ج٦ص٢٤٤
وما في نسخة من التبادر والمنازل من تحريف الناسخ، وهذا هو المناسب لتفسيره للمساكن فكان ينبغي تقديمه. قوله تعالى :( ﴿ يَا وَيْلَنَا ﴾ ) نداء الويل كنداء الحسرة في قوله :﴿ يَا حَسْرَتَنَا ﴾ وقد تقدم الكلام فيه. وقوله : وجه النحاة أي أمارتها وهو استعارة تصريحية أو مكنية وقوله : فلذلك أي لتحقق العذاب لم تنفعهم مقالتهم هذه لأنها ندم من حيث لا ينفع الندم. قوله :( وقيل إنّ أهل حضور ) بالضاد المعجمة وجاء وراء مهملتين بوزن شكور علم محل باليمن والنبيّ المذكور في الكشف هو موسى بن ميشا. وقوله : يا لثأرات الأنبياء اللام مفتوحة فيه للاسنغاثة والثأر أخذ الجاني والانتقام منه ونداؤه مجاز وقيل
المراد به التعجب. وقيل إنه على تقدير مضاف أي يا أهل ثاً راتهم والطالبين لدمهم احضروا لتغيثونا. وقيل إنه نداء للقبيلة وأهل حضور للتوبيخ والتقريع والمراد بالأنبياء الجنس فإنه ثأر نبيّ واحد. قوله :( يرددون ذلك ) أي قولهم يا ويلنا والمولول اسم فاعل من الولولة وهي الصياح والويل، وكان قياسه ويللة والدعوى هنا بمعنى الدعوة. قوله :( يحتمل الاسمية والخبرية ( لزال لأنها من النواسخ. قال أبو حيان النحاة على أن اسم كان وخبرها مشبه بالفاعل والمفعول فكما لا يجوز في الفاعل والمفعول التقدم والتأخر إذا أوقع في اللبس لعدم ظهور إعرابه لا يجوز ذلك في باب كان ولم ينازع فيه إلا أحمد بن الحاج تلميذ الشلويين كما وقع للشيخين ) قلت ( ما ذكره ابن الحاج في كتاب المدخل إنه ليس فيه التباس وأنه من عدم الفرق بين الالتباس وهو أن يفهم منه خلاف المراد والإجمال، وهو أن لا يتعين فيه أحد الجانبين ولأجل هذا جوّزه وما ذكره محل كلام وتدبر. وفي حواشي الفاضل البهلوان أن هذا في الفاعل والمفعول وفي المبتدأ والخبر إذا انتفى الإعراب والقرينة مسلم مصرّج به وأما في باب كان وأخواتها فغير مسلم. قوله :( مثل الحصيد ( يشير إلى أنه تشبيه بليغ مقدر فيه هذا المضات الذي يطلق على الواحد وغيره لأنه مصدر في الأصل فلذا أفرد الحصيد لأنه ليس هو الخبر. في الحقيقة يلزم مطابقته فأفراده دال على هذا التقدير كما قيل. ولا وجه له فإنه هو المحمول في التشبيه البليغ ويلزم مطابقته. فتقول الرجل أسد والرجال أسود بل المراد أنّ فعيلا بمعنى مفعول وهو يستوي فيه الواحد المذكر وغيره فلا حاجة لتأويله بالجنس ونحوه مما سمعته. قوله :( ميتين من خمدت النار ( إذ أطفئ لهبها ومنه خمدت الحمى إذا سكنت. وفي شرح المفتاح الشريفي أنّ في هذه الآية استعارتين بالكناية في لفظ واحد أعني لفظة هم في جعلناهم حيث شبهوا بالنبات والنار في الهلاك والزوال وأثبت لقم الحصاد المخصوص بالنبات وجاز أن يجعل حصيدا من باب التشبيه، ففي الكشاف أي جعلناهم مثل الحصيد، كما تقول جعلناهم رمادا أي مثل الرماد ولا يجوز ذلك في خامدين إذ ليس لنا قوم خامدون حتى يشبههم هؤلاء، لكن جاز أن يجعلا من الاستعارة التصريحية التبعية في الصفة بأن يشبه هلاك القويم بحصاد النبت وخمود النار في القطع والاستئصال فقد ذهب المصنف تبعا للزمخشريّ إلى أن حصيدا تشبيه وخامدين استعارة كما في الكشف. وذهب الطيبي والفاضل اليمني إلى أنهما تشبيه وسيأتي ما فيه وذهب السكاكيّ إلى أنهما استعارة فإن قلت إذا كان الطرفان مذكورين هنا وذكرهما مخرج عن حذ الاستعارة ضرورة فكيف جاز للسكاكي جعله استعارة على المذهب الراجح والا فلم ارتكبه الشيخان. وما الفرق بين الحصيد أو خامدين هنا. قلت الذاهب إلى الاستعارة يجعل الطرف القوم المهلكين لا مدلول الضمير، وذكر ما يساوي أحد الطرفين أو
يشمله لا يعد مانعا كما في سورة يوسف وحينئذ يرد أن المشبه بالنار الخامدة إن كان هو مدلول الضمير ورد المحذور ولا يفيده صيغة جمع العقلاء، وإن كان غيره لزم كون حصيداً استعارة أيضاً ولا يصح جعله تشبيها آخر فيه وهو ميتون لمنافاة وجه الإعراب له. وقول الشريف إذ ليس لنا قوم خامدون فيه بحث مع أن مدار ما ذكره من كون خامدين لا يحتمل التشبيه لجمعه جمع العقلاء المانع من أن يكون صفة للنار حتى لو قيل خامدة كان تشبيها كما صرّج به في حواشيه، لكنه محل تردّد لأنه كما صح الحمل في التشبيه


الصفحة التالية
Icon