ج٦ص١٦٠
من النظم وكذا ما بعده، وقوله : ونبه أي بسؤاله المذكور، وقوله : ئم دعاه شروع في تفسير الآية الآتية.
قوله :( ولم يسم أباه ( من الوسم وهو العلامة والمراد لم يصفه وهو مجاز مشهور بهذا المعنى، وإنما لم يصفه مع أنه كذلك تأذبا ورفقا ولم يذع العلم الفائق تواضعا ولأنه أقرب إلى الإجابة وذلك بقوله : جاءني من العلم أي بعضه، وقوله : بل جعل نفسه كرفيق الخ، يشير إلى
أن في النظم تشبيها تمثيليا، وقوله : ثم ثبطه الخ توطئة لتفسير ما بعده، وقوله : المولى للنعم كلها مأخوذ من قوله للرحمن، والمطاوع للعاصي عاص يعني إذا طاوعه في المعاصي، وقوله : حقيق الخ بيان لمناسبة ذكر الرحمن هنا فإنه قد يتوهم أن المناسب ما يدل على غضب ونحوه، وقوله : وما يجر إليه الضمير المستتر لسوء العاقبة والمجرور للموصول وفي نسخة ما يجره والبارز المنصوب لأبيه أي الذي يجر سوء العاقبة أباه إليه ويجوز عود الضمير المستتر لما والمنصوب لسوء العاقبة وعكسه والمجرور لأبيه. قوله :( قرينا ( تفسير لقوله : وليا إشارة إلى أن المفهوم من الآية ترتب الولاية على ص العذاب والأمر بالعكس فأشار إلى دفعه بأن فسر الولاية بالمقارنة فيما ذكر أو بالثبات المذكور وقيل إنه من إطلاق السبب هارادة المسبب، وقوله : تليه ويليك إشارة إلى وجه دلالته على ذلك لأنه من الولي وهو القرب وكل من المتقاربين قريب من صاحبه فلا تجوز فيه، وقوله : أو ثابتا في موالاته الثبوت يفهم من المضارع الدال على الاستمرار التجذدي ومن صيغة الصفة المشبهة ولأنه كان وليا له قبل ذلك وهو إشارة إلى تفسير آخر له على أنه من الموالاة وهي المتابعة والمصادقة، فإن قلت كيف يتأتى تفسيره بالثبات على موالاته مع أن قوله تعالى :﴿ الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴾ [ سورة الزخرت، الآية : ٦٧ ]، قلت قيل إن أريد بالعذاب عذاب الدنيا فلا إشكال وإن أريد عذاب الآخرة فالمراد الثبات على حكم تلك الموالاة وبقاء آثارها من سخط الله فلا منافاة كما توهم والجواب هو الثاني كما يدل عليه قوله في الكشاف دخوله في جملة أشياعه وأوليائه لأن الأول لا مساس له بما نحن فيه ولا يلائم بقية كلام المصنف كما ستعرفه. قوله :( كما أن رضوان الله أكبر من الثواب ( وان عظم في نفسه لقوله تعالى :﴿ وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ١٧٢ ] فلزم بطريق التعكيس أن يكون سخط الله أكبر من العذاب لأنه منشأ عذابه كما أن الرضوان منشأ الفوز بضده، ولذا رتب عليه وبهذا تعلم أن المراد بموالاته ودخوله في أوليائه كونه مغضوبا عليه غير مرضيئ وأن هذا مبني على التفسير الثاني لا على أي معنى كان للولاية كما قيل. قوله :( وذكر الخوف والمس الخ ( أما الأول فلأن الخوف
كما قاله الراغب : توقع المكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة فهو غير مقطوع فيه بما يخاف فلم يذكر له أنه جازم بمس العذاب له مجاملة له أي معاملة جميلة في ملاقاته لأن ذلك أجمل من القطع بعذابه أو لإظهار أن عاقبة أمره وخيمة فيجوز أن يعذب وأن لا يعذب وأما الثاني : وهو ذكر المس المشعر بالتقليل فأجمل من ذكر كثرة عذابه ولأن عاقبة أمره منكشفة له فاقتصر منها على الأقل لأنه المتيقن فيه فإنه إذا وقع عذاب فإما أن يعذب عذابا قليلا أو كثيرا وعلى الثاني فهو متضمن له تضمن جمل الأعداد للآحاد، وكذا تنكير العذاب إذا كان للتقليل، فسقط ما قيك إن خفاء العاقبة لا يصح أن يكون علة لذكر المس وتنكير العذاب، وأما ما قيل من أن قصد التقليل من عبارة المس لا يناسب المقام ولا يساعده الكلام لأن المقام مقام تخويف فلا يناسبه التخفيف ولأن المس مما يقصد به المبالغة في الإصابة كما في قوله : وقد مسني الكبر لأن المس اتصال الشيء بالبشرة بحيث تتأثر به الحاسة مع أنه مر ما يخالفه في قوله : لن تمسنا النار في سورة البقرة، فرد بأن المقام مقام إظهار الشفقة ورعاية الأدب وحسن المعاملة فيناسب التقليل والمس منبىء عن قلة الإصابة كما صرح به الأئمة الكثير والإصابة ولا ينافيه قوله : لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم فإن عظم العذاب لا يستلزم شدة الإصابة كما قيل، وقوله : وقد مسني الكبر مع الخطا في التلاوة إذ هي على أن مسني الكبر لا ينافيه إذ الكلام فيما إذا لم يوجد في المقام قرينة حالية أو مقالية تدل على أن المراد به مطلق الإصابة وفي الآية الأولى