ج٦ص١٥٩
لراغب الصديق من كثر منه الصدق أو من لا يكذب قط، وقيل : من لا يتأتى منه الكذب لتعؤده الصدق وقيل : بل من صدق بقوله : واعتقاده وحقق صدقه بفعله والصذيقين في قوله : مع النبيين والصديقين قوم دون الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام، وفي الكشاف الصديق من أبنية المبالغة ونظيره الضحيك والنطيق، والمراد فرط صدقه وكثرة ما صدق به من غيوب الله وآياته وكتبه ورسله وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل أي كان مصدقا بجميع الأنبياء وكتبهم وكان نبيا في نفسه، كقوله تعالى :﴿ بل جاء بالحق وصدق المرسلين ﴾ [ سورة الصافات، الآية : ٣٧ ]، أو كان بليغا في الصدق لأن ملاك أمر النبؤة الصدق ومصدق الله بآياته ومعجزاته حرفي أن يكون كذلك، وفي الكشف المبالغة فيه تشمل المبالغة كما وكيفا فحمله أولا على الأول بقوله ت والمراد فرط صدقه وكثرة ما صدق به والعطف تفسيرفي لأن من صدق كثيرا يكون كثير الصدق في تصديقه، وثانيا على الثاني بقوله : أو كان بليغا في الصدق ولك أن تجعله جامعا للقسمين لكونه في مقام المدح والمبالغة وقد ألئم به الراغب والأول أعني كونه صذيقا تمهيد للثاني وإثبات له بدليله وترق ولا تكميل على الأول ولا تتميم على الثاني لا سيما وقد قدر ذلك، في صديقا وهو تقدم وأما جعله في الأول راجعا إلى المفعول كما في قطعت الحبال على ما في بعض الحواشي فمن الإغلاط. قوله :( أو كثير! في نسخة وكثير التصديق بالواو بدل أو وفي أخرى كثير التصديق بدون عاطف والأولى ظاهرة لظهور مقابلها باعتبارين لأن الأول من الثلاثي والثاني من المزيد، والأول مبالغة في الكيفية والآخر في الكمية وقد عرفت أن صاحب الكشف لم يرتض التكثير باعتبار المفعول، وأما الثانية فوجهها أيضا ما مر من أنه يجوز قصد المبالغة في الكئم والكيف معا بمقتضى مقام المدح لا لأنه يكون مأخوذا من الثلاثي والمزيد معا لعدم صحته بل لأن أحدهما مدلوله والآخر لازمه لأن من كثر تصديقه كان كثير الصدق في تصديقه ويكون العطف تفسيريا، وذكر الأول تمهيدا للثاني، كما مر أيضا والثالثة مثلها في المعنى وأما كون الواو بمعنى أو فخلاف الظاهر وخص ما ذكر بقوله : من غيوب الله الخ لأنه التصديق المعتبر الذي يمدح به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهو الحرفي بالذكر والمصرح به في تلك الآية، وقوله : بدل أي بدل اشتمال كما مز. قوله :( وما بينهما اعتراض ( أي جملة أنه كان وقول صاحب الفرائد أق الاعتراض بين المبدل منه، والبدل بدون الواو بعيد عن الطبع لا وجه له وليس الرد والقبول بالتشهي، وقوله : أو بصذيقا نبيا ظاهره أنه معمول لهما معا وتوارد عاملين على معمول واحد غير جائز عند النحاة، وقوله : في الكشاف أي كان جامعا لخصائص الصديقين والأنبياء حين خاطب أباه تلك المخاطبات كأنه لجعلهما بتأويل اسم واحد كتأويل حلو حامض بمن ليسلم مما ذكر أو ليكون العامل معناهما ولا يخلو من الكدر، ولو أراد أنه معمول لصديقا لم يكن لذكر نبيأ وجه مع أن الوصف يمنع من العمل عند البصريين، وكذا لو تعلق بنبيا مع أنه يقتضي أنه نبي في وقت هذه
المقالة، وأما ما قيل : إن مراده أنه متعلق بصديقا الموصوف بنبيا أو أنه متعلق بصديقا ونبيا على البدل فلا يخفى ما فيه من الخلل، وقوله : لا يقال يا أبتي لما فيه من الجمع بين العوض والمعؤض وهو لا يجوز إلا شذوذا كقوله :
يا أبتي أزقني القذان
ولما ورد عليه شبهة الجمع في يا أبتا وهو جائز دفعه بأنه جمع بين عوضين كما يجمع صاحب الجبيرة بين المسح والتيمم وهما عوضان عن الغسل، وقيل : المجموع فيه عوض وقيل : الألف للإشباع في مثله وهي علل نحوية بعد الوقوع، وقوله : إنما يذكر للاستعطاف أي لطلب العطف والشفقة لا لمحض النداء، وقوله : فيعرف بالنصب في جواب النفي، وشيئا في النظم يحتمل النصب على المصدر أو المفعولية وعبارة المصنف في تفسيره تحتملهما، وقيل إنها ظاهرة في الأول. قوله :( دعاه إلى الهدى وبين ضلاله الخ ( جعله دعوة لأن إنكار عبادة ما لا ينفع في قؤة الأمر بعبادة غيره، وهو إن لم يكن صريحا فهو أخوه وتبيين الضلالة بعبادة ما لا يسمع ولا يبصر، والاحتجاج عليه إذ العبادة لا تصح لمثل هذه الجمادات وأرشقه بالشين المعجمة والقاف بمعنى ألطفه، وقوله : حيث الخ تعليل لما قبله من الأبلغية والألطفية، وطلب العلة بقوله : لم واستخفاف العقل لعدم إدراكه، وفائدته والركون الميل، وقوله : ولا تحق الخ بيان للواقع لا أنه