ج٦ص٣٠٨
إن لم نقل إنه يدل على ما لا يدلّ عليه من كونها مدخلاً مرضيا لأنّ الرضا غير معلوم فيما سبق لأنه بدل منه مقصود به تأكيده أو استئناف مقرّر لمضمونه. وأمّا ما قيل من أنّ المراد بالرزق الحسن ما لهم في البرزخ قبل دخول الجنة لأنّ الرزق الحسن فيها لا اختصاص له بمن هاجر أي خرج من وطنه مجاهدا في سبيل الله من المؤمنين. فقد رد بأنه لو صح ما ذكره لم يصح أن يراد بالمدخل الجنة إذ لا اختصاص فيه أيضا مع أنه ممنوع فإنّ تنكير رزقا ومدخلا يجوز أن يكون للتنويع وذلك النوع مختص بهم وهو مما لا وجه له فإنّ وعد من لا يخلف الميعاد المقترن بالتأكيد المسمى بالجنة ونعيمها ودخولهم على ما يحبون ويرضون فيه من التشريف لهم والتبشير ما لا يخفى. والاختصاص وعدمه مما لا حاجة إلى التعرّض له. ولذا قالءلجرو :" حولها ندندن " والتنويع وادعاء أق المدخل درجاتهم المخصوصة بهم مما لا حاجة إليه كما يشهد به تفضيل المبشرين من الصحابة رضي الله عنهم فافهم. قوله :( سوى بين
من قتل ( أي في أجر الجهاد وان كانت رتبة الشهادة رتبة علية. وقوله : لاستوائهما في القصد هو نية إعلاء كلمة الله بالجهاد في سبيله وأصل العمل هو الجهاد المذكور المقصود بالمهاجرة. والمدخل اسم مكان أو مصدر ميمي. وقوله : بأحوالهم وأحوال معاهدهم وفي نسخة معاديهم وهي مناسبة لذكر الحليم بعده وهذا مناسب لما قبله. وأمّا حليم فذكره هنا ليأخذ بحجزته ما بعده وما قبله إذ لم يعاقب عاجلا قتلة المجاهدين في سبيله فتأمّل. وقوله : ذلك أتى به للاقتضاب كما مرّ وأشار المصنف إلى أنه خبر مبتدأ محذوف وأنّ الله إظهار في مقام الإضمار للإشارة إلى أنه من مقتضى الألوهية. قوله :( ولم يزد في الاقتصاص ) إشارة إلى أنه ابتداء لا تعلق له بما قبله سوى تضمن كل منهما للقتل ولذلك أتى بذلك ومن موصولة أو شرطية مد جواب القسم مسذ جوابها وباء بمثل آلية لا سببية لئلا يتكزر مع قوله به وقوأ، وإنما سمي الابتداء بالعقاب وهو في الأصل شيء يأتي عقب شيء ولذا اختص بالجزاء فإطلاقه على ما وقع ابتداء للمشاكلة وهي المرادة بالازدواج أو لأن الابتداء لما كان سبباً للجزاء أطلق كليه مجازاً مرسلا بعلاقة السببية. وقوله : لا محالة من تأكيد القسم. قوله :( للمنتصر ( إشارة إلى أن لينصرنه في معنى الجزاء والجواب لمن وقوله حيث اتبع هواه إشارة إلى بيان مناسبته لما قبله فإنّ الظاهر أن يقال فإنّ الله ينصر المظلومين. ونحوه لأنه لم يذنب حين اقتص حتى يغفر الله له لأنّ العفو ممدوج مندوب إليه فترك الأولى كأنه ذهب مغفور وقيل إن المماثلة من كل الوجوه متعسرة فيعفى ما وقع ف!يها وقيل إنها نزلت في قوم قاتلهم المشركون في المحرّم فقاتلوهم وقيل : إنّ فيه تقديما وتأخيراً أي من عاقب بمثل ما عوقب به إن الله لعفو غفور فلا يكون على ترك الأفضل ثم إذا بغى على المظلوم ثانيا لينصرنه على من ظلمه ولا حاجة إليه. قوله :( وفيه تعريض بالحث الخ ) يعني أنه كناية تعريضية لأنّ الله إذا عفا مع أنه منتقم قدير كان اللائق بعباده ذلك وتعالى بصيغة المصدر وملازمة القدرة وعلوّ الشأن للانتقام ظاهرة فإنّ العاجز لا يقدر على الانتقام والسافل لعدم غيرته قد لا ينتقم ومثل هذه الملازمة تكفي في عرف البلاغة وعادة التخاطب فلا يرد أنه ملازمة وإنّ الظاهر أن يقال إنه تعالى يعفو عمن خلقة ورزقه ورباه وان عصاه فغيره أولى وللحث جعل ترك العفو المندوب كالذنب العظيم كما تلوح إليه صيغة المبالغة في قوله عفؤ غفور فمن قال إنها لا تناسب كونه مندوبا ل!ا يصب. قوله :( أي ذلك النصر ) يعني أنّ الإشارة
إلى المصدر الدال عليه قوله لننصرنه والباء في قوله بأنّ الله سببية وأن السبب ما دلّ عليه قوله تعالى :﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ ﴾ الخ بطريق اللزوم من القدرة على تغليب الأحوال وتغليب بعض على بعض في العادة الإلهية وأما كون النصر بتعاقب الليل والنهار وتناوب الأزمان والأدوار إلى أن يجيء الوقت المقدر للانتصار فلا محصل له ما لم يلاحظ قدرة الفاعل لذلك وفي الكشاف أو بسبب أنه خالق الليل والنهار ومصرفهما فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشرّ. ومآله إلى أنه تعالى عليم خبير وقد أفاده قوله وإن اللّه سميع بصير ولذا تركه المصنف رحمه الله وكذا جعل الإشارة للعفو والمغفرة


الصفحة التالية
Icon