ج٥ص٢٦٦
أو دوامه وردّ بأنهم مشركون لا يعتقدون أنه ضلال بل يزعمون أنه اهتداء فقد ترتب على اعتقادهم ضده على أنّ المراد بالنتيجة ما يترتب على الشيء أعمّ من أن يكون من لوازمه أولاً، وقوله جعل كالغرض أي أدخل عليه اللام التي تدخل عليه، وقد مرّ تفصيله في سورة الأنعام، ولا يخفى أنّ ما يترتب على الشيء يكون متأخرا عنه في الوجود، وهذا ليس كذلك
فلا بد من التأويل المذكور، وما ذكره مكابرة. قوله :( بشهويكم أو بعبادة الأوثان الخ ) يعني معموله مقدر، والمراد بالشهوات الشهوات المعروفة في المآكل والملابس، والمساكن والمناكح، ونحوها أو المراد بها عبادة الأوثان لأنهم لضلالهم يتلذذون بها لعنادهم فشبهت بالمشتهيات المعروفة لأنّ التمتع لا يكون إلا بها. قوله :( وفي التهديد بصبغة الأمر لىلذان بأنّ المهدد الخ ) في الكشاف تمتعوا إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر، وأنهم لا يعرفون غيره، ولا يريدونه مأمورون به قد أمرهم آمر مطاع لا يسعهم أن يخالفوه، ولا يملكون لأنفسهم أمرا دونه، وهو أمر الشهوة، والمعنى إن دمتم على ما أنتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة فإنّ مصيركم إلى النار، ويجوز أن يراد الخذلان والتخلية، والوجهان مشتركان في التهديد، وسيأتي له تفصيل في سورة العنكبوت، وهكذا كقول الطبيب لمريض يأمره بالاجتماء فلا يحتمي كل ما تريد فإنّ مص!يرك إلى الموت وهو استعارة، وقوله لإفضائه أي لإيصال المهدد عليه، وهو التمتع إلى المهدد به، وهو النار، وأنّ الأمرين أي التمتع ومصيرهنم إلى النار كائنان لا محالة فلذا استعمل له صيغة الأمر تشبيها له بآمر مطاع لمأمور مطيع في تحقيق ذلك فهذا وجه الشبه بينهما كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله ولذلك علله أي الإنذار المذكور فقوله فإنّ مصيركم تعليل لما قبله، وهو قريب من جعله جواب شرط مقدر أي إن دمتم على ما أنتم عليه فإنّ الخ ومصير مصدر صار بمعنى رجع، والى النار خبره. قوله :( خصهم بالإضافة ئنويهاً لهم ) أي رفعاً لهم وتشريفا، والا فالأمر شامل لهم، ولغيرهم بناء على أنّ الكفار مخاطبون بالفروع، ولما هدد الكفار بأنهماكهم في اللذة الفانية أمر خلص عباده بالعبادة المالية، والبدنية وخصهما لأنهما أمّ العبادات. قوله :( ومفعول قل محذوف دلّ عليه جوابه الخ ) وفي نسخة مقول قل وجوابه يقيموا الخ وقوله فيكون إيذانا الخ اسم كان ضمير مستتر عائد إلى جعل يقيموا أو ينفقوا جواباً للأمر، وفي جزمه على الجوابية قولان أحدهما أنه جواب قل، وهو قول الأخفش، والمبرد، وأورد عليه أنه لا يلزم من قوله أقيموا وأنفقوا أن يفعلوا وكم مرّة يخلف أمره، ورد بأنّ المراد بالعباد خلص المؤمنين، ولذا أضافهم إليه تشريفا وهم متى أمروا اتثلوا، وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله لفرط مطاوعتهم، ومنه يعلم نكتة حذف المقول إيهاما
لأثهم يفعلون بدون أمر مع أنّ مبناه على أنه يشترط في السببية التامة، وقد منع فقوله جوايه الضمير لقل لا للمقول حتى يكون هو القول الآخر الثاني أنه مجزوم في جواب الأمر المقول المحذوف، والتقدير قل لعبادي أقيموا، وأنفقوا يقيموا، وينفقوا وعزى هذا للمبرد أيضاً، وقيل عليه إنه فاسد لوجهين أحدهما أنّ جواب الشرط لا بد أن يخالف فعل الشرط إمّا في الفعل أو في الفاعل أو فيهما فإذا اتحدا لا يصح كقولك قم يقم إذ التقدير أن يقيموا يقيموا، والثاني أنّ الأمر المقدّر للمواجهة وهذا للغيبة، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحداً قيل أمّا الأوّل فقريب، وأمّا الثاني فليس بشيء لأنه يجوز أن يقول قل لعبدك أطعني يطعك، وان كان للغيبة بعد المواجهة باعتبار حكاية الحال، وقيل إنه فيه شرط مقدر، وهذا مجزوم في جوابه، وقيل يقيموا خبر في معنى الأمر وردّ بحذف النون، وان وجه بتوجيهات ضعيفة، وقيل مقول القول الله الذي الخ، ولا يخفى ما فيه، وقوله لا ينفك فعلهم عن أمره الأمر هنا مصدر بمعنى قوله أقيموا، وأنفقوا. قوله :) ويجورّ أن يقدرا بلام الأمر الخ ) هذا معطوف على ما قبله بحسب المعنى أن يجعل جزمهما بلام أمر مقدرة اي ليقيموا، وينفقوا كما في البيت المذكور، ويكون هو مقول القول قالوا، وأنما جاز حذف اللام هنا لأنّ الأمر الذي قبله، وهو قل عوض عنه، ودال عليه، ولو قيل يقيموا، وينفقوا ابتداء بحذف اللام لم يجز، وقد جعل ابن مالك حذف هذه اللام على أضرب قليل