ج٥ص٢٣٥
على صدقة السز والعلانية على ما ينبغي إظهاره كالزكاة أو أبقى على إرادة العموم منه لكان له وجه. قوله :) فيجارّون الإساءة بالإحسان الخ ( أي يقابلونها بها مع القدرة على غيرها، وهذا كما فسر بدفع الشرّ بالخير وفي الوجه الثاني يكون كقوله تعالى :﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [ سورة هود، الآية : ١١٤ ] وهو مخصوص بالصغائر أو بدفع الذنب بالتوبة. قوله :( عاقبة الدنيا ( يعني تعريف الدار للعهد والمراد بها دار الدنيا وعاقبتها الجنة لأن العاقبة المطلقة هي الجنة قال تعالى :﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٢٨ ا ] وترك قوله في الكشاف لأنها هي التي أراد الله لأنه مبنيّ على الاعتزال للتفادي عن نسبة دار الشرّ إليه كما لا ينسب الشرّ إليه عندهم وتبعية الإمام له في ذلك غفلة عما أراد أو أنه لم ينظر إلى مفهومه، وإنما قال مآل أهلها ليشمل الفاسق المعذب فإنه يؤول أمره إليها لأنه موصوف بهذه الصفات في الجملة فإن كان خارجا منها فالمراد مالهم من غير تخلل لدخول النار. قوله :( إن رفعت بالابتداء ) وهو الأوجه لما في الكشف من رعاية التقابل بين الطائفتين، وحسن العطف في قوله ولا ينقضون وجريهما على استئناف الوصف للعالم، ومن هو كالأعمى والاستئناف نحويّ أو بيانيّ في جواب ما بال الموصوفين بهذه الصفات، وقوله بدل أي بدل كل من كل. قوله :( أو مبتدأ خبره يدخلونها ( قيل إنه بعيد عن المقام والأولى أن يقال خبر مبتدأ محذوف، ولا وجه له لأنّ الجملة بيان لقوله :﴿ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ فهو مناسب للمقام، وبطنان الجنة وسطها فيكون بدل بعض وقوله للفصل بالضمير أي المنصوب الذي هو مفعول، وقوله أو مفعول معه اعترض عليه بأنها لا تدخل إلا على المتبوع، ورد بأنه إنما ذكر في مع لا في واو المعية وفيه نظر. قوله :( وهو دليل على انّ الدرجة تعلو بالشفاعة الخ ) قيل إنه لا دلالة على ما ذكر خصوصاً إذا كان ومن صلح مفعولاً معه وأجيب عنه بأنه إذا جاز أن تعلو بمجرّد التبعية للكاملين في الإيمان تعظيما لشأنهم فالعلوّ بشفاعتهم معلوم بالطريق الأولى ( أقول ا لما كانوا بصلاحهم مستحقين لدخول الجنة كان جعلهم في درجتهم يقتضي طلبهم لذلك، وشفاعتهم لهم بمقتضى الإضافة فتأمّل. قوله :) أو أنّ الموصوفين بتلك الصفات الخ ) على هذا الوجه لا دلالة فيه على أنّ دخولهما بالتبعية بل إنهم بعد الدخول يجمع بينهم،
وبين أهلهم تأنيساً لهم وجمعا لشملهم ودلالته على عدم نفع النسب في الآخرة من توصيفهم بالصلاح دون أن يقال وآباؤهم الخ وظاهر كلامه أنّ من قرن بهم يكون موصوفا بتلك الصفات أيضا، فما قيل في قوله يقرن بعضهم ببعض إنه إذا قرن بهم من هو أدنى منهم فلأن يقرن من هو مثلهم في تلك الصفات أولى فيه بحث. قوله :( أو من أبواب الفتوح والتحف ) الفتوح جمع فتح، وهر الرزق الذي يفتح اللّه به عليهم مما لم يكن على بال من الأرزاق وليس التحف عطف تفسير له، وقيل المراد بالباب النوع ومن للتعليل والمعنى يدخلون لاتحافهم بأنواع من التحف، وفي كون الباب بمعنى النوع كالبابة نظر فإن ظاهر كلام الأساس وغيره أنه معنى الثاني فالظاهر أنه مجاز أو كتابة عما ذكر لأنّ الدار التي لها أبواب إذا أتاها الجم الغفير يدخلونها من كل باب فأريد به دخول الأرزاق الكثيرة عليهم وأنها تأتيهم من كل جهة وتعدد الجهات يشعر بتعدّد المأتيات فإنّ لكل جهة تحفة. قوله :( قائلين سلام عليكم ( أي هو حال بتقدير القول قيل، ولم يقل أو مسلمين كما في الكشاف لابتنائه على أنه إنشاء للتسليم وقد جعله المصنف رحمه الله للإخبار لأنه المناسب للمقام بدلالة قوله بشارة بدوام السلامة والدوام مستفاد من الجملة الاسمية، وفيه نظر لأنّ الجملة الإنشائية لا تقع حالاً فالظاهر أنّ مراده أنها مفعول قائلين المقدر الواقع حالاً من فاعل يدخلون أو هو حال من غير تقدير لأنها فعلية في الأصل أي يسلمون سلاما. قوله :( متعلق بعليكا ) أي بما تعلق به عليكم أو به نفسه لأنه نائب عن متعلقه، وقد مغ هذا السفاقسي لا بسلام لأنه لا يفصل بين المصدر ومعموله بالخبر لأنه أجنبيّ قاله أبو البقاء، وجوّزه غير أبي البقاء قال في الدر المصون وجهه أنّ المنع إنما هو في المصدر المؤوّل بحرف مصدرقي وفعل وهذا ليس منه والمصنف رحمه الله تبع فيه أبا البقاء، وقد علمت جوابه مع أنّ الرضي جؤزه مع التأويل أيضاً، وقال لا أراه مانعاً لأنّ كل مؤول بشيء لا يثبت له جميع أحكامه، وقال صاحب الكشف


الصفحة التالية
Icon