ج٦ص٢٢٤
من كونه الإعراض! عنه مؤذياً للإثم والشقاوة الأبدية، وما قيل إنه لا يبعد أن يستفاد من تنوين ذكراً في غاية البعد لأنه إنما غايته الدلالة على تعظيمه. وقوله : وقيل عن الله ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة ولبعده، وكون المقام لا يقتضي الالتفات مرضه. قوله :( عقوبة ثقيلة فادحة ) بالفاء والدال والحاء المهملتين بمعنى مثقلة وليس بتكرار لأنه لا يلزم من الثقيل أن يكون مثقلا، وعلى كفره متعلق بعقوبة وذنوبه بالجرّ عطف على كفره، وفي الكشاف أن الوزر يطلق في اللغة على معنيين الحمل الثقيل، والإثم فيجوز أن يقال في وجه تسمية العقوبة بالوزر، شبهت العقوبة بالحمل الثقيل، ثم استعيل استعارة مصرّحة بقرينة ذكر يوم القيامة أو يقال العقوبة جزاء الإثم فهي لازمة له أو مسببة فأطلق الوزر وهو الإثم على العقوبة مجازاً مرسلا، هكذا قرّره الشارح العلامة وغيره ومحصله أنه مجاز عن العقوبة إمّا من الحمل الثقيل على طريق الاستعارة أو من الإثم على طريق المجاز المرسل، ولا يخفى انّ الأوّل هو المناسب لقوله : وساء لهم يوم القيامة حملا لأنه ترشيح له، ويؤيده قوله في آية أخرى ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ ﴾ وأمّا ما ذكره المصنف رحمه الله فلا يخلو عن الكدر لأن قوله أو إثما عظيما المعطوف على قوله عقوبة لا يناسب السياق. والسباق إلا بتكلف أن يراد بالإثم جزاؤه كما قيل أو يقدّر في النظم مضاف على التفسير به، أي جزاء وزر ويفدح وينقض بمعنى يثقل. قوله :( سماها وزرا تشبيهاً الخ ) أي استعارة مصرّحة كما قررنا قيل ويجورّ أن يكون من ذكر السبب وارادة المسبب والوزر على الأوّل بمعنى الحمل، وعلى الثاني بمعنى الإثم، ويجوز أن يكون من حذف المضاف أي عقوبة وزر ففي المضاف استعارة بالكناية ولا يخفى ما فيه كما يعلم مما قرّرنا.. قوله :( أو إثماً عظيماً ) العظم من التنكير، وقد مرّ ما فيه قيل والمراد حينئذ بضمير الوزر في قوله خالدين فيه
العقوبة استخداما إلا أن يقال إق الأوزار تجسم فلا حاجة إلى الاستخدام، ولا إلى جعله استعارة مكنية، وهو تكلف أنت في غنية عنه بما مرّ، وقوله : في الوزر أي بمعنى العقوبة، وقوله : والجمع فيه أي في خالدين بعد توحيد ضميرا عرض المستتر مراعاة للفظ من ومعناها. قوله :( أي بئس لهم الخ ) ساء يكون فعلا متصرّفاً بمعنى أحزن ويكون فعل ذم، بمعنى بئس وحينئذ ففاعله مستتر يعود على حملا التمييز لا على الورّر، لأن فاعل بئس لا يكون إلا ضميراً بهما يفسره التمييز العائد إليه وان تأخر لأنه من خصائص هذا الباب والمخصوص بالذم محذوف، والتقدير ساء حملهم حملا وزرهم ولام لهم للبيان كما في سقيا له، وهيت لك متعلقة بمحذوف تقديره يقال لهم كأنه قيل هذا فقيل يقال لهم وفي شأنهم. قوله :( أشكل أمر اللام ونصب حملاَ ولم يفد مزيد معنى ) يعني أنه لا يساعده اللفظ ولا المعنى لأنّ ساء بمعنى أحزن متعد بنفسه، وليس المحل محل زيادة اللام ولا داعي للتكلف في توجيهه كما قيل أنّ التقدير أحزنهم الوزر حال كونه حملا لهم، وقد رذه في الكشف بأنه أفي فائدة فيه، والوزر أدل على الثقل من قيده ثم التقييد بلهم وتقديمه وحذف المفعول لا يطابق المقام. وسياق الكلام ولا مبالغة في الوعيد به بعدما تقدمه. وقال الطيبي رحمه اللّه وتبعه المحشي المعنى أحزنهم حمل الوزر على أنه تمييز واللام للبيان ورده بأنه مفوّت لفخامة المعنى وأن البيان إن كان لاختصاص الحمل بهم ففيه غنية، وان كان لمحل الأحزان فلا كذلك طريق بيانه، وان كان على أن هذا الوعيد لهم فليس موقعه قبل يوم القيامة وأنّ المناسب حينئذ وزراً ساء لهم حملا على الوصف لا هكذا. وقيل يجوز أن يكون ساء لازماً بمعنى قبح وحملا تمييز ولهم حال ويوم القيامة متعلق بالظرف أي قبح ذلك الوزر من جهة كونه حملاً لهم في يوم القيامة، وفي ورود ساء بهذا المعنى في كتب اللغة وكلام الفصحاء على أنه معنى حقيقي نظر، وإن ذكره صاحب القاموس فتأمل. قوله :( إلى الآمر به ( وهو الله فإسناده إليه تعظيم للفعل وهو النفخ لأنّ ما يصدر عن العظيم عظيم، أو هو تعظيم لإسرافيل النافخ بجعل فعله بمنزلة فعله وهو إنما يقال فيمن له مزيد اختصاص وقرب مرتبة، وقيل إنه يجوز أن يكون تعظيما لليوم الواقع فيه ويتمشى على هذه القراءة التي تليه أيضاً. قوله :( وقرئ في الصور ( بضم الصاد وفتح الواو جمع صورة كغرفة وغرف والمراد به