ج٥ص٢١٠
عبارة عن عدم الاستعداد بتوبة، ونحوها فيفيد مع قوله بغتة، ولا حاجة إلى جعله تأكيداً لها كما قيل والجملة حالية كما أشار إليه بتأويلها بغير مستعدين. قوله :( يعني الدعوة إلى التوحيد الخ ( فهذه إشارة إلى الدعوة ولذا أنث، وان صح تأنيثه باعتبار السبيل أيضا لأنها مؤنثة في الأكثر كالطريق ودعوته إلى التوحيد معلومة من قوله تعالى :﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ ﴾ لدلالته على أنّ كونه ذكراً لهم لاشتماله على التوحيد لكنهم لا يرفعون له رأسا ودعوتهم للإيمان معلومة من حرصه على إيمانهم فإنه بدعوتهم له، والإعداد للمعاد من التخويف من مفاجأته من غير استعداد وجعل أدعو إلى الله مفسر الماء ذكر أما
بالنسبة إلى التوحيد واما بالنسبة للإعداد فكأنه من قوله على بصيرة لأن من كان على بصيرة استعد، وحمل غيره على الاستعداد أو هو تفسير للأهم المقصود بالذات منه، ومعنى أدعو إلى الله إلى معرفته بصفات كماله ونعوت جلاله ومن جملتها التوحيد والبعث. قوله :( وقيل هو حال من الياء ( وعلى الأوّل الجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب وتمريضه لأن الحال من المضاف إليه في مثله مخالفة للقواعد ظاهراً، ولذا تكلف بعضهم فقال إنه حينئذ مفعول مصدر مقدّر أي سلوك سبيلي لا لأنها تقييد للشيء نفسه لأن تقييدها بكونها على بصيرة يدفعه. قوله :( واضحة غير عمياء ) قد مرّ تحقيقه فتذكره، وقوله أو في على بصيرة أي أو للضمير المستتر في على بصيرة لأنه حال فيستتر فيه ضمير المتكلم وكذا إذا كان خبراً، وقوله عطف عليه أي على أنا في الوجه الأخير ولم يذكر عطفه على المستتر في الوجه الآخر لظهوره، وإذا عطف على المستتر ففيه تغليب كما مرّ تحقيقه في قوله :﴿ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٣٥ ] ومنهم من قدر في مثله فعلا عاملا في المعطوف، وقيل معنى قوله عطف عليه على المستتر لتأكده بالمنفصل، ولا يصح عطفه على أنا لكونه تأكيداً، ولا يصح في المعطوف كونه تأكيداً كالمعطوف عليه فتأمّل، وقوله أو مبتدأ عطف على قوله تأكيد، وقوله وأنزهه تنزيهاً إشارة إلى أنه منصوب. على المصدرية بفعل محذوف هو المعطوف، وقوله من الشركاء خصه به لدلالة السياق والسباق عليه. قوله :) رذ لقولهم لو شاء ربنا لأنزل ملانكة الخ ) أي نفي له كما مز في سورة الأنعام، وقيل معناه نفى استنباء النساء، وفيه اختلاف أيضاً كما مرّ وهذا التفسير منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وأمّا كونه نزل في سجاج بنت المنذر المتنبئة فلا صحة له، وإنما هو غلط من عبارة الزمخشري لأنّ ادّعاءها النبوّة كان بعد النبيّ ﷺ وكونه إخباراً بالغيب لا قرينة عليه وهي التي قيل فيها :
أضحت نبيتنا أنثى نطوف بها ولم تزل أنبياء الله ذكرانا
وتزوّجها مسيلمة لعنه الله ثم أسلمت بعده، وحسن إسلامها وقصتها معروفة في التواريخ. قوله :( وقرأ حفص! نوحي ) بالنون وهو مناسب لقوله أرسلنا، وقوله في كل القرآن يعني هنا، وفي النحل والأوّل من الأنبياء كما في النشر وكون أهل القرى أعلم من أهل البادية وأحلم مما لا شبهة فيه، ولذا يقال لأهل البادية أهل الجفاء، ونقل عن الحسن رحمه الله أنه
قال ل! يبعث رسول من أهل البادية، ولا من النساء ولا من الجن، وأما قوله تعالى :﴿ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ﴾ فقد مر أنهم ليسوا أهله، وإنما كانوا يخرجون إليه بمواشيهم، وكان مجيئهم إذ ذاك منه. قوله :) من المكذبين بالرسل والآيات الخ ( المشغوفين بالغين المعجمة ويجوز إهمالها، وقوله فيقلعوا أي يكفوا يقال أقلع عن الأمر إذا كف عنه، وفي نسخة ينقلعوا والصحيح الأولى. قوله :) ولدار الحال أو الساعة أو الحياة الآخرة ) إشارة إلى المذهب المختار في مثله فإن فيه مذهبين أحدهما أنه من إضافة الموصوف للصفة، والآخر أنه يقدر للصفة موصوف كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، وهو خلاف مشهور بين الكوفيين، والبصريين في مثل بقلة الحمقاء، ومسجد الجامع. قوله :) يستعملون عقولهم ليعرفوا ) وفي نسخة فيستعملون عقولهم بالفاء التفسيرية، وأما في النظم فسببية مزحلقة. قوله :( حملاَ على قوله قل هذه سبيلي أي قل لهم أفلا تعقلون ( أي أنه من مقول قل أي قل لهم مخاطبا أفلا تعقلون فالخطاب على ظاهره، وقوله وما أرسلنا إلى من قبلهم أو اتقوا اعتراض بين مقول القول، ولا ينافي الثاني كون تفسيره لقوله أفلا تعقلون على القراءتين كما توهم ولو جعل هذا التفاتا كان