ج٥ص٢٢٨
العبادة. قوله :( والحق على الوجهين ما يناقض الباطل ) أي على وجهي تفسير الدعاء السابقين، وقوله واضافة الدعوة أي إلى الحق المقابل للباطل عليهما لما بين الدعوة بالمعنيين، وبين الحق بهذا المعنى من الملابسة لأنّ عبادة الله، والدعوة إليها ودعاء الله يتصف بالحقية، واضافة الصفة إلى الموصوف عند من لا يؤوّلها بتقدير موصوف هو المضاف إليه لأدنى ملابسة كما في شرح التسهيل، والى الوجه الثاني أشار بقوله تأويل دعوة المدعوّ الحق أي دعوة المدعوّ إليه غير الباطل، والمدعوّ إليه العبادة لا الله فحذف الموصوف وأقيصت صفته مقامه، وليس فيه ردّ على الزمخشري حيث قدر المدعوّ إذا أريد بالحق الله لأنه كلام آخر فلا منافاة بينهما كما توهم، وبهدّا التقرير اندفع ما قيل عليه إنه لو كان الحق مصدراً كالصدق ظهر صحة ما قاله لكنه صفة يصح حمله مواطأة على الدعوة لما فسره به. قوله :( وقيل الحق هو اللّه وكل دعاء إليه دعوة الحق ا لما كان لكلام مسوقا لاختصاصه تعالى بأن يدعي، ويعبد ردّاً لمن يجادل في الله ويشرك به الأنداد فلا بدّ أن يكون في الإضافة إشعار بهذا الاختصاص، فإن جعل الحق مقابل الباطل فهو ظاهر، وان جعل اسما له تعالى فالأصل دعوة الله تأكيداً للاختصاص باللام والإضافة، ثم زيد ذلك بإتامة الظاهر مقام الضمير معاداً بوصف ينبئ عن اختصاصها به أشذ اختصاص، فقيل له دعوة المدعوّ الحق، والحق من أسمائه تعالى يدل على أنه الثابت بالحقيقة، وما سواه باطل من حيث هو وحق بتحقيق اللّه له، وبهذا سقط ما قيل إن مآل الكلام على هذا لله دعوة الله فهو كما تقول لزيد دعوة زيد، وهو غير صحيح ولا حاجة إلى تأويله بأنّ المراد دلّه الدعوة التي تليق أن تنسب، وتضاف إلى ذاته فإنه قليل الجدوى. قوله :( والمراد بالجملتين ) يعني وهو شديد المحال وله دعوة الحق، وهذا بيان لمناسبتهما لما قبلهما واتصالهما به فإن كان سبب نزول الأوّل قصة اربد وعامر فظاهر لأنّ إصابته بالصاعقة من حيث لا يشعر من مكر الله به ودعوة الحق دعاء النبيّ ﷺ عليه وعلى صاحبه بقوله :" احبسهما عني بما شئت " فأجيب فيهما فكانت الدعوة دعوة حق فإن لم يكن الأوّل في قصتهما فهو وعيد
للكفرة على مجادلتهم الرسول ﷺ بحلول محاله بهم، واجابة دعائه إن دعا عليهم واتصاله ظاهر أيضا، وقوله محال من الله أي كيد على طريق التمثيل، واجابة لدعوة رسوله، وهي قوله ﷺ فيهما احبسهما عني بما شئت وفيه لف ونشر للجملتين المذكورتين، وقوله : أو دلالة على أنه الحق لأنه ناظر إلى تفسير الدعوة بالعبادة، أو الدعاء إليها أي الرسول ﷺ على الحق في ذلك، وقوله وعيد الخ بيان لمعنى الجملة الأولى على معنى الدعوة الثانية، وتهديدهم معطوف عليه بيان للثانية عليه أيضاً ناظر إلى تفسير الدعوة الثاني، وقوله أو بيان ضلالهم الخ ناظر إلى تفسير الدعوة الأوّل، وضلالهم وفسادهم كونهم على الباطل في عبادة غيره تعالى. قوله :( والذين يدعون الخ ) أي الذين إمّا عبارة عن المشركين ومفعول يدعون محذوف لدلالة من دونه عليه لأنّ معناه متجاوزين له، وتجاوزه بعبادتها ولاستدعاء الدعوة ومدعوّآ له أو الأصنام فعائد الموصول محذوف أي يدعونهم، وقدر ضمير العقلاء لمناسبة صيغة الذين ففيه تنزيله منزلة أولي العلم بناء على زعمهم، وقوله عليه متعلق بدلالة، وقوله من الطلبات بيان لشيء وهو جمع طلبة بمعنى مطلوب. قوله :( ١ لا استجابة كاستجبابة من بسط كفيه الخ ( يعني الغرض! نفي الاستجابة على القطع بتصوير أنهم أحوج ما يكونون إليها لتحصيل مباغيهم أخيب ما يكون أحد في سعيه لما هو مضطرّ إليه فضلا عن مجرّد الحاجة، والحاصل أنه شبه آلهتهم حين استكفائهم إياهم ما أهمه بلسان الاضطرار في عدم الشعور فضلا عن الاستطاعة للاستجابة، وبقائهم لذلك في الخسران بحال ماء بمر أي من عطشان باسط كفيه إليه يناديه عبارة، واشارة فهو لذلك في زيادة ظمأ وشدة خسران، والتشبيه على هذا من المركب التمثيلي في الأصل أبرز في معرض! التهكم حيث أثبت للماء استجابة زيادة في التخسير والتحسير فالاستثناء مفرغ من أعمّ عام المصدر أي لا يستجيبون شيئا من الاستجابة، وأمّا إذا شبه الداعون بمن أراد أن يغرف الماء بيديه فبسطهما ناشراً أصابعه في أنهما لا يحصلان على طائل، وقوله في قلة جدوى