ج٦ص٣٠٩
والسبب أنه لم يؤاخذ الناس بذنوبهم فيجعل الليل والنهار سرمدا فيتعطل المصالح فإنه مع كونه لا يناسب السياق وقوله : وإنّ الله سميع بصير قد قيل عليه إنّ المؤاخذة بالذنوب لا تنحصر في الجعل المذكور فلا يلزم من انتفائه انتفاؤها وأنه كان المناسب أن يقول بدله جعل الليل الخ كقوله أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا وفيه نظر والمداولة تعاقبهما والملوان الليل والنهار مثنى ملا بالقصر وقوله : بأن تفسير للإيلاج فإنه ليس المراد به ظاهره والمراد مقدار ما ينقص منه لا عينه فهو على طريق الاستعارة لأنه بإيلاج شيء في شيء يزيد المولج فيه وينقص الاخر أو يذهب في رأي العين أو بحصول أحدهما في مكان الاخر وقد مرّ تفصيله وتخصيص السمع والبصر بما ذكر بمقتضى المقام ولو أبقى على عمومه صح والمبالغة في الكم والكيف لكثرة متعلقهما وعدم تفاوتهما بالسرّ والجهر والنور والظلمة وعدل عن إيلاج أحد الملوين في الآخر وهو أخصر للدلالة على استقلال كل منهما في الدلالة على كمال القدرة. قوله :( الوصف بكمال القدرة والعلم ) يعني الإشارة إلى ما دل عليه الكلام السابق من كمال القدرة الدال عليه قوله : يولج الليل في النهار وكمال العلم الدال عليه قوله : سميع بصير وقوله : الثابت في نفسه أي لا كالممكن الثابت بغيره. وقوله : الواجب لذاته إمّا تفسير له أو تعليل له فإن الواجب يلزم أن يكون وجوده من ذاته. قوله :( وحده ( مأخوذ من ضمير الفصل مع تعريف الطرفين وقوله : فإن وجوب وجوده الخ بيان لكون كمال قدرته وعلمه ثبت بوجوبه الذاتي ووحدانيته لأنهما يستلزمان أن يكون هو الموجد لسائر المصنوعات فيدل على القدرة التامّة وأمّا كونه بالإيجاب فقد أبطل في الأصول ومن صدرت عنه جميع المصنوعات البديعة لا بد من علمه بسائر الموجودات على ما بين في الكلام. ووجوب الوجود لا يدل على الوحدة ولا يستلزمها وان كان لا يكون إلا كذلك بالدلائل العقلية والسمعية كما مز
وقوله : سواه ليس فيه إشارة إلى أن وجوده عينه لئلا يكون مبدأ لنفسه إذ يجوز أن يكون لا عينا ولا غيراً أو أن يكون غير موجود. قوله :( أو الثابت الإلهية ) معطوف على قوله الثابت في نفسه فهو تفسير آخر لقوله هو الحق وقوله : ولا يصلح الخ بيان لإثباته لكمال القدرة والعلم واستلزامه للعلم لما مرّ وقوله : عالما في نسخة بذاته وقوله : يدعون إمّا من الدعاء أو بمعنى يسمون والها مفعوله المقدر. قوله :( على مخاطبة المشركين ) وخطاب ذلك لمن يلقى له الكلام أو لكل واحد وقوله : فتكون الواو أي ضمير العقلاء باعتبار معنى ما وأنها آلهة منزلة منزلة العقلاء على زعمهم. وقوله : المعدوم في حدّ ذاته لأنّ ذاته لحدوثها تقتضي العدم لقوله تعالى :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾. أو المراد بطلان ألوهيته فهو مقابل للحق بتفسيريه والحصر ليس بمراد هنا أو هو باعتبار كمال بطلانه فتأمّل. قوله : الا شيء أعلى منه شأناً ( إشارة إلى أنّ الكبر ليس جسمانياً والعلوّ ليس مكانياً ثم إنه على تفسيره يكون المعنى على نفي الأعلى وا!بر والمساوي فإنه يدل على ذلك في العرف كما في قولهم : ليس في البلد أفقه من زيد مثلا. وقد مرّ تحقيقه فلا وجه لتغيير عبارة المصنف بعن أن يساويه شيء فضلاَ عن أن يكون أعلى شأنا وأكبر سلطانا. ولما كان العليّ والكبير صيغة مبالغة فسرها بما يناسبها ولم ينف العلوّ والكبر عن غيره مطلقاً لوجود من له ذلك من مخلوقاته كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وان كان كل علوّ وكبر عنده كالعدم لأنه الموافق لمنطوقه ولنفس الأمر فلا يرد أنّ كلام المصنف يوهم أصل العلوّ والكبر فيما سواه ومدلول الآية حصرهما في الذات الجليلة فالمناسب أن يقول فكل شيء سواه تحت أمره وقهره سافل حقير كما توهم. قوله :( استفهام تقرير ولذلك رفع ) إذ لو نصب أعطي ما هو عكس الغرض لأنّ معناه إثبات الإخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الإخضرار كما تقول لصاحبك : ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر إن نصبت فأنت ناف لشكره شاك تفريطه وان رفعته فأنت مثبت للشكر. قال أبو حيان : لم يبينوا كيف يكون النصف نافيا للإخضرار ولا كون المعنى فاسداً وقال سيبوبه : سألت الخليل عنه فقال : هذا واجب كأنك قلت : أتسمع إنزال اللّه من السماء ماء فكان كذا وكذا


الصفحة التالية
Icon