ج٥ص٢٣٢
ولا وجود غالبا معه لا وجه له، واحتمل بمعنى حمل، وقال أبو حيان عرّف السيل لأنه عنى به ما فهم من الفعل، والذي يتضمنه الفعل من المصدر !ان كان نكرة إلا أنه إذا عاد في الظاهر كان معرفة كما كان لو صرّج به نكرة، وكذا يضمر إذا عاد على ما دل عليه الفعل من المصدر نحو من كذب كان شرّاً له أي الكذب، ولو جاء هنا مضمراً لكان جائزا عائدأ على المصدر المفهوم من فسالت، وأورد عليه إنه كيف يجوز أن يعنى به ما فهم من الفعل، وهو حدث والمذكور المعرّف عين فإنّ المراد به الماء السائل، وأجيب بأنه بطريق الاستخدام وهو غير صحيح لا تكلف كما قيل لأن الاستخدام أن يذكر لفظ بمعنى،
ويعاد عليه ضمير بمعنى آخر سواء كان حقيقياً أو مجازيا، وهذا ليس كذلك لأنّ الأوّل مصدر أي حدث في ضمن الفعل، وهذا اسم عين ظاهر يتصف بذلك الحدث فكيف يتصوّر فيه الاستخدام نعم ما ذكروه أغلبيّ لا مختص بما ذكر فإن مثل الضمير اسم الإشارة، وكذا الاسم الظاهر كما في قول بعض أهل العصر.
أخت الغزالة إشراقا وملتفتا
وقد فصلناه في محل آخر فالحق أنه إنما عرّف لكونه معهوداً مذكوراً بقوله أودية، وانما
لم يجمع لأنه مصدر بحسب الأصل. قوله :( ومما توقدون عليه في النار ) هذه جملة أخرى معطوفة على الجملة الأولى لضرب مثلى آخر كما سيذكره المصنف رحمه الله، والفلز بكسر الفاء، واللام وفي آخره زاء معجمة مشددة ما يخرج من الأرض من الجواهر المعدنية التي تنطبع بالمطرقة كالذهب والفضة والنحاس والرصاص، وبقية الأجساد السبعة وتطلق على ما يتطاير منها وينفصل عند التطريق، وهذا هو المشهور وهو المراد وفيه لغات، وله معان قال في القاموس الفلز بكسر الفاء واللام، وتشديد الزاي وكهجف وعتل نحاس أبيض يجعل منه القدور المفرغة أو خبث الحديد أو الحجارة أو جواهر الأرض كلها أو ما ينفيه الكير من كل ما يذاب منها، وقوله يعم أي لفظه شامل لها. قوله :( على وجه التهاون ) هو تفاعل من الهوان وهو التذلل والجار والمجرور حال من فاعل يعم، واستفادة التهاون من عدم ذكرها بأسمائها والعدول إلى وصفها بالإيقاد والضرب بالمطارق الذي الإيقاد لأجله ونحوه، وقوله إظهاراً لكبريائه أي لعظمته علة للتهاون بها بما مرّ لأن أشرف الجواهر خسيس عنده تعالى إذ عبر عن سبكه بإيقاد النار به المشعر بأنه كالحطب الخسيس، وصوره بحالة هي أحط حالاته وهذا لا ينافي كونه ضرب مثلا للحق لأن مقام الكبرياء يقتضي التهاون به مع الإشارة إلى كونه مرغوباً فيه منتفعاً به بقوله ابتغاء حلية أو متاع فوفى كلاً من المقامين حقه فما قيل إن الحمل على التهاون لا يناسب المقام لأن المقصود تمثيلى الحق بها وتحقيرها لا يناسبه ساقط، وابتغاء
مفعول له أو حال، وقوله طلب حلي يشير إلى أنه مفعول له وحلي بوزن رمى أو بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء ما يتحلى ويتزين به، والأواني جمع آنية وهي معروفة، وقوله ومما توقدون الخ إشارة إلى أن الجار والمجرور خبر مقدم وزبد مبتدأ والمراد بالزبد الثاني خبث الجواهر المذكورة ومن في مما للابتداء أي نشأ منه أو هو بعضه، وقوله مثل الحق والباطل إشارة إلى أنّ في الكلام مضافاً مقدرا وفي نسخة بمثل والقرينة على المقدر قوله كذلك يضرب الله الأمثال، وقوله في النار صفة مؤسسة لأنّ الموقد عليه يكون في النار وملاصقا لها وقيل إنها مؤكدة. قوله :) فإنه ) أي الله تعالى مثل الحق بتشديد الثاء أي أتى به على طريق التمثيل المركب، إذ شبه الحق وثباته للنفع والباطل وعدم ثباته، وقوله في منافعه بالنون والقاف والعين جمع منقع، وهو مجتمع الماء كالغدران وفي نسخة منابعه بالباء الموحدة بدل القاف جمع منغ والأولى أظهر لأنه الذي يناسب السلوك بعده وقوله وبالفلز عطف على قوله بالماء إشارة إلى أنه تمثيل آخر، وبين ذلك أي وجه الشبه في المذكور بقوله فأمّا الزبد الخ تبدأ بالزبد في البيان، وهو متأخر في الكلام السابق وفي التقسيم يبدأ بالمؤخر كما في قوله يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الذين اسودّت الخ وقد راعى الترتيب فيه، ولك أن تقول النكتة فيه أنّ الزبد هو الظاهر المنظور أوّلاً وغيره باق متأخر في الوجود لاستمراره، والاية من الجمع والتقسيم على ما فصله الطيبيّ. قوله :( يجفأ به أي يرمي به السيل الخ ) يقال جفأ الوادي بالسيل، والماء بالزبد إذا قذفه ورمى به فالباء