ج٥ص٢١٩
في النسخ، فإنّ المعطوف عليه جنات، ثم إنه إذا عطف على جنات فهو واضح، وأئا إذا عطف على أعناب والزروع لا تعد حدائق فجعله في الكشف نحو متقلداً سيفا ورمحا أو المراد إنّ في الجنات فرجا مزروعة بين الأشجار، وهو أحسن منظراً وأنزه.
قوله :( وقرأ حفص! بالضتم وهو لغة بني تميم كقنوان في جمع قنو ) على قراءة الجمهور بالكسر هو مما اتحد فيه مثناه، وجمعه قال ابن خالويه في كتابه ليس، ولم يأت منه إلا ثلاثة أسماء صنو، وصنوان، وقنو وقنوان وزيد بمعنى مثل وزيدان، وحكى سيبويه شقد وشقدان وحش وحشان للبستان، وكون هذه مروية عن حفص نقله الجعيرقي رحمه اللّه تعالى في شرح الشاطبية فقال روى اللؤلؤي عن أبي عمرو القواس عن حفص ضمّ صاد صنوان فسقط ما قيل إنّ المصنف رحمه الله تعالى تبع فيه الإمام، ولكن لم تقع هذه القراءة منسوبة إلى حفص في كتب القرا آت المشهورة بل عزوها إلى ابن مصرف والسلمي، وزيد بن عليّ، وسبب اختلافهم أن القرا آت السبع لها طرق متواترة، وقد ينقل عنهم من طرق أخر قراءة فتكون شاذة، وقارئها أحد السبعة فأعرفه فإنه ينبني عليه أمور يعترض بها على الناقل كما هنا. قوله :( في الثمر ( الأكل بضم الهمزة، والكاف وتسكن ما يؤكل، وهو هنا الثمر، والحب ففي كلام المصنف رحمه الله تعالى تغليب، والأصول هي العناصر، والأسباب ما ينمو به كالسقي، وحز الشمس، ونحوه مما جعله الله سببا لذلك، وقوله ليطابق قوله يدبر الأمر ليس المراد أنّ القراءة بالرأي لأجل هذا كما توهم بل كان وجه نزولها كذلك في تلك، وهذا هو الظاهر، وقوله يستعملون
عقولهم إشارة إلى أنه نزل منزلة اللازم. قوله :( وإن تعجب يا محمد من إنكارهم الخ ) هكذا قرّره الزمخشريّ، واعترض عليه بأنّ هذا ليس مدلول اللفظ لأنه جعل متعلق عجبه ىسييه هو قولهم في إنكار البعث وجواب الشرط هو ذلك القول فيتحد الشرط، والجزاء إذ تقديره إن تعجب من إنكارهم البعث فأعجب من قولهم في إنكار البعث وهو غير صحيح، وإنما المعنى أن يقع منك عجب فليكن من قولهم أئذا متنا الخ. وما ذكره وجه حسن بجعل تعجب منزلاً منزلة اللازم، والخطاب للنبيّ ﷺ، وأمّا اعتراضه فغير صحيح لأنّ مرادهم بعد جعل الخطاب للنبيّ رسول الله ﷺ أنّ الشرط، والجزاء متحدان صورة ومتغايران حقيقة كقوله :" من كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرقه إلى الله ورسوله " وقوله من أدرك الصمان فقد أدرك المرعى وهو أبلغ في الكلام لأن معناه أنه أمر لا يكتنه كنهه ولا تدرك حقيقته وأنه أمر عظيم كما أشار إليه المصنف رحمه اللّه تعالى بقوله حقيق بأن يتعجب منه، وقيل الخطاب عام أي وإن تعجب يا من نظر في هذه الايات، وعلم قدرة من هذه أفعاله فازدد تعجباً ممن ينكر مع هذا قدرته على البعث، وهو أهون شيء عليه، وقيل المعنى إن تجدد منك التعجب لإنكارهم البعث فاستمرّ عليه فإن إنكارهم ذلك من الأعاجيب كما تدل عليه الاسمية. قوله :) فإنّ من قدر على إنشاء ما قصى عليك الخ ( يعني ما ذكر سابقاً من الأمور العجيبة التي تدلّ على قدرة يصغر عندها كل عظيم، ودلالة ما ذكر على المبدأ ظاهرة، وكذا قبول موادها التصرّفات بنموها، واخراجها الثمر، وغير ذلك. قوله :( بدل من قولهم ( قال أبو حيان رحمه الله تعالى هذا إعراب متكلف، والوجه هو الثاني من أنه مقول القول، والقرا آت في أئذا وأئنا مسطورة في فنها، وقوله والعامل في إذا محذوف دل عليه أئنا لفي خلق جديد، وهو نبعث قال أبو البقاء رحمه الله تعالى، ولا يجوز أن يعمل فيه ما بعد أن، والاستفهام لأنّ معمول ما بعدهما لا يجوز تقدمه عليهما، ولا كنا لأنّ إذا مضافة إليه وردّ الثاني في المغني بأنّ إذا عند من يقول بأنّ العامل فيها شرطها، وهو المشهور غير مضافة كما يقوله الجميع إذا جزمت كقوله :
واذا تصبك خصاصة فتحمل
قيل فالوجه في ردّه أنّ عمله فيها موقوف على تعيين مدلولها، وتعيينه ليس إلا بشرطها فيدور، وفيه نظر لأنها عندهم بمنزلة متى، وايان غير معينة بل مبهمة كما في ذكره القائلون به،
وصرّج به في المغني. قوله :( لآنهم كفروا بقدوته على البعث ) كما يدل عليه ما قبله من إنكارهم له، وهو كفر بالله لأنّ من أنكر قدرته فقد أنكره لأنّ الإله لا يكون عاجزاً، ولأنه تكذيب لله، ولرسله عليهم الصلاة والسلام المتفقون عليه. قوله :( مقيدون بالضلالة لا يرجى