ج٦ص٢١٧
ما أصله اليبوسة ولم يعهد رطباً فيبس بالتحريك، وأما طريق موسى عليه الصلاة والسلام في البحر فإنه لم يعهد قط طويقا لا رطبا ولا يابسا وهو مخالف له، ويبس من باب علم، وقوله : إفا مخفف أي حذفت حركته
للتخفيف فهو مصدرا وهو صفة مشبهة كصعب أو جمع لصاحب وقيل إنه اسم جمع، وهذا الاحتمال ذكره في الفتح أيضاً فيكون كخادم وخدم لكن لندوره لم يذكره المصنف رحمه الله وقوله : مبالغة لجعله في السعة كالطرق أو قدر كل جزء منه طريقا لأنه كان اثني عشر بعدد الإسباط كما سيأتي. قوله :( كان قتود الخ ) القتود جمع قتد وهو خشب الرحل ويجمع على أقتاد والرحل ما يوضع على الناقة والمراد به الناقة هنا، والحوالب بالحاء المهملة جمع حالب، والحالبان عرقان يكتنفان السرة، وغرزا جمع غارز بالغين المعجمة وتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة وهي الناقة التي قل لبنها والغرازة ضد الغزارة فعكس اللفظ لعكس المعنى وهو منصوب على الحال، وقيل : صفة حوالب، ومعى واحد الأمعاء وهي معروفة وجياع جمع جائع وصف به المفرد، وضمت بفتح الضاد بمعنى جمعت، وحوالب مفعوله وفاعله ضمير الرحل ولا مضاف فيه مقدر وهو ذات وهو كناية عن هزالها، والبيت من قصيدة للقطامي أوّلها :
قفي قبل التفرّق يا ضباعا ولايك موقف منك الوداعا...
وبعد البيت :
على وحشية خذلت خلوج وكان لهاطلاطفل فضاعا...
قوله :( من المأمور ( وهو فاعل أضرب أو أسر بقطع الهمزة، وقوله : يدرككم المراد موسى وقومه على التغليب والدرك والدرك اللحوق، وقوله : على جواب الأمر يعني أسر، ويحتمل أنه نهى مستأنف كما ذكره الزجاج. قوله :( استئناف ( أي على قراءة حمزة وأما على قراءة غيره فهو معطوف، وأما تقدير المبتدأ فهو دأبهم في الاستئناف وقد مر فيه كلام، وقوله : والألف فيه للإطلاق يعني أنه مجزوم بحذف آخره، وهذه ألف زائدة لوقوعه فاصلة وأما كونه مجزوما بحذف الحركة المقدرة كقوله :
ألم يأتيك والأنباء تنمي
فضعيف بل ضرورة فلذا تركه المصنف رحمه الله وإذا كانت حالية فاقترانها بالواو للنفيئ
إذ لو كان مثبتا لم يقترن بها في الفصيح. قوله :( فاتبعهم الخ ( اتبع متعد لاثنين في الأكثر كقوله : أتبعناهم ذرياتهم فلذا قيل إن الثاني مقدر أي عقابه أو رؤساء جيشه وقدره المصنف نفسه ولا محصل له ) قلت ( بل هو مفيد لأنه كناية عن أنه تبعهم فلا وجه لما ذكر، وقيل إنه
جنوده والباء زائدة فيه كما نقل عن الأزهرفي، وقصق أئرهم أي اتبعه، وقوله : ومعه جنوده إشارة إلى أنّ الجار والمجرور حال وأن الباء للمصاحبة، وقيل : إنه قد يتعدى لواحد بمعنى اتبع كما أشار إليه بقوله : وقيل الخ ورجحه على تفسيره بأدركهم كما فسره به يونس لأن تلك القراءة تناسب ما ذكره، وقوله : لا تخاف دركاً ياً باه هنا فمن اعترض عليه غفل عن مرأده، والقراءة بهما تؤيد أنهما بمعنى وإن نقل عن يونس أن اتبع بقطع الهمزة معناه أسرع ووجه، ويوصلها معناه اقتفى وتبع وقوله : والباء للتعدية أي على الثاني. قوله :( والمعنى فأتبعهم جنوده وذادهم خلفهم ( بالذال المعجمة بمعنى ساقهم وحثهم وهو تفسير لاتبعهم على كونه متعدياً لاثنين والباء زائدة إشارة إلى أنه كان معهم يحثهم على لحوقهم بهم لأن السائق لا بد من كونه مع المسوق وهذا من منطوقه لأنه معنى الاتباع إذ لم يرد به الإرسال وليس من دليل آخر كما قيل : ولا معارضة بينه وبين قوله : فاتبعهم فرعون وجنوده ولا إيهام فيه لعدم اتباع فرعون بنفسه كما توهم ومن ظنه على الوجه الثاني وأنه بدل من فرعون بدل اشتمال فقدسها، وما وقع في بعض النسخ زادهم بالزاي المعجمة من تحريف الناسخ قوله :( الضمير لجنوده ( لقربه وجنئذ لم يذكر فرعون لأنه ألقى بالساحك ولم يتغط بالبحر لقوله : ننجيك ببدنك فوجهه ملاءمته للسباق والسياق فلا وجه لما قيل إنه لا وجه له وأنه يوهم أمرا باطلا وأما تفسير ما هدى بما نجا فجواب بما لم يقله مع بعده عن المقام، ووجه المبالغة من الإيهام كما أشار إليه بقوله : ولا يعرف كنهه وإذا كان الفاعل ضميرا لله فما مفعول، وإذا كان ما فاعلاً فترك مفعوله لزيادة الإيهام، وقيل : إنه من أليم أي بعض أليم وإذا كان الفاعل ضمير فرعون