ج٦ص٣٠٢
لم يسافروا وان كانوا سافروا فهو حث على النظر وذكر السفر لتوقفه عليه لا للحث عليه فما قيل إن المقصود هو الاعتبار والاتعاظ فإذا ترتب ذلك على سفرهم لا تمس الحاجة إلى أن يكون سفرهم لهذا الغرض وينبغي أن يقول : بدله لم لا ترتب على سفرهم ذلك إلا أن تكون اللام في قوله لذلك للعاقبة كلام ناشئ من قلة التدبر ويجوز أن يكون الاستفهام للإنكار أو التقرير فتأمل. قوله :( فتكون ( منصوب في جواب الاستفهام أو النفي وقوله ما يجب الخ هو مفعول يعقلون المحذوف لدلالة المقام عليه اختصاراً ومن التوحيد بيان لما وبما متعلق بيعقلون والاستدلال عطف تفسير للاستبصار وما يجب أن يسمع مفعول يسمعون وبحال متعلق بالتذكير ولم يذكر الأعين لأنها لا عبرة بها مع عمي القلب. قوله :( الضمير للقصة ( يعني أنه ضمير شأن مفسر بالجملة بعده وأنث باعتبار القصة فإنه يجوز تذكيره وتأنيثه بدليل أنه قرئ فإنه في الشواذ أو هو ضمير مبهم يفسره الأبصار وكان أصله فإنها الأبصار لا تعمى على أنه خبر بعد خبر فلما ترك الخبر الأوّل أقيم الظاهر مقام الضمير لعدم ما يرجع إليه ظاهراً فصار فاعلا مفسراً
للضمير. واعترض عليه أبو حيان بأنه لا يجوز لأن الضمير المفسر بما بعده محصور في أمور ليس هذا منها وهي باب رب ونعم الأعمال والبدل والخبر وضمير الشأن كما صرح به النحاة. فما قيل إنه ليس بمحصور وانه يلزم تأخير المفسر للضرورة وحقه التقديم وهم ورد بأنه من باب المبتدأ والخبر نحو وان هي إلا حياتنا الدنيا ولا يضره دخول الناسخ عليه فهو غفلة كما قيل وفيه نظر. قوله :( عن الاعتبار ( متعلق بتعمي والمشاعر الحواس الظاهرة وإيفت بكسر الهمزة والياء التحتية والفاء مجهول آفه إذا أصابه بآفة فهو مؤف وايف كقيل فعله المبني للمفعول. قوله :( وذكر الصدور للتثيد الخ ( فهو مثل يقولون بأفواههم وطائر يطير بجناحيه كذا قال الزجاج : وقال الزمخشري إنه لزيادة التصوير والتعريف ليتقرّر أن مكان العمي هو القلوب لا الإبصار كما نقول ليس المضاء للسيف ولكنه للسانك الذي بين فكيك فقولك الذي بين فكيك تقرير لما ادعيته للسانك وتثبيت لأن محل المضاء هو هو لا غير وكأنك قلت ما نفيت المضاء عن السيف وأثبته للسانك فلتة ولا سهواً مني، ولكن تعمدت به إياه بعينه تعمداً فقال : بعض شراحه التوكيد في يطير بجناحيه لتقرير معنى الحقيقة وأن المراد بالطير المتعارف وفي تعمي القلوب التي في الصدور لتقرير معنى المجاز وأن العمي مكانه القلب البتة. واليه أشار المصنف وظاهره ينافي قول المصنف نفي التجوّز الموافق لكلام الزجاج ولا منافاة بينهما عند التحقيق فإن توصيف القلوب واللسان بما ذكر يدل على أن المراد بها ظاهرها لكن ما وصفت به كالعمي والمضاء ليس حقيقة إلا بطريق الادعاء فهو لنفي التجوّز عن القلوب وتقرير التجوز في الصفة المثبتة له وإليه أشار المصنف رحمه اللّه بقوله وفضل التنبيه الخ ومنه يعلم ما في كلام الشارح فتدبر. قوله :( قيل لما نزل الخ ( لعل تمريضه لعدم ثبوته عنده لأنّ ابن أم مكتوم رضي الله عنه لا يخفى عليه مثله لا لأن التخصيص يأباه المقام والسياق لأن خصوص السبب لا يخصص لكنه قيل عليه إنه يقتضي أن يكون المعنى لا تعمي الأبصار في الآخرة. ولكن تعمي القلوب ويرده قوله :﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ﴾ [ سورة طه، الآية : ٢٥ ا ] وأجيب بأن كون المعنى ما ذكر يأباه قوله : فإنها الخ ولا يقتضيه ما ذكر من سبب النزول بل هو يقتضي كون المعنى لا تعمي الأبصار في الدنيا فإن عماها ليس بعمي في الحقيقة في جنب عمي القلب فلا اعتبار به، ولكن تعمي القلوب وابن أتم مكتوم رضي اللّه عنه ليس أعمى القلب فلا يدخل تحته ومن كان في هذه أعمى أي أعمى القلب فهو في الآخرة أعمى أي أعمى البصر لأن فيها تبلى السرائر. وهذا المعنى لا يأباه قوله لم حشرتني أعمى بل يوافقه ومن لم يتنبه له أجاب عنه بأنه لا يتعين قوله أعمى لإرادة أعمى البصر لما سبق من تفسيره بعمي القلب. وابن أثم مكتوم رضي الله عنه صحابيّ معروف. قوله :( ويستعجلونك! هو خبر لفظا واستفهام
وإنشاء معنى وقوله لامتناع الخلف في خبره بناء على أن الوعيد والوعد خبر فلو أخلف لزم الكذب عليه تعالى وهو محال وأما وقوعه في حق العصاة مع قوله لا يبدل القول لدفي فلأن المراد بمثله الأحني ر عن اش!اقه لا عن إيقاعه أو هو مشروط بعدم العفو لقوله :﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾ [ سورة طه، الآية : ٤٨ ] فإن قيل إنه إنشاء فلا إشكال وقوله : فيصيبهم الفاء فيه سببية وقوله


الصفحة التالية
Icon