ج٥ص٢٣٠
للسجود قد مز دفعه في قوله خوفاً وطمعا فإنّ العلة ما يحمل على الفعل، أو ما يترتب عليه لا ما يكون غرضا له فتذكره. قوله :) ظرف ليسجد ( فالباء بمعنى في وهو كثير والمراد بهما الدوام لأنه يذكر مثله للتأبيد فلا يقال لم خصا به، وإذا كان حالاً من الظلال فيصح فيه ذلك أيضا، أو يقال التخصيص لأنّ امتدادها وتقلصها فيهما أظهر، وقيل المراد إنّ الامتداد في الآصال أظهر، والتقلص في الغدوّ أظهر أمّا الأوّل فلأن في الأصيل يزيد الظل في زمان قصير كثيراً، وأمّا الثاني فلأن نقصانه في زمان قليل كثير. قوله :( والغدوّ جمع غداة كقنى جمع قناة ) بقاف، ونون وهي الرمح ومجرى الماء، والآصال جمع أصيل وأصله أ أصال بهمزتين فقلبت الثانية ألفا، وقراءة الإيصال بكسر الهمزة على أنه مصدر آصلنا بالمد أي دخلنا في وقت الأصيل كما قاله ابن جني، وهي قراءة لابن مجلز شاذة، وقد اقتصر على الوجه الثاني في سورة النور وسيأتي الكلام عليه هناك، وقوله خالقهما ومتولي أمرهما لأن الرب يكون بمعنى الخالق، أو بمعنى المربي الذي يتولى أمر من رباه واليهما أشار المصنف رحمه اللّه. قوله :( أجب عنهم بذلك إذ لا جواب لهم سواه الخ ) قد مرّ الكلام في هذا ونكتة مبادرة السائل إلى الجواب، والجواب عن الخصم، وقد وجهه المصنف رحمه اللّه هنا بأنه لتعينه للجواب، ولأنه لا نزاع فيه للمسؤول منه، والفرق بينهما أنه على الأوّل متعين عقلا سواء كان بينا أو لا، وعلى الثاني أنه أمر مسلم ظاهر لكل أحد بقطع النظر عن تعينه، ولهذه المغايرة عطفه فلا وجه
لما قيل الأولى ترك العطف ليكون علة للأوّل، وعلى الأخير لقنهم الجواب ليتبين لهم ما هم عليه من مخالفتهم لما علموه وقيل إنه حكاية لاعترافهم، والسياق يأباه. قوله :( ثم ألزمهم بذلك الخ ) مترتب على الجواب أي أنه لقنهم الجواب ليلزمهم ويقول لهم إذا علمتم أنه الخالق المتولي للأمور فكيف اتخذتم أولياء غيره وفيه إشارة إلى أنّ الاستفهام للإنكار، وأنّ إنكار ذلك مترتب على ما قبله مسبب عنه، وإنما أتى المصنف رحمه الله بثم في التفسير إشارة إلى أنه تعكيس، وإلى أنه لا ينبغي أن يترتب على ذلك الاعتراف هذا بل عكسه، وليس إشارة إلى أنه لو عطف لكان حقه أن يعطف بثم، كما قيل وكذا كونه إشارة إلى أن الفاء للبعد فإنه لم يقله غيره، وإنما هو إشارة إلى استبعاد التعقيب كما يدل عليه إنكاره فتأمّل. قوله :( لأنّ اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل ) يعني أنه لإنكار التعقيب فالتعقيب واقع منهم وإليه الإشارة وإنكاره استبعاد لصدوره من العقلاء كما أشار إليه بقوله، ثم فتعقيبهم ذلك الاعتراف بالاتخاذ عكس قضية العقل، والسببية مقتضى أفعالهم، ولذا كان إلزاما لهم فلا وجه لما قيل إنها للتعقيب لا للسببية، ولو جعلت لسببية الجواب لإنكار الاتخاذ لم يبعد. قوله :( لا يقدرون أن يجلبوا إليها نفعاً الخ ) الملك التصرّف، ويطلق على التمكن منه والقدرة كما ذكره الراغب وأشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله يجلبوا إليها أي إلى أنفسهم. قوله :( فكيف يستطيعون إيقاع الخير ودفع الضرّ عنهم ) كذا في أصح النسخ هنا، والإيقاع أفعال من الوقوع وضمير عنهم للذين يدعون، ولا إشكال على هذه النسخة، وفي نسخة أخرى إنفاع الغير ودفع الضر عنه، واعترض عليه بأن لفظ الإنفاع من النفع لم يذكر في كتب اللغة، ولم يسمع من العرب، وقد استعمله المصنف رحمه الله في غير هذا المحل كسورة الجن وهو خطأ وفي أخرى إنفاع الغير، ودفع الضرّ عنهم بضمير الجمع باعتبار معنى الغير ولا بعد فيه كما قيل وقيل إن هاتين النسختين من تصحيف الكتاب. قوله :( وهو دليل ثان على ضلالهم ) قيل الدليل الأوّل هو ما يفهم من قوله :﴿ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء ﴾ [ سورة الرعد، الآية : ١٦ ] وقيل إنه ما يفهم من قوله والذين يدعون من دونه الخ وهذا أظهر، وان كان الأوّل أقرب من كلام المصنف رحمه الله، ولا خطأ فيه كما توهم. قوله :) المشرك الجاهل بحقيقة العبادة الخ ) هذا المراد منه فهو استعارة تصريحية كما في القول بأنّ المراد الجاهل بمثل هذه الحجة، والعالم بها وقيل إنه تشبيه، والمعنى لا يستوي المؤمن والكافر كما لا يستوي الأعمى والبصير فهو حقيقة، وليس المراد على الأوّل بالعمى والبصر القلبيين فتأنل. قوله :( المعبود النافل عنكم الخ ) هذا من إرخاء
العنان والا فلا إدراك لها أصلا حتى تتصف بالغفلة، ويصح أن يطلقه لمقابلة