ج٦ص١٥٦
والطريق البرهاني بيان لما أراده فلا حاجة إلى تكلف الحصر فيه كما قيل، وقوله : ثم عكس الحكم إن كان المراد بالحكم النسبة التاقة، والقضية الخبرية فالمراد أنهم حكموا بأن ابن الله أو الإله عيسى عليه الصلاة والسلام فأتى بما يدل على خلافه من أنه عبد مخلوق له ب!نفخ روح منه، وإن كان المراد به المحكوم به والخبر فالمراد أنه كان الظاهر أن يقال : عيسى عبد الله ومخلوقه لأنه المتنازع فيه والمقصود بالإفادة فعكس لاذعاء أن ذلك الوصف معلوم مسلم ليكون أبلغ في الرد عليهم، وهو الظاهر كما يدل عليه قوله : حيث جعله الموصوف لأن الأصل أن يجعل ما يدل على الذات موضوعآ، وما يدل على الصفات محمولا، وقوله : والإضافة أي إضافة قول إلى الحق للبيان وليست من إضافة الموصوف إلى الصفة أي القول الحق والمراد بالضمير هو المقدر، والكلام السابق قوله : قال إني عبد الفه الخ، أو قوله : ذلك عيسى ابن مريم لأن الإشارة إلى ما قبله، وقوله : أو لتمام القصة أي لقصة عيسى عليه الصلاة والسلام بتمامها، وقيل : المراد بتمام القصة آخرها وهو قوله ذلك عيسى ابن مريم، دياذا كان صفة أو بدلا فالمراد بالحق الله وعلى ما قبله بمعنى الصدق، وكلمة الله أطلقت على عيسى عليه الصلاة والسلام بمعنى أنه خلق بقول : كن من غير أب، وقوله : على أنه مصدر مؤكد أي لمضمون الجملة منصوب بأحق محذوفا وجوبا وشممى مؤكدا لغيره عند النحاة، وقال : وقول بالفتح والضم كما في الكشاف مصدر بمعنى واحد، ويصح نصبه على المدح. قوله :( يشكون ( على أنه من المرية وهي الشك أو يتنازعون على أنه من المراء، وهو الجدال والتبكيت إلزام الخصم بالحجة، وبهتوه بمعنى افتروا عليه وعاندوا فيه، ومعنى إيجاده بكن أن إرادته للشيء يتبعها كونه لا محالة من غير توقف فشبه ذلك بأمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور الممتثل على طريق التمثيل كما مر تحقيقه، والنصب على الجواب مر تحقيقه في سورة النحل، وقوله : وإن الله
ربي وربكم في قراءة الكسر بتقدير قل يا محمد إن الله ربي وربكم الخ، وعلى تقديره ولأن فهو متعلق باعبدوه دماذا عطف على الصلاة فهو من مقول عيسى عليه الصلاة والسلام. قوله :( اليهود والنصارى أو فرق النصارى ( الأحزاب الفرق مطلقآ، واختلف المفسرون في المراد بهم هنا فقيل : اليهود والنصارى بادعاء بعضهم له البنوة ونحوها وبعضهم أنه ساحر كذاب، وقيل : المراد فرق النصارى فإنهم اختلفوا بعد رفعه فيه فقال : نسطور هو ابن الله أظهره ثم رفعه، وقال يعقوب : هو الله هبط ثم صعد وقال ملكاء وهو عظيمهم الذي استولى على الروم هو عبد الله ونبيه فنسبت كل فرقه إلى من اعتقدوا معتقده، وقيل : المراد مطلق الكفار فيشمل اليهود والنصارى، والمشركين الذين كانوا في زمن نبينا ﷺ ورجحه الإمام بأنه لا مخصص للكفار ومشهد يوم الجزاء عاتم لهم ولم يذكره المصنف لأن ذكر الاختلاف عقيب قصة عيسى عليه الصلاة والسلام يقتضي تخصيصهم بأهل الكتاب لأنهم المختلفون فيه، وما ذكر من مذاهب الفرق الثلاثة ذكره بعض أهل التفسير هنا وحذا حذوهم المصنف رحمه الله وشراح الكشاف وما نقله في الملل والنحل يخالفه، وهو أن الملكانية قالوا : إن الكلمة يعني أقنوم العلم اتحدت بالمسيح عليه الصلاة والسلام وتدرعت بنا سوته والروح عندهم روح القدس وأقنوم الحياة ولا يسمون العلم قبل تدرعه ابنا بل الابن المسيح بعد التدرع، وقال بعضهم إن الكلمة مازجت عيسى عليه الصلاة والسلام كما يمازج الماء اللبن، ثم قالت الملكانية : الجوهر موصوف وهو غير الأقانيم لأنها بمنزلة الصفة له وصرحوا بالتثليث كما نطق به القرآن، وقالت الملكانية أيضا المسيح ناسوت كليئ لا جزئيئ وهو قديم، وقد ولدت مريم إلها قديما أزليا والصلب والقتل وقع على الناسوت واللاهوت معا وأثبتوا الأبؤة والبنوة وهذا مخالف لما ذكره المصنف رحمه الله وغيره هنا بل ما ذكره المصنف هنا مخالف لما قدمه في سورة المائدة وملكاء بالمذ علم غير عربي والنسبة إليه ملكائية بهمزة بعد الألف الممدودة والجاري على الألسنة وفي نسخ القاضي ملكانية نسبة إلى ملكاء على غير القياس كصنعاني نسبة إلى صنعاء وكل هذا محتاج إلى تصحيح النقل فيه فانظره. قوله :( من شهود يوم عظيم ( حاصله أن فيه