ج٦ص١٥٠
وإن السؤال وارد على تخريج الجم!، ر فالأوجه أن يقال : إنها لشدة طهارتها ونزاهة بيتها عدته عظيماً من مثلها وان قل ولذا سمي الزنا فحشا مع تفسيره بما عظم قبحه، فإن قلت البغي أصل معناه تجاوز الحد فهو في الزنا كناية فينافي ما مر، قلت : هو كذلك بحسب أصل اللغة لكن البغيّ شاعت في الزانية فصارت حقيقة صريحة.
قوله :( أو للئسب ) ومثله يستوي فيه المذكر والمؤنث، وقيل : ترك تأنيثه لاختصاصه في الاستعمال بالمؤنث وتفصيله في المفصل وشروحه. قوله :( ونفعل ذلك لنجعله الخ ا لما كان العطف هنا مخالفا للظاهر، لأن العلة لا تعطف على المعلل وقد ورد مثله في أماكن خزج على وجهين أحدهما تقدير معلل معطوف على ما قبله وقدره المصنف مقدما على الأصل والزمخشري قدره مؤخراً لأن ذكره دون متعلقه يقتضي الاعتناء به، فهو بالتقديم التقديري أليق وتركه المصنف رحمه الله لإيهامه الحصر وهو غير مقصود، والآخر أن يكون معطوفا على علة
محذوف والضمير عائد على الغلام، وفي الكشف حذف المعلل هنا أولى إذ لو فرض علة أخرى لم يكن بد من معلل محذوف أيضاً إذ ليس قبلها ما يصلح لأن يكون معللا فهو تطويل للمسافة، وهذه الجملة أي العلة ومعلولها معطوفة على قوله : هو عليّ هين وفي إيثار الاسمية في الأولى دلالة على لزوم الهون وازالة الاستبعاد والفعلية في الثاني للدلالة على أنه انتشى ليكون آية متجذدة، فتأمّل. قوله :( وقيل عطف على ليهب على طريقة الالتفات ( الالتفات فيه على هذه من الغيبة إلى التكلم فهو مخصوص بها، ويحتمل أن يعم القراءتين لكن الالتفات على قراءة لأهب بمعنى آخر مذكور في المطول، فتأمّل. قوله :( وبرهاناً ) إشارة إلى أنّ المراد بالعلامة البرهان، لأنه يدل على وجود المبرهن عليه كدلالة العلامة على ما هي أمارة له، وقوله : حقيقا بأن يقضي لما كان الولد لم يعط في ذلك الزمان أوّله بمقدر ومسطر في اللوح أو بأنّ المراد به أنه من الأمور التي لا بد من تحققها لكونه آية ورحمة فعبر عنه بلفظ المفعول تنبيهاً على تحققه، وعليهما فقوله : وكان أمراً مقضيا تذييل لما قبله قيل والأوّل أنسب بمذهبنا، والثاني بمذهب المعتزلة في رعاية الأصلح لكن مراد المصنف رحمه الله أنه حقيق بمقتضى الحكمة والتفضل لا وجوبا على الله فلا يرد عليه شيء، وقوله أنسب إشارة إلى ذلك، وقوله : لكونه آية ورحمة إشارة إلى أنه تذييل لما قبله على الوجه الثاني وعلى ما قبله وهو تذييل لمجموع الكلام. قوله :( ولم يعش مولود وضع لثمانية غيره ( فهو من خواص عيسى عليه الصلاة والسلام عندهم وقد صرّح به أهل التنجيم ونقل النيسابوري له وجهاً يخالف ما ذكره كويشار في دخله ولس هذا محله. قوله :( كما حملته نبذته ) أي وضعته وولدته عقيب الحمل من غير مضيّ مدة طويلة وهذه الكاف تسمى كاف المفاجأة وكاف القرآن، وقد نقلها النحاة كصاحب المغني ووقعت في كلام العرب والفقهاء نحو سلم كما تدخل وصل كما يدخل الوقت وهي كاف التشبيه في الأصل كأنه شبه وقت أحد الحدثين المتجاورين بوقت الآخر أو أحدهما بالآخر لوقوعهما في زمن واحد ولكونه خلاف المعروف فيها قال في المغني إنه معنى غريب جذاً. قوله :( وهو في بطنها ) يعني أنّ الباء للملابسة والمصاحبة لا للتعدية والجار والمجرور
وظرف مستقر وقع حالاً أي مصاحبة وحاملة له كما في الباء الواقعة في البيت المذكور وهو من قصيدة للمتنبي وقبله :
كأنّ خيولناكانت قديما تسقي في قحوفهم الحليبا...
فمرّت غير نافرة عليهم تدوس بنا الجماجم والتريبا...
والقحوف جمع قحف وهو العظم الذي فوق الدماغ، والمراد بالجماجم الرؤوس، والتريب عظم الصدر يقول : كأنّ خيولنا كانت قديما تسقى في قحوف الأعداء اللبن وكانت عادتهم سقيه لكرام خيلهم يعني أنها لاعتيادها لذلك لم تنفر من القتلى وداست رؤوسهم وصدورهم ونحن على ظهورها والدوس الوطء بالرجل ولم يجعلها للتعدية هنا وان صح لأنّ قوله : فأجأها المخاض يقتضي أنها منتبذة بنفسها لا نابذة له. قوله :( وهو في الأصل منقول من جاء الخ ( تبع فيه الزمخشري حيث قال : أجاء منقول من جاء إلا


الصفحة التالية
Icon