ج٦ص١٠٩
هنا غير عاطفة إذ لا يصح تعليل ترك سجوده بفسقه عن أمر ربه، قال الرضي : والفاء التي لغير العطف وهي التي تسمى فاء السببية لا تخلو أيضا من معنى الترتيب وتختص بالجمل وتدخل على ما هو جزاء مع تقدم كلمة الشرط وبدونها وليس بشيء لأنه يكفي صحة ترتيب الثاني بسببية، كما في قوله : فوكزه موسى فقضى عليه أو بدونها كما في ذهب زيد فجاء عمرو كما صرح به في التسهيل، وقوله : وفي دليل الخ لأنه رتب فسقه على كونه من الجن وكونه ملكا أو لأمر تحقيقه في البقرة. قوله :( أعقيب الخ ( تبع فيه الكشاف وقد قيل : عليه إنّ اتخاذهم هذا ليس عقيب ما وجد منه بل بعده بمدة طويلة فالأظهر أن الفاء هنا لمجرّد الاستبعاد فإن اتخاذهم أولياء بعد ما وجد منه ما وجد مستبعد وكذا أن المعنى أعقيب علمكم بتلك القبائح تتخذونه الخ، وقيل ما ذكر من الاستبعاد معنى الهمزة كالإنكار والتعجب، فإن كان مراده أنّ الفاء لمجرّد البعد فهو مما لم يثبت، وما أورده مدفوع بأن مراده أعقيب إعلامي بذلك الخ تعجباً من بقاء من اتخذه على ذلك ومن اتخاذ من اتخذه بعد ما عرفه انتهى، وما ذكره من التأويل ليس في الكلام ما يدل عليه، وكون الفاء لمجرد الترتب والبعدية مع مهلة من مسائل المتون كما في التسهيل ولا يخفى أنه على مذهب الجمهور الفاء تفيد تعقيب الإنكار لا الاتخاذ فتأمل، وكون الهمزة للإنكار والتعجب معاً مر تحقيقه. قوله :( أولاده أو أتباعه ( وقع
في نسخة بالواو فالمراد بكونه مجازاً أنه تغليب وفي نسخة أو فالمجاز حينئذ استعارة بتشبيه الاتباع بالأولاد وهذا مما لا خفاء فيه وقد تعسف هنا بعضهم فجعل اتباعه على النسخة الأولى عطف تفسير وأطال آخر بلا طائل وزعم أنه من الجمع بين الحقيقة والمجاز ثم خرجه على أن الولد بمعنى المربي. قوله :( وتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتي ( الاستبدال من قوله : من دوني فانّ معناه المجاوزة وهي تكون بالترك أو مجرّد المجاوزة فحمله على الأوّل لأنه أبلغ في الذمّ ولدلالة قوله : بدلاً بعده على أنه المراد فلا يرد عليه أنه لا يستلزمه، ثم لما كان الواقع منهم ليس استبدال الثياطين بل ترك طاعة الله لا طاعتهم فيما سوّلوه عطف قوله : فتطيعونهم الخ عليه عطفا تفسيريا فالبدلية ليست على حقيقتها، وقوله : ست الله بيان لمتعلق بدلاً، وقوله : إبليس وذزيته بيان للمخصوص بالذمّ المقدر، وفاعل بئس مستتر يفسره التمييز وهو بدلا، فقوله : إحضار تفسير للإشهاد وقوله : واحضار بعضهم خلق بعض تفسير لقوله : ولا خلق أنفسهم كما مر تحقيقه في قوله : فاقتلوا أنفسكم وقوله : في ذلك أي في خلق ما ذكره، وقوله : كما صرّح به أي بنفي الاعتضاد، وقوله : أعوانا إشارة إلى أن العضد وهو ما بين المرفق إلى الكتف مستعار للمعين كاليد وأفرد لعمومه في سياق النفي فلذا فسره بالجمع. قوله :( رداً لالخاذهم أولياء الخ ) علة لقوله : نفي الخ بعد ما علل نفي إحضارهم أو تقديمه بقوله ليدل الخ وأولياء مفعول أول للاتخاذ وشركاه مفعوله الثاني وفي العبادة متعلق به. قوله :( فإن استحقاق العبادة الخ ) بيان لوجه الرد يعني أنهم عبدوا هؤلاء والعبادة غاية التواضع لا تليق بغير الخالق فمن عبد غيره كأنه أقرّ له بالخلق وإذا أقرّ له بالخلق لزمه توحيده واتخاذه بدلاً لأنّ الإله الخالق لا يمكن تعدده فلذا جعلهم بدلاً باعتبار ما لزم من فعلهم وشركاء باعتبار ظاهر حالهم وزعمهم، وأما جعل إبليس وذزيته معبودين فلأنهم الحاملون على عبادة غير اللّه فكأنهم مبدوهم كما قال ىسمر لابن الزبعري بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم كما سيأتي في سورة الأنبياء فسقط ما قيل إنّ قوله شركاء لا يلائم قوله تعالى :﴿ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ٥٠ ] بدلاً ولا تفسيره السابق لقوله : من دوني فالأولى أن يقول المصنف رحمه الله : رذأ
لاتخاذهم أولياء لله بأبلغ وجه فإنهم إذا لم يصلحوا الشركة العبادة لا يصلحون للبدلية بالطريق الأولى وكأنه لم يتنبه لأنه عين ما في النظم وأنه هو المحتاج للتأويل، وحاول بعضهم الرد بما هو غنيّ عن الردّ، وقوله : موضع الضمير أي متخذهم، ووجه الاستبعاد أنه لا وجه للاعتضاد أي الاستعانة بالمضل. قوله :( وقيل الضمير ) أي ضمير أشهدتهم وأنفسهم، وهو على الأوّل لإبليس وذزيته، والمشركون هم الذين مرّوا في قوله : ولا تطع من أغفلنا الخ، وقوله : والمعنى أي على هذا


الصفحة التالية
Icon