ج٦ص٣٠٣
لكنه صبور فليس التأخير للعجز ولا للإهمال. قوله :( بيان لتناهي صبره ( يعني أنه لما ذكر استعجالهم وبين أنه لا يتخلف ما استعجلوه وإنما أخر حلما وصبرا منه إشارة إلى تناهي صبره أي بلوغه النهاية لا انتهاؤه ونفاده وهو يرد بهذا المعنى أيضا لأن اليوم ألف سنة عنده فما استطالوه ليس بطويل بالنسبة إليه بل هو أقصر من يوم. فلا يقال إن المناسب حينئذ أن ألف سنة كيوم والقلب لا وجه له هنا والتأني التمهل وعدم العجلة والاسم منه الأناة وههنا فائدة في شروح الكشاف في قوله وهو سبحانه حليم لا يعجل ومن حلمه ووقاره واستقصاره المدد فقال : في الانتصاف الوقار المقرون بالحلم يفهم منه لغة قال : سكون الأعضاء وطمأنينتها فلا يجوز اطلاقه على اللّه كالتؤدة والتاً ني والأناة وكذا في الانصاف قال : وأما قوله ما لكم لا ترجون الله وقارا فهو بالعظمة ولذا أسقطه المصنف لكنه غفل عن التأني فيلزمه تركه فافهم. قوله :( أيام الشدائد مستطالة ( أي تعد طويلة كما قيل :
تمتع أيام السرور فإنها قصار وأيام الهموم طوال...
وقوله بالياء أي في قوله : تعدون لموافقة قوله يستعجلونك وعلى المشهورة فيه التفات.
قوله :( وأقيم المضاف إليه الخ ( أما قيامه مقامه في الإعراب فظاهر وأما في إرجاع الضمائر ففيه نظر لأن الظاهر أنها راجعة للمضاف المقدر وكذا الأحكام فهو يقتضي أن يكون مجازاً إلا أن يقال إنه بناء على الظاهر وأما التعميم فلأن نسبته إلى المحل يقتضي شمول جميع ما فيه والتهويل من جهة لحوق ما ذكر بسبب من فيه لمحله. وأنه يعذب بما نزل بهم الجماد فضلا عنهم. قوله :( وإنما عطف الأولى بالفاء الخ ( يعني أن الأولى أبدلت من جملة مقرونة بها فأعيدت معها لتحقيق البدلية وهذه ليست كذلك بل هي جمل متناسفة ولم يقصد ترتب بعضها
على بعض فناسب عطفها بالواو وقيل الواو فيها وفيما قبلها اعتراضية والاعتراض لا يخلو من الاعتراض وقيل الجملة الأولى مرتبة على ما قبلها بخلاف هذه وقوله : لعادته وهي الاستدراج والصبر وقوله : كما أمهلتكم ومثلكم إشارة لأنه وعيد بأن يحل بهم ما حصل بهم. قوله :( وإلى حكمي مرجع الجميع ) فيه إشارة لمضاف مقدر في إليّ وأن الألف واللام في المصير عوض عن المضاف إليه أو استغراقية. ويحتمل أنه بيان لحاصل المعنى والجميع إما جميع الناس أو جميع أهل القرية وتقديم إلى للحصر والفاصلة. قوله :( أوضح لكم ما أنذركم به ( الإيضاج معنى قوله مبين والحصر ليفيد أنه ليس بيده إيقاع ما استعجلوه بل الإنذار به ولذا اقتصر عليه وعموم الخطاب في يا أيها الناس لشموله للكافرين والمؤمنين. وقوله : لأن الخ تعليل للاقتصار، وقوله وإنما ذكر المؤمنين توطئة لما بعده، وقد جوّز تخصيصه بالمشركين والمراد بالمؤمنين من آمن منهم ورجع عن كفره أو ذكرهم استطرادي ويجوز حمل كلام المصنف عليه ولا مانع منه، وقوله زيادة في غيظهم يشير إلى أنه بحسب المآل إنذار وقيل الآية واردة لبيان ما يترتب على الإنذار من انتفاع من قبله وهلاك من رذه كأنه قيل أنذر يا محمد هؤلاء الكفرة وبالغ فيه فمن قبل وآمن فله ثواب عظيم ومن دام على كفره فقد أديت حقك فقاتلهم ليعذبهم اللّه في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالعذاب. وذكر القتل وان لم يكن له ذكر هنا إشارة إلى أن الآيات مرتبطة بقوله : أذن للذين يقاتلون الخ. وان بعد ذكره فلا يرد عليه أنه لا دلالة عليه في النظم مع أنّ عدم ذكر المنذر به للتعميم فيه فيشمل عذاب الدارين. وقيل المنذر به قيام الساعة لأن بعثته من المنذرات كما قال ﷺ :" أنا النذير العريان " والخطاب عام للمؤمن والكافر ولا مانع منه ما توهم وكون المؤمنين لا ينذرون لا سيما وفيهم الصالح والطالح مما لا وجه له والاشتغال بمثله من الفضول. وقوله : ندر بالنون ودال مهملة أي ظهر وصدر منهم من قولهم ندر فلان من بلده إذا خرج أو المراد صدر على طريق الندور بيان لا غلب حال المؤمنين وهو غلبة حسناتهم على سيئاتهم وإنما ذكره لئلا ينافي قوله عملوا الصالحات لأن من ان عمله كذلك لا ذنب له يغفر. قوله :( هي الجنة ( فسره بها لوقوعه بعد المغفرة وتسميتها رزقا لأنه
بمعنى عطاء والكريم بمعنى الفائق في صفات غير