن الوعظ العام ينافي أخذ الأجر من البعض لأنه لا يختص بهم وقوله وكم يشير إلى أن كأين بمعنى كم التكثيرية الخبرية هنا وان وردت للاستفهام، والكلام عليها مفصل في النحو، وقوله وكأيّ عدد شئته وفي نسخة شئت إشارة إلى أنّ تمييزها مجرور بمن دائما أو أكثرياً وهي زائدة أو مبينة للتمييز المقدر، والآية هنا بمعنى الدليل الدال على ما ذكر وهي وإن كانت مفردة بمعنى الآيات لدلالة كأين على كثرتها ولذا فسرها بالجمع وقوله في السماوات والأرض صفة آية وجملة يمرّون خبر كأين وجوز العكس فيه، وعلى رفع الأرض! يكون في السماوات خبر كأين، وقوله ويشاهدونها لأنه ليس القصد إلى مجزد المرور بل مع المشاهدة وعدم الاعتبار بها، وقوله فيكون لها الضمير في عليها الأولى أن يقول فيكون الضمير في عليها لها أي للأرض! لا للآيات كما في القراءة الأخرى. قوله :) وبالنصب على ويطؤون ( أي قرئ الأرض! بالنصب بفعل محذوف تقديره ويطؤون الأرض، وقوله يمرّون عليها تفسير لها فهو من الاشتغال المفسر بما يوافقه في المعنى، وجوز فيه كون يمزون حالاً من ضمير يطؤون أو من الأرض، وقوله يتردّدون أي يذهبون ويجيئون، وهذا تفسير له على القرا آت الثلاث لا على القراءة الأخيرة أو هو لها ويعلم منه حال القراءتين بالقياس، ولا مانع منه، وقوله فيرون الآثار الأمم الهالكة وقريب منه ما قيل فيشاهدون ما فيها من الآيات وليس بينهما فرق كبير كما قيل. قوله :( في إقرارهم ) قيل لا يظهر لإقحام لفظ الإقرار فائدة، وقيل فائدته أنها نزلت في المشركين، والمعلوم إقرارهم لا مواطأة قلوبهم، وفيه نظر وكأنه إشارة إلى أنه إيمان لساني إذ
لا اعتداد به مع الشرك، وقوله بعبادة غيره بناء على أنها في مطلق المشركين، واتخاذ الأحبار أربابا لأهل الكتاب لأنهم اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله، والتبني أي اتخاذ الابن لله بقولهم عزير ابن اللّه والمسيح ابن الله، والقول بالنور الخالق للخير، والظلمة الخالقة للشرّ الذاهب إليه المانوية، والمجوس من الثنوية، وقوله النظر إلى الأسباب كالمال، والكسب، ونحو ذلك كالاعتماد على الخلق، وهو بيان للشرك الخفي المعنوي، ، كذا نسبه الآثار إلى الكواكب، وقولهم :" مطرنا بنوء كذا " كما وقع في الحديث، وقلما ينجو من النظر إلى الأسباب أحد، ولذا قال في الحكم كلك شرك خفيّ. قوله :( وقيل الآية في مشركي مكة ) أي على الاحتمال الأوّل، ولو قال فقيل كان أظهر، وكذا على الثاني يرجع إليه أيضاً، وقوله وقيل في أهل الكتاب على الاحتمال الثاني، وعلى الاحتمال الثالث فهو في الثنوية وعلى الرابع عام. قوله :( عقوبة تفشاهم وتشملهم ) فسر الغاشية بالعقوبة ليظهر تأنيثها، وبالمضارع إشارة إلى دلالة اسم الفاعل محلى الاستقبال، وقوله تشملهم تفسير لتغشاهم، وأنه من الغشاوة الدالة على الشمول والإحاطة لا من الغشيان بمعنى الإتيان لتكرره، وقلة جدواه، والعقوبة نعم الدنيوية والأخروية، وفجاة بضم الفاء والمد أو بالفتح، والقصر بمعنى المفاجأة والبغتة، وقوله من غير سابقة علامة من إضافة الصفة للموصوف أو سابقة مصدر بمعنى سبق، وهو قليل وقوله غير مستعدين بالنصب إشارة إلى أنّ عدم الشعور