ج٥ص٢٣٩
( بيان لسبب النزول، وهو تأييد لتقدير الجواب الثاني، وليس فيه مغايرد لما سبق إلا في جعل التقطيع من قطع الأرض بمعنى سيرها، وقطائع جمع قطيعة وهي الأرض التي تزرع ومنه إقطاع الجند، وقوله تشع أي مكة مجزوم في جواب الأمر وتسخير الريح ليركبوها فيذهبوا ويأتوا في زمان يسير فيستغنون عن رحلة الثتاء والصيف، وابعث لنا أي أحيه لنا لنكلمه فيخبرنا بصحة نبوّتك.
قوله :( وقيل الجواب مقدم الخ ) معطوف على قوله حذف جوابه، وهذا منقول عن الفراء وغيره ممن يجوز تقديم جواب الشرط عليه ولا يخفى أنّ في اللفظ نبوة عنه لكونها اسمية مقترنة بالواو، ولذا أشار السمين رحمه الله تعالى إلى أن مراده أنها دليل الجواب لكنه يكون لا فرق يينه وبين تقدير لما آمنوا في المعنى وقوله خاصة أي دون ب!ميرت وقطعت لأنه جمع ميت، والميت منه مذكر فنظر إليه تغليبا. قوله :( بل دلّه القدرة على كل شيء الخ ( قال في الكشاف إنه على معنيين أحدهما بل لله القدرة على كل شيء، وهو قادر على الآيات التي اقترحوها ألا إنّ علمه بأن إظهارها مفسدة يصرفه، والثاني بل لله أن يلجئهم إلى الإيمان وهو قادر على الإلجاء لولا أنه بنى أمر التكليف على الاختيار، ويعضده قوله أفلم ييأس الذين الخ ولما كان الثاني مبنياً على مذهبه كما بينه شرّاح الكشاف تركه المصنف رحمه الله تعالى واقتصره على الأوّل وهذا جار على وجوه تقدير الجواب إمّا على الأخير فظاهر، وأمّا على الأوّل فلأن إرادة تعظيم شأن القرآن لا تنافي الردّ على المقترحين وقوله عن إيمانهم فمتعلق اليأس محذوف تقديره ما ذكر لا أن لو يشاء واليأس على هذا بمعنى القنوط وقدمه لأنه المعروف من معناه، وقو!ه إضراب عما تضمنته لو الخ أي لا يكون تسيير الب ل وما ذكر بقرآن بل يكون بقيره مما أهـ اده
الله فإنّ الأمر له جميعاً فلا يرد عليه شيء حتى يتوهم أنّ الأحسن عطفه على مقدر أي ليس لك من الأمر شيء بل الأمر للّه جميعاً. قوله :( وذهب كثوهم ) أي المفسرين إلى أنّ معناه أفلم يعلم فاليأس بمعنى العلم، والتبين ويشهد له القراءة المذكورة، وقوله وهو تفسير. أي تفسيره بمعنى يدل على أنّ المراد منه ذلك لا أنهم قرؤوا بها للتفسير من غير أن يسمعوها من النبيّ ﷺ فإنه غير صحيح. قوله :( وإنما استعمل اليأس بمعنى العلم لأنه ) أي اليأس مسبب عن العلم فإنّ الميؤوس عنه لا يكون إلا معلوما، وقد اختلفوا في أن استعمال اليأس بمعنى العلم هل هو حقيقة لأنه لغة قوم من اليمن يسمون النخع أو مجاز لأنّ اليأس متضمن للعلم فإنّ اليائ! عن الشيء عالم بأنه لا يكون فإن قلت اليأس حينئذ يقتضي حصول العلم بالعدم، وهو مستعمل في العلم بالوجود قلت أجيب بأنه لما تضمن العلم بالعدم تضمن مطلق العلم فاستعمل فيه فقول المصنف رحمه الله تعالى لا يكون إلا معلوما إمّا على ظاهره لأنّ ما يتطلبه الشخص، ثم ييأس منه لا بد له من علمه لأنه لا يطلب ما لا يعلم، ولا حاجة إلى حمله على العلم بوجوده أو عدمه حتى يتكلف له ما مرّ وقيل المراد به أنه معلوم الانتفاء، وقوله فإن بالفاء، وفي نسخة بأنّ بالباء الموحدة والأولى أولى وفي نسخة لا يكون بدون قوله إلا معلوما فهي كان التامّة، وهذه تؤيد ما قيل إنّ المعنى معلوماً انتفاؤه. قوله :( ولذلك علقه بقوله أن لو يشاء الله الخ ) أي لكون اليأس بمعنى العلم، والمراد بتعلقه به جعله معلولاً له بحسب المعنى سادّاً مسذ مفعوليه كما ذكره المعرب رحمه الله تعالى، وأن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشان محذوف، والجملة الامتناعية خبرها، وقوله فإنّ معناه نفي هدى بعض الناس لتصحيح المعنى فإنّ نفي تعلق المشيئة بهداية الجميع صادق بأن لا يهدي أحداً، وبأن لا يهدي بعضهم، ويهدي بعضاً آخرين، والأوّل غير واقع، وغير معلوم فكونه معلوما باعتبار ما صدقه الثاني، وليس هذا من التعليق المصطلح في شيء فإنه يتعدّى بعن وأمّا التعليق بمعنى جعله متعلقا به، ومعمولاً له فهو يتعدى بالباء، وأمّا ما قيل إنه من التعليق الاصطلاحي ولذا جعله بمعنى النفي ليكون فيه ما يقتضي التعليق، وانّ هذا معنى كلامه، وما عداه من خرافات الأوهام فليس بشيء، وإلى ما ذكرناه أوّلاً أشار بعض الفضلاء، والآية فيل إنها لإنكار سؤال المؤمنين على ما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنهم سألوا نزول الآيات المقترحة طمعا في إيمان قريش مع علمهم بانتفاء هدى بعض الناس لعدم تعلق مشيئة الله بذلك كما فيمن مات على إصراره فإنه يعلم منه أنّ اقتراحهم