ج٦ص١٨١
الذي جعل فيه الضمير الأول للآلهة والثاني للكفرة لأنه في هذه الاية كذلك بحسب الظاهر المتبادر فينبغي أن يجعل على نسق ليتسق المعنى والنظم، وإنما كان هذا هو المتبادر لأنه في مقابلة الكائنين عزا وهم الآلهة فكذا الضد فالتأييد لفظي ومعنوفي، ولذا قال : إلا إذا
فسر الضد بضد العز يعني إذا كان ضدا بمعناه المتبادر والضد لوقوعه في مقابلة العز للآلهة فإذا كانوا هم الضد يكون الجحد المراد من الكفر صفة لهم، فالضمير عبارة عنهم أما إذا كان الضد بمعنى ضد العز وهو الذل أو ضد ما أملوه منهم وهو النفع والتقزب بهم إلى الله لتضررهم وتعذيبهم كما سيأتي بيانه فلا يكون مؤيدا ولو قيل : إق الكفار ينكرون عباك!ة ألهتهم لكونها ذلا أو ضررا لهم انتظم الكلام أحسن انتظام فمن جعل التأييد لاتساق الضمائر فقد قصر ووقع في ابعض النسخ إن فسر الضد الخ والصحيح هو النسخة الأولى. قوله :( أو جعل الواو للكفرة الخ ( أن في قوله : يكونون وهذا معطوف على قوله : فسر ووجهه أنه لو لم يحمل على الأول كان تأكيدا وتكريرا والتأسيس خير منه، وقوله : على معنى أنها تكون معونة إشارة إلى أن الضد قبله ضد العز وهو الذل وعلى هذا بمعنى العون فانه يطلق عليه لأنه يضاذهم وينافيهم وعبر به على التهكم، وقوله : أي يكونون كافرين فسره به لأن كونهم ذلا لآلهتهم أو عونا في عذابهم لا يصح في حقهم فتأمل. قوله :( وتوحيده لوحدة المعنى الخ ( يعني أنه وحد وحقه أن يجمع لأنه إما عبارة عن الآلهة أو الكفار وهم أضداد لا ضد واحد فإنهم لاتحاد معنى الضدية فيهم كأنهم شيء واحد، وفي القاموس أن الضد يكون واحدا وجمعا وفيه نظر، وقيل : إنه إنما يحتاج إلى التأويل إذا لم يكن بمعنى الذذ فإنه مصدر، وقوله : وهم يد على من سواهم من حديث صحيح رواه النسائي، وأوله المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم أي متفقون في دفع من سواهم وأيديهم كاليد الواحدة وإطلاق اليد على الدافع مجاز اما مرسل أو استعارة وبقية شرحه في كتب الحديث وشروحها وفي الآية مقابلة العز بالذل واللام بعلى. قوله :( وقرئ كلا بالتنوين ) هي قراءة شاذة لأبي نهيك ووجهت بوجوه منها أنها حرف وأبدلت ألفها تنوينا لأنه نوى الوقف فصارت الألف كألف الإطلاق وهي الألف التي تزاد في أواخر القوافي والفواصل المحركة وتسمى تلك القافية مطلقة وضدها مفيدة ولم يجعلها ألف ) طلاق بل شبهها بها لأنها مخصوصة بالشعر ولم يمثل له بقوله : قواريرا كما في الكشاف لأنه صرف للتناسب فتنوينه تنوين صرف وهذا يسمى التنوين الغالي وهو يلحق الحروف وغيرها ويجتمع مع الألف واللام كقوله :
أقلي اللوم عاذل والعتابن وقولي إن أصبت لقد أصابن...
قوله :( أو على معنى كل هذا الرأي كلا ( فيكون اسما مصدرا منونا بمعنى التعب وهو
مجاز عن ضعفه منصوب على المصدرية، وفيل : إنه مفعول به بتقدير حملوا كلأ، وقوله : وكلأ أي وقرئ كلأ بضم الكاف وتشديد اللام وهي منصوبة بفعل يقدر متعذيأ على حذ زيدأ مررت به أي جاوزته فهو من باب الاشتغال كما أشار إليه المصنف بقوله : سيجحدون كلأ أي عبادة كل من الآلهة ففيه مضاف مقدر، وقد لا يقدر. قوله :( بأن سلطناهم ( فسره به على التجوز أو التضمين لتعديته بعلى والتسليط بأغوائهم والوسوسة لهم، وقوله : أو قيضنا لهم قرناء أي سخرنا وهيأنا لهم قرناء من الشياطين مسلطين عليهم غالبين عليهم، وقوله : نهزهم وتغريهم تفسير للأز والهز والأز والاستفزاز متقاربة المعاني، وقوله : والمراد تعجيب رسول الله ﷺ الخ يعني أن في النظم المذكور من قوله : ويقول الإنسان أئذا ما مت إلى هنا ذكر أمور عجيبة تقتضي تعجبه منها وهذا كالتذييل لما قبله كما بينه شراح الكشاف وأشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله : بأن يهلكوا أي بطلب هلاكهم، وفي قوله : وتطهر الأرض مت فسادهم مكنية وتخييلية والأجل في قوله أيام آجالهم بمعنى العمر لأنه يطلق عليه كما يطلق على نهايته وقوله : إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة، يعني أن العد كناية عن القلة كما مر تحقيقه في قوله : دراهم