ج٦ص١٦٢
المبتدأ لأنه
غير معمول له أو يحتاج إلى تقدير عامل آخر له وهو خلاف الأصل لأنه قيل عليه أن المبتدأ ليس أجنبيا من كل وجه لا سيما والمفصول ظرف متوسع فيه والمقدم في نية التأخير والبليغ يلتفت لفت المعنى بعد أن كان لما يرتكبه وجه مساغ، وهذا الأسلوب قريب من ترجيح الاستحسان على القياس لقؤة أثره، د!ان زيادة الإنكار إنما تنشأ من تقديم الخبر كأنه قيل : أراغب أنت عنها لا طالب لها راغب فيها منبها له على الخطأ في ذلك، ولو قيل : أترغب لم يكن من هذا الباب في شيء، فتدبر. قوله :( بلسائي يعني ( بالرجم الشتم على طريق الاستعارة، أو المراد الرمي بالحجارة فهو حقيقة، وقوله : حتى تموت الخ بيان للمقصود من الرجم، وقوله : عطف الخ يعني أنه لا يصح أو لا يحسن عطفه على ما قبله لتخالفهما خبرا وإنشاء وجواب القسم غير الاستعطافي لا يكون إنشاء، وقوله : لأرجمنك تهديد وتقريع فيدل على الأمر بالحذر وليست الفاء في قوله :
فاحذرني عاطفة حتى يعود المحذور
قوله :( زمانا طويلا ( فهذا معناه من الملوين الليل والنهار من الملاوة بتثليث الميم الدهر
فهو منصوب على الظرفية كقول مهلهل :
فبكت عليه المرسلات مليأ
وهذا أحد الوجوه فيه، وقوله : أو مليا بالذهاب عني يعني أنه مجاز من قولهم : مليئ أي
غنيئ، والمراد سالما أو مطيقا قادرا على الهجر والبعد، وهذا تفسير ابن عباس وعداه بالباء لأنه من تمي بكذا إذ تمتع به كما ذكره الراغب وهو على هذا حال من فاعل اهجرني، وقيل : المعنى هجرا مليا أي طويلا فهو منصوب على المصدرية. قوله :( توديع ومتاركة ( السلام أصل معناه السلامة من الآفات ويكون للدعاء بذلك عند الملاقاة وهو ظاهر، وعند المفارقة كما في قوله :
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا وقت الزيارة فارجعي بسلام...
ومقابلة السيئة وهي الشقاق والتهديد بالحسنة وهي توديعة له ومتاركته لأن ترك اساءة
للمسيء إحسان، وقوله : أو لا أصيبك بمكروه أي بأمر تكرهه لكفه عن لومه بالتعريض له
بالجهل وغيره مما يؤذيه وعلى كل من الوجهين فهو من السلامة ولا يختص بالثاني، كما قيل :
ولما كان ذلك ليأسه منه وكان حينئذ مشعرا بعدم الدعاء له استدرك ذلك بقوله : ولكن. قوله :
) فإن حقيقة الاستغفار للكافر الخ ( جواب عن أنه كيف جاز له أن يستغفر للكافر أو يعده ذلك، بأنه ليس استغفارا له مطلقا حتى يرد ما ذكر بل هو مشروط بإيمانه وتوبته عن كفره على حذ كون الكفار مأمورين بالفروع الشرعية وإنما فعله لأنه وعده أن يؤمن لقوله : إلا عن موعدة وعدها إياه ولم يرتض هذا في الكشاف وتبعه بعضهم بناء على أنه لا مانع عقلا من الاستغفار للكفار وإنما منع سمعا فما فعله قبل ورود السمع وهو متعين لقوله : إلا قول إبراهيم لأبيه لأستمغفرن لك إذ لو كان شارطا للإيمان لم يكن مستنكرا ومستثنى عما وجبت فيه الأسوة وأما الوعد المذكور فليس من أبيه بل منه، ورد بأن الآية دلت على المنع من التأسي لا أن ذلك كان منصبه فجاز أن يكون من خواصه قيل : وليس بشيء لأنه لم يذهب إلى أن صا ارتكبه إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان منكرا بل أنه منكر علينا لورود السمع وفي التقريب إن نفي اللازم ممنوع لأن الاستثناء عما وجبت فيه الأسوة لقوله : قد كانت لكم الآية ولا دلالة فيها على الوجوب، وأجيب بأن جعله مستنكرا مستثنى يدل على أنه منكر لأن الاستثناء عما وجبت فيه فقط، إنما أتى الاستنكار لأنه مستثنى عن الأسوة الحسنة فلو ائتسى به لكان قبيحا أما الدلالة على الوجوب فمبينة من قوله : آخرا لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر كما تقرر في الأصول والحاصل أن فعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يدل على أنه ليس منكرا في نفسه وقوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا الخ يدل على أنه الآن منكر سمعا وأنه كان مستنكرا في زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضا بعد ما كان غير منكر ولذا تبرا وأمسك عن الاستغفار، وهو ظاهر إلا أن الزمخشري جعل مدرك الجواز قبل النهي العقل على مذهبه، وهو عندنا السمع لدخوله تحت بز الوالدين والشفقة على أمة الدعوة وتبعه فيما ذكر الفاضل المحشي ثم قال : إن ما ذكره المصنف هنا مخالف لما قاله : هناك فراجعه إن شئت