ج٦ص١٠٢
بمعنى السهام، فيجعل تفسيره به على طريق التشبيه لأنه تكلف ما لا حاجة إليه وقد ورد بمعنى البلاء وغيره. قوله :( وقيل هو مصدر ( كالغفران بمعنى الحساب والمراد به المحسوب، والمقدر من تخريبها وإبادتها أو ما يحاسب عليه فيجازى به ويحتمل أنه باق، على مصدريته واطلاق الحساب على تقدير الله وحكمه بتخريبها على الاستعارة أو على عذاب الله ومجازاته بسيىء أعمالهم لترتبه عليه، وهذا أشبه بكلام المصنف رحمه الله، فقوله : وقيل الخ معطوف على قوله : مرامي الخ، وعذاب معطوف على التقدير وهو ظاهر. قوله :( أرضاً ملساء ( أي ليس فيها شجر ونبات كما بينه، وأصل معنى الزلق الزلل في المشي لوحل ونحوه، ولما كان ذلك فيما لا يكون فيه نبت ونحوه مما يمنع منه تجوّز به أو كنى عنه وعبر بالمصدر عن المزلقة مبالغة كما في قوله : غورا فالباء في قوله : باستئصال أي إفناء سببية لما عرفت أو للملابسة ولا تكلف في الأوّل كما توهم، وقيل : الزلق من زلق رأسه بمعنى حلقه على التشبيه وهو بعيد، وقوله : وصف به كما يقال : عدل بمعنى عادل، والمراد الوصف اللغوي وهو أعم من الوصف النحوي فيشمله كما في زلقا فإنه وصف نحوي أيضا. قوله : اللماء الغائر ( يعني أن الضمير للغور بمعنى الماء الغائر، وقوله : ترددا تفسير لقوله : طلبا فإن معنى طلب الماء الغائر التردد أي التحزك والعمل في رذه أي إخراجه من غوره والمراد نفي استطاعة الوصول إليه فعبر عنه بنفي الطلب إشارة إلى أنه غير ممكن، والعاقل لا يطلب مثله. قوله :( وأهلك أمواله ( قيل : المراد أمواله المعهودة التي هي جنتاه وما حوتاه لا جميع أمواله لأنه يأباه قوله : حسبما توقعه فإنّ متوقعه أن تصبح جنته صعيدا زلقا إلا أن يريد بجنته ما متع به في الدنيا كما مر والضمير للبستان استخداما، وليس هذا غفلة عما مر من تفسير ثمره بمال كثير غير جنتيه كما توهمه بعضهم نعم من قال إنه لا يعلم لهما مال غيرهما فقدوهم لأنّ التفسير المذكور لابن عباس رضي الله عنهما وهو في قوّة المرفوع. قوله :( حسبما توقعه صاحبه ( من استئصال نباتها وأشجارها عاجلا أو آجلا والأوّل إنما يكون بافة سماوية والثاني بذهاب ما به نماؤها وهو الماء، وقد دلت الآية على وقوع الأوّل صريحا لقوله فأصبح بالفاء التعقيبية، وتحيره وتحسره ) نما يكون لما وقع بغتة، والثاني إنما يتوقع إذا لم يتوتع الأوّل فلا وجه لما قيل إن ما توقعه من إصباحها صعيداً زلقا بإرسال الحسبان أو غور مائها ليس هنا ما يدل عليه بل كونها خاوية الخ يدل على خلافه إلا أن يقال : إنه تمثيل بحال رجلين موجودين وما ذكر معلوم من شيء آخر، ولا للجواب عنه بأن ما توقعه مطلق هلاك جنته. قوله :( وهو مأخوذ من أحاط به العدوّ الخ (
يعني أنه استعارة تمثيلية شبه إهلاك جنتيه بما فيهما بإهلاك قوم بجيش عدوّ أحاط بهم، وأوقع بهم بحيث لم ينج أحد منهم كما أن قوله : أتى عليهم بمعنى أهلكهم استعارة أيضا من إتيان عدوّ غالب مستعل عليهم بالقهر ولذا عدى بعلى، كما أشار إلى المصنف رحمه الله، ويحتمل أن تكون تبعية وليست تمثيلية تبعية إلا على رأي كما مرّ. قوله :( ظهرا لبطن تلهفاً وتحسرا ( انتصاب ظهراً على أنه مفعول مطلق ليقلب أي تقليبا كتقليب النادمين فهو إشارة إلى أنّ التقليب كناية عن التلهف وهو بمعنى التحسر أي الحزن على ما فات، وليست اللام بمعنى بعد إذ المراد أنه يقلب ظهر إحداهما نحو بطن الأخرى ولجهتها فهي بمعناها الحقيقي أو بمعنى على وليس هذا من قولهم : قلبت الأمر ظهراً لبطن كما في قوله :
وضربنا الحديث ظهرألبطن وأتينا من أمرنا ما اشتهينا
كما في شروح الكشاف فإنه مجاز عن الانتقال من بعض الأحاديث إلى بعض. قوله :
( لأن تقليب الكفين كناية عن الندم ( وهو يتعدى بعلى فيكون ظرفا لغوا، ومنه تعلم أنه يجوز في الكناية أن تعدّى بصلة المعنى الحقيقي كما في بني عليها وبصلة الكنائي كما في بنى بها وما هنا من الثاني، ويجوز أن يكون ظرفا مستقرّاً متعلقه خاص وهو حال أي متحسراً، والتحسر الحزن وهو أخص من الندم لأنه كما قال الراغب الغم على ما فات أو ليس هذا من التضمين في شيء كما توهم، فقوله : حال معطوف على قوله : متعلق


الصفحة التالية
Icon