ج٦ص٣٠٧
فالتعريف للعهد في الساعة واختصاص الملك بالله حينئذ لنفاذ حكمه فيه دون غيره والتقسيم حينئذ باعتبار حالهم من الإيمان أو الكفر وقيل المراد بالساعة الموت فإنه من طلائعها ضرورة أن منهم من لا يبقى إلى قيام الساعة بل تزول مريته بالموت وقيل إذا أريد بها القيامة أو أشراطها فالمراد بالذين كفروا الجنس والآية تتضمن الأخبار عن بقاء الجنس إلى القيامة لكن لا يصح مقابله قوله :﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ ﴾ الخ فإنه ليس غاية لزوال مرية الجنس إلا أن يعود الضمير استخداما للكفرة المعهودين كما إذا أريد بها الموت ولا يخفى ما فيه من التكلف. وأمّا إذا أريد الإشراط فهو مجاز أو بتقدير مضاف وقد عرفت ما فيه. قوله :
) سمي به الخ ( يعني أنّ حقيقة العقم عدم الولادة لمن هو من شأنه واليوم ليس كذلك فجعله عقيما مجازا ما في الطرف أو الإسناد بأن يراد بالعقم الشكل استعارة وعليه اقتصر المصنف أو مجازاً مرسلا بإرادة عدم الولد مطلقاً وإسناده إلى اليوم مجاز لأنه صفة من هو فيه من النساء وهذا سماه أهل المعاني المجاز الموجه من قولهم : ثوب موجه له وجهان. قوله :( أو لأنّ المقاتلين أبناء الحرب ) أي عرف تسميتهم بأبناء الحرب لملازمتهم لها كما يقال ابن السبيل وأبناء الزمان والعقم مجاز عن الثكل أيضا لكنه شبه فيه يوم الحرب بالنساء الثكالى والمقاتلون بأبنائها تشبيها مضمراً في النفس ففيه استعارة مكنية وتخييلية والإسناد مجازي أيضا والتجوّز لا يمنع التخييل لأنه على حد قوله ينقضون عهد الله. قوله :( أو لأنه لا خير لهم فيه ( فالاستعارة تبعية في عقيم متفرّعة على مكنية شبه ما لا خير فيه من الزمان بالنساء العقم كما شبهت الريح التي لا تحمل السحاب ولا تنفع الأشجار ببردها حتى تثمر بها بتلك. قوله :( أو لأنه لا مثل له الخ ( فالاستعارة تبعية أيضا جعل اليوم لتفزده عن سائر الأيام كالعقيم كأن كل يوم يلد مثله فما لا مثل له عقيم وعلى هذا يصح أن يراد به يوم بدر وتفرده بقتال الملائكة عليهم الصلاة والسلام فيه أو يوم القيامة كما أشار إليه المصنف وتفرّده ظاهر ولا يلزم إفحام الكاف في قوله كيوم بدر أو لأنه كما قال الجوهرفي قيل : ليوم القيامة عقيم لأنه لا يوم بعده كما قال :
إنّ النساءبمثله لعقيم
قوله :( او يوم القيامة ( عطف على قوله يوم حرب وهو مجاز كما في الوجه الثالث والرابع وإنما قال على أنّ المراد بالساعة غيره للعطف باو والظاهر أن غيره الموت أو الإشراط فالمعنى مريتهم مغياة بأحد الأمرين والأوّل بالنسبة لمن يموت قبل يوم القيامة، والثاني بالنسبة لمن بقي له ولو على الفرض إذ المراد عدم زوال شكهم فلا حاجة إلى أن يقال أو لمنع الخلو حتى يتكلف له ما لا داعي له ولا يرد أن عذاب يوم القيامة ليس غاية للمرية. قوله :( أو على وضعه موضع ضميرها للتهويل ( أي يجوز أن يراد بالساعة يوم القيامة ويوم عقيم وضع موضع الضمير للتهويل والتخويف منه لأنه بمعنى شديد لا مثل له في شذته وأو في محلها التغاير اليوم وعذابه وهي لمنع الخلو ولا محذور فيه. قوله :( أي يوم تزول مريتهم ( تفسير للجملة التي دلت عليها الغاية وقدره الزمخشري يوم يؤمنون لأنه لازم لزوال المرية واختصاص الملك به إن أريد
به يوم القيامة ظاهر وكذا أشراطها لأنها في حكمه وكذا إن أريد الموت كما مرّ لكن موله يحكم بينهم ظاهر في الأوّل لأنه يوم الجزاء وكذا ما بعده وقوله يعم المؤمنين والكافرين لذكرهما أولاً وأن كان ذكر الكافرين قبله ربما يوهم تخصيصه بالكافرين وهذه الجملة إمّا حال أو مستأنفة. قوله :( وإدخال الفاء في خبر الثاني الخ ) فالثواب محض إحسان وفضل ولا ينافيه قوله :﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ وقوله : بما كانوا يعملون لأنها بمقتضى وعده على الإثابة عليها قد تجعل سبباً فلا حاجة إلى جعل الباء في الثاني للمقابلة لمخالفته للظاهر وقوله مسبب عن أعمالهم المستوجبة لعقابهم ولذلك جيء بأولئك للإشارة إلى المتصفين بتلك الصفات وقيل لهم بلام الاستحقاق وكان الظاهر في عذاب مهين كما قيل في جنات النعيم. وقول المصنف هم في عذاب كان الظاهر حذف هم. وقوله : في الجهاد قيده به لأنه هو الممدوح مع أنّ المقام يقتضيه. قوله :( الجنة ونعيمها الخ ا ليرزقنهم جواب قسم والقسم وجوابه خبر أو مقول قول هو الخبر على خلاف بين النحاة والأصيح الأوّل. وفسر الرزق الحسن بالجنة ونعيمها ولا لجضرّه تكرّره مع ما بعده