ج٥ص٢٢٩
دعائ! أراد عدم الجدوى لكه بالغ بذكر القلة، وارادة العدم دلالة على تحقيق الحق، وايثار الصدق لإشمام طرف من التهكم فهو من تشبيه المفرد المقيد كقولك لمن لا يحصل من سعيه على شيء كالراقم على الماء فإنّ المشبه هو الساعي مقيداً بكون سعيه كذلك، والمشبه به هو الراقم مقيداً بكونه على الماء، وكذلك فيما نحن فيه، وليس من المركب العقلي في شيء على ما توهم نعم وجه الشبه عقلي اعتباري، والاستثناء مفرغ من أعم عام الأحوال أي لا تستجيب الآلهة لهؤلاء الكفرة الداعين إلا مشبهين، أعني الداعين بمن بسط كفيه ولم يقبضهما،
وأخرجهما كذلك فلم يحصل على شيء لأنّ الماء يحصل بالقبض لا بالبسط، وقوله يطلب منه أن يبلغه فاعل يطلب الباسط، وضمير منه ويبلغه للماء أو فاعل يبلغ للماء ومفعوله للفم، وقوله وما هو يبالغه ضمير هو للماء وبالغه للفم، وقيل الأوّل للباسط، والثاني للماء وهو لا يناسب نفي الاستجابة وفيه نظر. قوله :) فيبسط كفيه ) بسط الكف نشر الأصابع ممدودة كما في قوله : تعؤد بسط الكف حتى لوأنه أراد انقباضا لم تطعه أنامله
وقوله ليشربه هو في هذا الوجه وفي الأوّل بسط يديه للدعاء والإشارة إليه كما مز وما نقل عن
عليّ رضي الله عنه من أنه في عطشان على شفير بئر بلا رشاء فلا يبلغ قعر البئر، ولا الماء يرتفع إليه راجع إلى الوجه الأوّل، وليس مغايراً له كما قيل والاستثناء في قوله إلا كباسط على حد قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
قوله :) في ضياع وخسار وباطل ) قيل إمّا ضياع دعائهم لآلهتهم فظاهر لكنه فهم مما
سبق، رأمّا ضياع دعائهم لله لكفرهم وبعدهم عن حيز الإجابة فيرد عليه أنّ المصرح به في كتب الفتاوى أنّ دعاء الكافر قد يستجاب إلا أن يحمل على الأوّل ويجعل مكرّراً للتأكيد، أو على الثاني ويقيد بما يتعلق بالآخرة، ولك أن تجعله مطلقاً شاملا لهما ولا يعتذ بما أجيب منه. قوله :) يحتمل أن يكون السجود على حقيقته الخ ( ويؤيده من المخصوصة بالعقلاء لكن قيل إنه يأباه تشريك الظلال معهم والمعنى الثاني على عكس هذا كما لا يخفى، وقيل إنه يقدو له فعل أو خبر أو يكون هو مجازاً ولا يضرّ الحقيقة لكونه بالتبعية والعرض! فتأمل هذا كله من عدم تأقل كلام المصنف رحمه الله تعالى فإنّ مراده بالحقيقة ليس ما يقابل المجاز بل ما يقابل ألانقياد فيئ ألمعنى وان كان مجازياً والحقيقة المذكورة إن كانت في مقابلته فقط فهي شاملة لما كان بال!. ض أما على مذهب المصنف رحمه الله في جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز فظاهر أو يراد به الوقوع على الأرض! بطريق عموم المجاز فيشمل سجود الظلال أيضأ وضمير ظلالهم ينبغي أن يرجع لمن في الأرض! لأنّ من في السماء لا ظل له إلا أن يحمل على التغليب أو التجوّز. قوله :( طوعا حالتي الشدّة والرخاء ) فالطوع بالنسبة إلى الملائكة والمؤمنين، وهو على حقيقته، والكره بالنسبة إلى الكفار في حالة الشدّة والمراد به الاضطرار والإلجاء فيشمل المنافقين المصلين خيفة السيف، والظاهر أنه بمنزلة الكره لا كره حقيقي، وقيل إنّ قوله في حالتي الشدة والرخاء إشارة إلى أنهما مجازان عن الحالتين، والمقصود استواء حالتيهم في أمر السجود، والانقياد بخلاف الكفرة وفيه نظر، وقال أبو حيان رحمه اللّه الساجدون كرهاهم الذين
ضمهم السيف إلى الإسلام قال قتادة فيسجد كرهاً فإثا نفاقاً أو يكون الكره، أوّل حاله فتستمز عليه الصفة وان صح إيمانه بعد، وقوله بالعرض! أي بالتبع، وهو مقابل للحقيقة أو مندرج فيه كما مز. قوله :) وأن يراد به انقيادهم لإحداث ما أراده الخ ( يعني سجود من ذكر إفا استعارة للانقياد المذكور أو مجاز مرسل لاستعماله في لازم معناه لأنّ الانقياد مطلقاً لأزم للسجود، وشاؤوا بمعنى رضوا ولم يكرهوا، وتقلص الظل ارتفاعه ونقصه. قوله. ( وانتصاب طوعاً وكرهاً بالحال أو العلة ( أفا الأوّل فإن قلنا بوقوع المصدر حالاً من غير تأويل فهو ظاهر هالا فهو بتأويل طائعين، وكارهين وإذا كان علة أي مفعولاً لأجله فالكره بمعنى الإكراه، وهو مصدر من المبني للمفعول ليتحد فأعلاهما كما مرّ تحقيقه، وعلى قول ابن خروف فهو على ظاهره، وما قيل عليه من أنّ اعتبار العلية في الكره غير ظاهر فإنّ الكره الذي يقابل الطوع، وهو الإباء لا يعقل كونه علة


الصفحة التالية
Icon