ج٥ص٢١٧
لما ذكر كما مرّ تقريره، وقوله كالحركة المستمرّة أي في هذه النشأة، وقوله ينفع أي يجري العادة على ما أراده الله فليس ذهابا إلى تأثير العلويات. قوله : المدّة معينة يتم
فيها ) وفي نسخة بها أدواره أو لغاية الخ إشارة إلى أنّ الأجل كما يطلق على مدّة الشيء يطلق على غايتها كما مرّ، وأنّ التسخير لمنافع العباد في هذه الدار وعن ابن عباس رضي الله عنهما كل منهما يجري إلى وقت معين فإنّ الشمس تقطع الفلك في سنة، والقمر في شهر لا يختلف جري واحد منهما كما في قوله تعالى :﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ [ سورة ي!، الآية : ٣٨، قيل وهذا هو الحق في تفسير الآية، وأمّا قول المصنف رحمه الله تعالى أو لغاية مضروبة الخ فلا يناسب الفصل به بين التسخير والتدبير، ثم إنّ غايتهما المذكورة متحدة، والتعبير بكل يجري صريح في التعذد، وما للغاية إلى دون اللام وما رذ به من أنه إن أراد أنّ التعبير به صريح في تعذد ذوي الغاية فمسلم لكن لا يجديه نفعاً وان أراد صراحته في تعدد الغاية فغير مسلم واللام تجيء بمعنى إلى كما في المغني وغيره، وهو إنما يقتضي صحته لا مناسبته للظاهر ولما بعده وهو الذي ذكره المرجح لتفسير ابن عباس رضي الله عنهما على ما اختاره المصنف رحمه الله تعالى فتأمّل، ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ [ سورة التكوير، الآية؟ أ ] عبارة عن فناء العالم، وقيام الساعة كما سيأتي، وقوله أمر ملكوته أي ما يجري في ملكه. قوله :( ينزلها ويبينها مفصلة الخ ) فالمراد بالآيات آيات الكتاب المنزلة وهو المناسب لما قبله أو المراد بالآيات الدلائل لأنه المناسب لما بعده، والمراد بالدلائل رفع السماوات بغير عمد الخ، وتفصيلها بمعنى إحداثها وقال غيره بمعنى تبيينها، والمراد بالدلائل ما يدل على وجود الصانع وصفاته وألوهيته، وحكمته وقدرته، ويلزم من معرفة ذلك العلم بصحة القول بالحشر والنشر والجزاء كما ذكره المصنف رحمه اللّه تعالى بقوله أنّ من قدر الخ. قوله :( بسطها طولاً وعرضاً ( استدل به بعضهم على تسطيح الأرض وأنها غير كرية بالفعل، وأن من أثبته أراد به أنه مقتضى طبعها كما بين في محله ورد بأنه ثبت كريتها بأدلة عقلية لكنه لعظم جرمها يشاهد كل قطعة، وقطر منها كأنه مسطح، وهكذا كل دائرة عظيمة، ولا يعلم كريتها إلا الله. قوله :( جمع راسية الخ ( اعترض عليه بأنّ أئمة العربية كابن مالك وابن الحاجب، وأبي حيان صرّحوا بأن فواعل يجمع عليه فاعلة مطلقا، وفاعل إذا كان صفة مؤنث كحائض أو صفة ما لا يعقل مذكراً كجمل بازل وبوازل أو اسما جامداً أو ما جرى مجراه كحائط وحوائط، وأمّا صفة المذكر العاقل فلا تجمع عليه إلا شذوذاً كهالك وهوالك، ومن ظن أن فاعلاً المذكر لا يجمع عليه مطلقاً فقد غلط كما صرّج به ابن مالك في كافيته وشرحها، وهو مما لا شبهة فيه، وقد تبع المصنف
رحمه الله تعالى المشهور بينهم فأورد عليه ما أورد عليهم ثم إنّ ما ذكره لا يخلو من شيء لأنّ تاء المبالغة في فاعله غير مطردة، ولأن رواسي إذا كان صفة فموصوفه إمّا جبال أو أجبل والثاني غير مراد، ولأنه جمع جبل فيلزم كون مفرد رواسي راسيا والأوّل مفرده أيضا جبل لا أجبل لأنه ليس بجمع الجمع كما صرح به أهل اللغة، وأمّا قول أبي حيان رحمه الله تعالى بأنه غلب على الجبال وصفها بالرواسي، ولما استغنوا بالصفة عن الموصوف جمع جمع الاسم كحائط، وحوائط فلا حاجة إليه، وما أورد من أن الغلبة تكون بكثرة الاستعمال، والكلام في صحته من أوّل الأمر ففيما ذكره دور فيه نظر لأنّ كثرة استعمال الرواسي غير جار على موصوف تكفي لمدّعاه فتأمّل، وكذا ما قيل إنه جمع راسية صفة جبل مؤنث باعتبار البقعة. قوله :( على أنها صفة جبل الخ ( لما كانت صيغة جمع الكثرة للفظ تنتظم أضعاف عدد جمع القلة لذلك اللفظ، وان أريد بجمع القلة غاية ما يصح أن يطلق عليه فلذا قيل أجبل راسية، وجبال رواس ورد عليه ما قيل من أنه إما أن يرأد بالجبال إلا جبلات جمع الجمع فلا يخطر ببال أحد، ولا يتوقف تحقيق مراد المصنف عليه فمن أورد على المصنف أنه لا حاجة إلى جعل مفردها صفة لجمع القلة، وهو أجبل بأن يعتبر في جمع الكثرة انتظامه لطوائف من جموع القلة ينزل كل منها منزلة مفرده فقد ألزمه ما لم يلزمه وإذا صح إطلاق أجبل راسية على جبال قطر مثلأ صح إطلاق الجبال على جبال جميع الأقطار من غير إرادة جعل الجبال جمع أجبلات، وبما ذكرنا تبين أيضا فساد ما قيل إنه لا مجال


الصفحة التالية
Icon