ج٦ص١٨٠
عليه أنه مخالف لما مر في البقرة في تفسير قوله تعالى :﴿ ونمدهم في طغيانهم يعمهون ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٥ ]، أنه من مد الجيش وأمده إذا زاده وليس من المذ في العمر، وهو الإملاء والإمهال لأنه يتعدى بنفسه لا باللام كاملي له ورذه في الكشف بأنه لا يخالفه لأن المدعي هناك أن الذي بمعنى الإمهال لا يستعمل إلا باللام لا إن الذي من المدد لا يجوز أن يستعمل باللام ومعناه يفعل المذ ليكون أبلغ من نمده، وأما كون المذعي غير مسلم لأن في القاموس ما يخالفه فلا يدفع السؤال ولا يصح مقابلا لما قاله.
قوله :( ونرثه ( أي نسلبه ما ذكر ونأخذه أخذ الوارث أو نزويه ونمنعه، وله معان أخر ستأتي وفي الكشاف فيه وجوه أربعة أحدها : أن معناه نزوي ونحجب عنه ما زعم أنه يناله في الآخرة من المال والولد ونعطيه من يستحقه وما يقول : بدل من الضمير أو مفعول والمراد مسماه ومدلوله الثاني أنه تمني مالا وولدا في الدنيا بأشعبيته وتألي على الله فقال تعالى : هب أنه أعطيه، أما نرثه ونأخذه منه في العاقبة ويأتينا فردا مجردا عنه فما فائدة تمنيه وتأليه، وثالثها : أن هذا القول يقوله ما دام حيا فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله ويأتينا فردا أي رافضا تاركا لمقاله ورابعها : أنا لا ننسى ما يقول ولا نلغيه بل نثبته في صحيفته لنضرب به وجهه، ونعيره فيأتي على فقره ومسكنته فردا من ماله وولده لم يؤت منه غير تبعته وفردا على الأول حال مقدرة هذا محصله وإنما كانت مقدرة على الأول وهو أن يراد مسمى القول من المال والولد في الآخرة دون غيره كما في الشروح لأن المراد بالانفراد الانقطاع عنهما في العاقبة بالكلية بعد البعث لا في حال الإتيان والبعث لأنه لا يختص به لقوله : ولقد جئتمونا فرادى والآية وردت لتهديده ووعيده بأنه ينفرد عما ذكر حيث يجتمع المؤمنون بأهليهم في النعيم المقيم، وقيل : لا حاجة إلى جعل الحال مقدرة في كلام المصنف فإن محل إرضاء الخصوم وأداء الحقوق إنما هو الموقف فإذا أتاه منفردا عن المال والولد تم المقصود، وإنما
جعلها الزمخشري مقدرة في الأول فقط لأنه على تفسيره بالزوي عنه والصرف لمستحقه الانفراد عليه يقتضي التفاوت بين الضال والمهتدي، وهو إنما يكون بعد الموقف بخلاف الوجوه الباقية لعدم اقتضائها التفاوت بينهما وكفاية فردية الموقف في صحتها وان كانت مشتركة، وبهذا ظهر اندفاع ما ذكره العلامة في شرحه ( أقول ) يعني اعتراضه بأن المراد بالفردية في الوجوه المذكورة إما الانفراد عن المال والولد وهو في الوجهين الأولين والرابع، أو الانفراد عن القول وهو الوجه الثالث وأياما كان يجب أن يراد به دوام الانفراد أما على الأول فلما مر وأما على الثاني، فلأن الحيلولة بينه وبين القول لا تتحقق إلا بنفي القول دائما والآخرة زمان يأس الكافر وانكشاف السرائر فامتنع طلب المال والولد فالحال مقدرة على جميع الوجوه ولا وجه للتخصيص بالأول اهـ وفيه بحث لأن المصنف لم يفسر الوراثة بالزوي ولا بالأخذ وكلامه الأول محتمل لوجوه ثلاثة فلا قرينة على ما عينه وأما اندفاع كلام العلامة فقد سبقه إليه الشراح فتأمل. قوله :( ليتعززوا ) أي يتقؤوا وينتصروا بهم، وقوله : حيث يكونون الخ للتعليل أي لأنهم يكونون وصلة أي مقربا بزعمهم، كقوله : ما نعبدهم إلا ليقزبونا إلى الله، وقوله : رح أي زجر لهم عما زعموه من التعزز المذكور كما مر تقريره. قوله :( ستجحد الآلهة الخ ( جوز فيه أن يكون الضمير الأول للآلهة والثاني للكفرة وعكسه والمعنى على الأول أن الآلهة تنكر عبادتهم وتتبرا منهم فالكفر هنا بمعناه اللغوي وهو الجحد والمراد بالآلهة من عبد من ذوي العلم لإطلاق ضمير العقلاء عليهم ونطقهم أو الأصنام بأن يخلق الله فيهم قؤة النطق فيطلق عليهم ما يطلق على العقلاء أو الأعم منها والمراد بإنكارهم على هذا عدم رضاهم به وإلا فهم قد عبدوهم فيكون كقوله : أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله أو هو على ظاهره كقوله : وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون، وعلى الثاني هو على ظاهره قيل : ومواطن القيامة متعددة فهذا في موطن وقولهم : هؤلاء شركاؤنا في موطن آخر فلا تنافي بينهما، وقوله : لم تكن فتنتهم أي عاقبة فتنتهم، وتفسيرها معلوم في محله. قوله :( يؤيد الأول الخ ( أي هذا يؤيد التفسير الأول