ج٦ص١٧٨
الزيادة بقطع النظر عن مفضل عليه مخصوص يشاركه في ذلك وتحقيقه كما ذكره بعض علماء العربية أن لا فعل أربع حالات، إحداها وهي الأصل أن يدل على ثلاثة أمور اتصاف من هوله بالحدث الذي اشتق منه وبهذا كان وصفا ومشاركة مصحوبة في تلك الصفة ومزية موصوفة على مصحوبه فيها وبالأخيرين فارق غيره من الصفات، والثانية : أن يخلع عنه ما امتاز به عن الصفات ويتجزد للمعنى الوصفي، والثالثة : أن تبقى عليه معانيه، الثلاثة : ولكن يخلع عنه المعنى الثاني ويخلقه قيد آخر فإن الاشتراك مقيد بتلك الصفة التي هي المعنى الأول فيصير مقيدا بالثالث وهو الزيادة لكن لا في المشتق منه كقولهم : العسل أحلى من الخل فإن للعسل زيادة في حلاوته وهي أكثر من زيادة الخل في حموضته، قال ابن هشام في شرح التسهيل وهو بديع جدا، والرابعة : أن يخلع عنه المعنى الثاني وهو المشاركة وقيد المعنى الثالث وهو كون الزيادة على مصاحبه فيكون للدلالة على الاتصاف بالحدث وعلى الزيادة مطلقا لا مقيدة، وذلك نحو يوسف أحسن إخوته اهـ. وهذا الأخير هو الذي أراده المصنف رحمه الله بجوابه الأول فالمعنى أن ثوابهم ومرذهم متصف بالزيادة في الخيرية على من اتصف بها بقطع النظر عن هؤلاء المفتخرين بدنياهم فلا يلزم مشاركتهم في الخيرية حتى يرد السؤال. قوله :( أو على طريقة قولهم الصيف أحر من الشتاء أي أبلغ في حزه منه في برده ( ثم اختصر وعبر عنه بذلك على طريقة إيجاز الحذف كما في التبيان، وقد أتى في الكشاف هنا بسؤالين جعلهما المصنف شيئا واحدا، وذلك أنه قال إنه لا ثواب لمفاخرتهم حتى يجعل ثواب الصالحات خيرا منه وأجاب بأنه جعل النار ثوابا تهكما كقوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
ثم بني عليه خير ثوابا وهو أغيظ للمتهذد من أن يقال له عقابك النار، ثم سأل عن وجه التفضيل وأجاب بأنه من وجيز كلامهم كالصيف أحز من الشتاء، وحاصله كما قاله الفاضل اليمني إنه سأل عن الاشتراك في الثواب وأجاب بأنه من التهكم فتبين به وجهه، ثم سأل عن وجه التفضيل وأجاب بوجه غير ما لزم من كلامه أولا أي ثواب المؤمنين أبلغ في بابه من عقابهم فلا تكرار ولا استدراك، وفي الفرائد هذا بعيد عن الطبع والاستعمال وليس في كلامهم ما يشهد له وإنما المراد أن خيرية الأعمال في الآخرة خير لهم مما حصل لهم بزعمهم في الدنيا، وفي التقريب الاعتراض بأن كون ثوابهم في بابه أبلغ من عقابهم في بابه غير محقق ولا مناسب للتهديد فالأولى حمله على التهكم، ورد إنكاره له بأن الزجاج ذكره في غير هذه الآية وأن له نظائر وهو محقق وإن لم يقصد التهكم وهو مناسب للتهديد لاستلزامه لثبوت العقاب وزيادة ثواب أعدائهم فإنه مما يغيظهم ففيه تهديد من جهتين، وقيل الذي يقتضيه النظم أن قوله : والباقيات الصالحات خير الخ تتميم لقوله : ويزيد الله الذين اهتدوا هدي المشتمل على تسلية المؤمنين عما افتخروا به، كما أن قوله : من هو شر مكانا وأضعف جندا تتميم لوعيد
الكفار وكلاهما تتمة لقوله : فليمدد الخ الواقع جوابا عن قولهم : أفي الفريقين خير، وتحقيقه أن الكفار لما ذكروا الخيرية على زعمهم أتى بها في الجواب مشاكلة مع ما فيه من الوعيد والتهكم بهم فتحصل منه أن التفضيل إما للزيادة المطلقة أو لزيادة الثواب في بابه على العقاب في بابه أو يعد العقاب خيرا تهكما بهم أو الخيرية في المفضل عليه خيرية مالهم في الدنيا في نظرهم القاصر أو هو للمشاكلة فتنبه له واحفظه لتسلم من الخلط والخبط. قوله : إ نزلت في العاص بن وائل الخ ( هذا هو الصحيح في كتب الحديث، وقيل : إنها نزلت في الوليد بن المغيرة وخباب بخاء معجمة وباءين موحدتين كشداد صحابيئ معروف ابن الأرت والأرت أفعل من الرتة براء مهملة وتاء مثناة فوقية وهي ثقل في اللسان علم والعاص بن وائل هو أبو عمرو بن العاص وكان من عظماء قريش ولم يوفق للإسلام، وقوله : ولا حين بعثت بفتح التاء خطابا للعاص أي لا أكفر أبدأ لا في حال حياتي ولا في حال مماتي ولا في حال بعثك أيها الكافر وأنت معذب يعني أنه مؤمن بثوابه بعد الموت وعقاب الكفرة بعد البعث ولذا ذكر الموت والبعث وفي نسخة حين تبعث بضم التاء الفوقية. قوله :( ولما كانت الرؤية أقوى إلى آخره ( يعني أن رأى هنا بصرية لا علمية كما ذهب إليه بعض النحاة