ج٦ص١٨٨
أبو عليئ الفارسي نعم قيل إنه يصح فيه البدلية من القرآن. قوله :( ولا مفعولا له لأنزلنا الخ ( هو رد على الكشاف تبع فيه أبا البقاء حيث جوز فيه أن يكون مفعولا له وقال : كل واحد من لتشقى وتذكرة علة للفعل، إلا أن الأول وجب مجيئه مع اللام لأنه ليس لفاعل النهعل المعلل ففاتته شريطة الانتصاب على المفعولية والثاني جاز قطع اللام عنه ونصبه لاستجماعه الشرائط، وما علل به الرد ليس بشيء لأنه يجوز أن يعلل الفعل بعلتين، وإنما الرد عليه بأنه لا يعمل عامل واحد في معمولين من جنس الفضلات بدون عطف أو بدلية، كما قيل ولك أن تقول أنه مراده وليس في كلامه ما يأباه ويدفع بما في الكشف من أن المعنى ما أنزلناه عليك لتحتمل مشاقه ومتاعبه إلا ليكون تذكرة، وحاصلة أنه نظير ما ضربتك للتأديب إلا إشفاقا ويرجع المعنى إلى ما أذبتك بالضرب إلا للإشفاق، كذلك المعنى هنا ما أشقيناك بإنزال القرآن، إلا للتذكرة أو إلا حال كونه مذكرا، وما يتوهم أن قوله : لتشقى على هذا ظرف مستقر أي ما أنزلنا القرآن الكائن لشقائك وتعبك إلا للتذكرة مضمحل بما مثلناه، وحاصله حسبك ما حملته من متاعب التبليغ ولا تنهك بدنك ففي ذلك بلاغ اهـ. والحاصل أنه يجوز تعدد العلة بدون عطف وإبدال إذا اختلفت جهة العمل فيهما كما هنا فإن أحدهما جار ومجرور والآخر مفعول له وإن اقتضى كلاها المعرب خلافه فإنه غير مسلم، كما اقتضاه كلامهم في غير هذا المحل، وفي كلام الزمخشري هنا إشارة إليه حيث جعله مفعولا صريحا لا على إسقاط اللام، هاذا اتحدت وكانت إحداهما علة للفعل والأخرى علة له بعد تعليله فيكون تعليلا لمجموعهما نحو أكرمته لكونه غريبا لرجاء الثواب فإن الغريب إكرامه لغربته ورجاء الثواب علة لإكرام الغريب، أو لكون العلة الثانية علة للعلة الأولى نحو لا يعذب الله التائب لمغفرته له لإسلامه إذا تعلقا بالفعل المنفيئ إذ لا يلزم تعلقه بالمغفرة وإن صح فالأولى علة لعدم العذاب والثانية للمغفرة وهما يرجعان إلى تغاير المتعلق تقديرا بالإطلاق والتقييد على القاعدة السابقة في أكلت من بستانك من عنبه، وهذا مراد المدقق فاحفظه فإنه نفيس، وأما ما قيل من أنه ما المانع من جواز تعديته إلى أحدهما باعتبار النفي وإلى الآخر باعتبار الإثبات وقد جوز تعلق الحرفين المتماثلين بأفعل التفضيل باعتبارين ثم لا يجوز أن يكون التعليل الثاني للعلة الأولى لا لنفس الفعل المعلل بأن يكون الفعل المعلل بالشقاء معللا بالتذكرة بطريق الحصر بالنفي والاستثناء، والأولى أن يعلك بفقدان المستثنى منه على هذا الاحتمال إذ لا مجال للتفريغ لمكان
لتشقى حتى يندفع الإيراد الأول، فلا وجه له لأنه إذا كان مفعرلا له لا يكون منصوبا على الاستثناء لأنه قسيم له فلا بد أن يكون مفرغا على أن الإنزال تعلق بعلتين إحداهما مثبتة والأخرى عامة منفية استثنى منها أخرى مثبتة وهما الشقاء والتعب وغيره من العلل أي ما أنزلنا عليك القرآن لتحمل مشاق التكليف وتتعب بها لعلة من العلل إلا لهذه العلة أو في حال من الأحوال إلا في هذه الحال، وما قيل إنه لا شقاء فيه وإن هذا ينافي قوله : فلا يكن في صدرك حرج منه فليس بشيء ألا ترى قوله تعالى :﴿ سنلقي عليك قولآثقيلا ﴾ [ سورة المزمل، الآية : ٥ ]، والفرق بين المقامين ظاهر، فتأمل. قوله :( وقيل هو مصدر في موقع الحال ( فالاستثناء مفرغ والمصدر مؤؤل بالصفة أو قصد به المبالغة ولقلة وقوع المصدر حالا مزضه، وقوله : متعلق بمحذوف لدفع ما مر من تعذي الفعل الواحد لعلتين وقد دفعه المعرب بوجه آخر ادعى أنه المقصود في الكشاف وهو أنه معمول لتشقى أي لا تتعب لشيء إلا لكونه تذكرة وما ذكره المصنف رحمه الله من أن الظرف مستقر لم يرتضه في الكشف مع أق فيه تقدير متعلقه معرفة، وهو غير معروف وحذف الموصول مع بعض صلته وقد أباه بعض النحاة وكون أل حرف تعريف خلاف الظاهر، وقيل : إنه لو جعل حالالم يلزم شيء من ذلك وفيه نظر.
تنبيه : قال الشاطبي : الفعل لا ينصب مصدرين، ولذا قالوا في قول سيبويه رحمه الله :
أعلم الله زيدا العلم البين إعلاما إن العلم انتصب بإضمار فعل لا بأعلم لأن الفعل لا يعمل في مصدرين ولا ظرفي زمان ولا ظرفي مكان ولا حالين، ولا تمييزين فإن جاء ما يوهمه حمل على البدل أو إضمار فعل وأجاز ابن الطراوة عمله في مصدرين أحدهما مؤكد