ج٦ص٢٠٣
على بعضها، وهذا مما اتفق عليه أهل السنة وغيرهم فلا وجه لما قيل إنه مناسب لمذهب الاعتزال ولا تخصيص لفرعون بهذا حتى يقال : كم من جبار طاع لم يرسل إليه فإنه من الأوهام الواهية. قوله :( والتذكر للمتحقق الخ ( حاصله أن التذكر والخوف داعيان إلى الإيمان إلا أن الأول للراسخين المتحققين صدق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولذا قدم والخشية لمن يتوهمه فالمعنى باشراه على رجاء تحقق فرعون صدقكما فيتذكر ويتعظ أو يتوهمه فيخشى. قوله :( أن يعجل محلينا الخ ( قيل إنه يرذه قوله تعالى :﴿ ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٣٥ ] فإنه مذكور قبل قولهما هذا وهو يدل على حفظهما عن عقوبته ورد بأنه تفسير مأثور عن كثير من السلف كمجاهد فلا ينبغي المبادرة لرذه ولا تعيين في قوله : فلا يصلون إليكما فيجوز أن يكون معناه فلا يصلون إلى إلزامكما بالحجة مع أن تقدمه غير معلوم ولو قدم في الحكاية لا سيما والواو لا تدل على ترتيب مع أنه قدم في تفسير قوله : فقولا له قولا لينا ما ينافيه والفارط المتقدم للمورد والمنزل وفرس فرط بضمتين معناه ما ذكر وفي القاموس أنه بفتحتين فليحزر وقوله : وقرئ يفرط أي بضم الياء وفتح الراء وفي القراءة الآتية بكسرها، وقوله : أن يزداد طغيانا لأن أن للاستقبال والطغيان صفة له قبل ذلك لق!وله إنه طغى فلا بد من تأويله بما ذكر أو بطغيان مخصوص كما أشار إليه بقوله : فيتجزأ أي يحصل له جراءة وجسارة على الله وفي كلامه إشارة إلى أن فاعل يفرط ضمير فرعون، وقيل هو راجع إلى القول المفهوم من السياق. قوله :( وإطلاقه ( بالرفع أي إطلاق يطغى إذ لم يقيد بقوله : عليك أو علينا قيل وجوز جزه عطفا على جراءته أي لكونه غير مقيد بحسن الأدب مع الله أو معنا، ومثله داع إلى التخطي عن حذه والوجه الأول وهو المذكور في الكشاف. قوله :( بالحفظ والنصر ( إشارة إلى ما قاله الإمام من أن كونه معهما عبارة عن الحراسة والحفظ كما يقال : الله معك على سبيل الدعاء، وأكد ذلك بقوله :﴿ أسمع وأرى ﴾، كما أشار إليه المصنف بقوله : فأحدث الخ. قوله :( ما يجري بينكما الخ ( عدم ذكر المفعول إفا بتنزيله منزلة اللازم أو لقصد العموا بتقديره عاما لعدم قرينة
الخصوص كما تقول الله خالق أي كل شيء أو بحذفه وهو خاص لدلالة القرينة عليه إيجازا فقوله : ما يجري الخ إشارة إلى تقدير مفعول خاص بقرينة السياق أو عام بقدر الحاجة لا من كل الوجوه حتى يقال : تخصيصه بما جرى ينافيه. قوله :( ويجوز أن لا يقدر شيء الخ ( إشارة إلى الوجه الثالث وتنزيله منزلة اللازم من غير نظر إلى المفعول لأنه تتميم لما يستقل به الحفظ وليس من باب أن يرى مبصر وشممع واع على ما أظن فتأمل، وقوله : أطلقهم فهو من قولهم : أرسلت الصيد إذا أطلقته. قوله :( وتعقيب الإتيان بذلك الخ ( إنما جعله معقبا على الإتيان دون دعوى الرسالة الدال عليه قوله : إنا رسولا ربك مع أنه الظاهر لأنه من جملة- مقول القول المتعقب فيكون متعقبا عليه أيضا وهو المقصود وقوله : إنا الخ في نية التأخير ولو كان متعقبا على ما قبله لكان لمنع القبط لبني إسرائيل عن اتباعه فتأمل. قوله :( تخليص المؤمنين من الكفرة الخ ( قيل : تعقيب دعوى الرسالة بإطلالتى بني إسرائيل لما فيه من إزالة المانع عن دعوتهم واتباعهم، وهي أهنم من دعوة القبط فلا دلالة فيه على ما ذكر مع أته تقدم في سورة يوف! أنه ما آمن لموسى عليه الصلاة والسلام إلا ذرية وأولاد من قومه فلا يكون المخلصون مؤمنيمت، ورد بأن السياق هنا لدعوة فرعون ودفع طغيانه وكون ما آمن به أولا إلا الذرية لا ينافي كوشهم مؤمنين بغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد قاق المصنف رحمه الله : هناك أق عدء إجابتهم له لخوفهم من فرعون وهو يدل على إيمانهم في الباطن. قوله :( ويجوز أن يكون للتدريج في الدعوة ( بأن يأمره بما لا يشق عليه من إطلاق الأسرى ثم يأمره بتبديل اعتقاده أو ليتبعه قومه ثم يتبعه فرعون و القبط. قوله :( قد جئناك الخ ) أتى بقد لتحققه وتأكيده فإن قيل إنها تدل على التوقع مع الماضي كما في قد قامت الصلاة قيك : لا مانع منه ولأنه إذا ذكرت الرسالة توقع ذكر ما يدل عليها ويثبتها وفيه كلام في المغني وف وحه، وقوله : جملة مقررة الخ أي مؤكدة ومبينة