ج٥ص٢٦٥
نبت متعلق بالأغصان له عرق في الأرض، وقال الخليل بن أحمد أنه من كلام أهل السواد وليس بعربيّ محض، وتشبيه الكلمة الخبيثة به لعدم ثباتها، ونفعها، ولذا يشبه به الرجل الذي لا حسب له، ولا نسب كما قال الشاعر :
فهوالكشوث فلا أصل ولا ورق ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر
واطلاق الشجر على الحنظل، والكشوث للمشاكلة إذ هو نجم لا شجر، وقوله وبشجرة
في الجنة معطوف على قوله بالنخلة، وهذا مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو أنسب بقوله تؤتي أكلها كل حين، وكذا تفسيرها بالحنظل مروفي عن النبيّ رسول الله ﷺ كما مرّ. قوله :( الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم ) بالقول جوّزوا تعلقه بيثبت، وآمنوا وفي الحياة متعلق
بيثبت أو بالثابت فإذا تعلق بآمنوا فالباء سببية، والمعنى آمنوا بالتوحيد الخالص فوجدو. ، ونزهوه عما لا يليق بجنابه فإذا تعلق بيثبت فالمعنى ثبتهم بالبقاء على ذلك أو ثبتهم في سؤال القبر به، وقوله فلا يزالون أي يتحوّلون عما هم عليه إذا قيض لهم من يقيهم، ويحاول زللهم عنه، وزكريا ويحى معروفان وجرجيس من الحوارفي من أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام علمه الله الاسم الأعظم الذي يحيي به الموتى، وكان بالموصل وبها ملك جبار كافر فدعاه جرجيس إلى عبادة الله ونهاه عن عبادة الأصنام فأمر به فشد يداه، ورجلا. ومشط بأمشاط من حديد ثم صب عليه ماء الملح فصبره الله على ذلك، ثم سمر عينيه وأذنيه بمسامير من حديد فصبر عليه، ثم دعا بحوض نحاس فأحمى، ثم ألقي فيه وأطبق رأسه عليه فجعله الله عليه برداً وسلاماً، وزاده حسناً وجمالاً، ثم قطع إربا إربا فأحياه الله، ثم دعاهم إلى الله، وأحيا الموتى فلم يؤمن الملك فأمره الله بأن يعتزلهم، ثم خسف بهم الأرض وشمعون كان من زهاد النصارى، وكان يحارب عبدة الأصنام من الروم فاحتالوا بأنواع الحيل عليه فلم يقدروا على قتله إلى أن خدعته امرأته بوعدها بأموال كثيرة، ونحوها فسألته في خلوة له كيف يغلب عليه فقال إن أشد بشعري إذا لم أكن طاهرا فإني لا أقدر على حله فأخبرتهم ففعلوا به ذلك، وألقوه من مكان عال فهلك، وقوله والذين فتنهم أصحاب الأخدود معطوف على زكريا، وستأتي قصرتهم في سورة البروج، وتلعثم بمعنى تأخر وتوقف عن الإجابة. قوله :( وروي أنه ﷺ ذكر قبض روح المؤمن الخ ) ( ١ ) هذا الحديث أخرجه أبو داود والحاكم عن البواء بن عازب رضي الله عنه وصححوه، وهذا الحديث يدلّ على أنّ المراد من الآخرة القبر لأنه أول منزل من منازلها، وقد سماه بعض الأدباء دهليز باب الآخرة، واعادة الروح في القبر عند السؤال كما في حال
الحياة، وقيل كحال النوم، ولعل المنادي من السماء ملك مأمور بذلك، وقوله بالاقتصار على التقليد أي تقليد أهل الضلال بقرينة المقام لا مطلق التقليد بدليل ما فرع عليه. قوله :( أي شكر نعمته كفرا بأن وضعوه مكانه الخ ) فعلى الأوّل التبديل التغيير في الوصف، وهو على تقدير مضاف، والتبديل لغويّ، وعلى الثاني التبديل في الذات إذا زالت النعمة، وحل في محلها الكفر، وقوله فصاروا تاركين لها فالتبديل بين نفس النعمة وكفرانها، وقوله فقحطوا أي أصابهم القحط والغلاء، وقحطوا كسمعوا، ويقال قحطوا وأقحطوا بضمهما على قلة، وقوله إلا فجران أي الحيان إلا فجران وقوله فمتعوا إلى حين أي بقوا ولم يفنوا. قوله :( الذين شايعوهم ) أي تابعوهم في الكفر، وهو صفة للقوم وضمير شايعوا لهم وهم للذين، وهم صناديد مكة، ودار الهلاك جهنم وحملهم على الكفر كونهم دعوهم له. قوله :( داخلين فيها مقاسين لحرّها ) تفسير له على الوجهين وقيده بمقاسين لتتم الفائدة لأنّ الدخول فهم من قوله أحلوا ولو اقتصر على الثاني كان أحسن، وأفيد فإن صلى النار معناه قاسى حرّها، وقوله وبئس المقر جهنم إشارة إلى أنّ المخصوص بالذم محذوف. قوله :( وليس الضلال ولا الاضلال الخ ) يعني أنه من الاستعارة التبعية كما في قوله :﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٨ ] شبه ما يترتب على فعل الشخص بالعلة الباعثة فاستعمل له حرفه، وقد قيل عليه إنّ كون الضلال نتيجة للجعل لله أندادا غير ظاهر إذ هو متحد معه أو لازم لا ينفك عنه إلا أن يراد الحكم به