ج٦ص٣٣٢
بعدما يشمله لتفرّده بالمزايا كأنه شيء آخر واليه أشار بقوله وإفرادها وقوله ما أفكته السحرة أي ما لبسته من الخيال وهو من قولهم أفكه عن رأيه إذا صرفه عنه كما في الأساس والمراد بحراستها حراستها لموسى عليه الصلاة والسلام أو غنمه كما مرّ والرشاء بالكسر حبل الدلو وقوله وأن يراد بها المعجزات هو عكس
تفسيره الأوّل وإذا أريد بها المعجزات فهو من تعاطف المتحدين في الما صدق لتغاير مدلوليهما كعطف الصفة على الصفة مع اتحاد الذات أو هو من باب قولك مررت بالرجل والنسمة المباركة حيث جرّد من نفس الآيات سلطان مبين وعطف عليه مبالغة وأفراده حينئذ لأنه مصدر في الأصل أو لاتحادهما في المراد وقوله فإنها بيان لإطلاقهما عليها. قوله :( عن الإيمان والمتابعة ا لأنهما دعوا فرعون وملأه إلى ذلك كما صرّح به في آيات أخر كقوله فقل هل لك إلى أن تزكي وأهديك إلى ربك فتخشى ولا ينافيه أنهما طلبا منه خلاص بني إسرائيل ليذهبوا معه إلى الشام لأنهما ذكراه تدريجاً في الدعوة واهتماما بخلاصهم من الأسر فدعوى أنه هو المراد لا ما ذكره المصنف رحمه الله مكابرة كيف لا والإرسال بالمعجزات لم يكن لذلك. وقوله بعده فكذبوهما تفسير هنا وعدم إجابة سؤاله لا يناسبه الاستكبار ظاهرا. وقوله متكبرين أو متطاولين بالبغي والظلم فالعلوّ معنوفي. قوله :( البشر ) يطلق على الواحد وغيره لأنه اسم جنى والمثل في الأصل مصدر وقد ثنيا وجمعا كقوله لبشرين هنا وعباد أمثالكم فلذا ثني بشر وأفرد مثلى وهذا هو المصحح وإنما الكلام في المرجح لتثنية الأوّل وأفراد الثاني وهو الإشارة بالأوّل إلى قلتهما وانفرادهما عن قومهما مع كثرة ملتهم واجتماعهم وشدة تماثلهم حتى كأنهم شيء واحد وهو أدل على ما عنوا. قوله :( بأن قصارى شبه المنكرين ) أي غايتها وأعظمها لتكرّره منهم كما سمعته في الآيات المسابقة والحقيقة البشرية والإنسانية وقوله متباينة بمعنى متباعدة والأقدام جمع قدم وهي معروفة وتباين الإقدام كناية عن التفاوت فيما بينها والمراد تفاوتها بجعل الله لا بأمر ذاتيّ كما تدعيه الحكماء كما مرّ وكما ترى متعلق بقوله يمكن وقدم لأنه دليل لما بعده وأغبياء بالموحدة جمع غبيّ وبينه وبين أغنياء تجنيس وعاد عليه بمعنى أفاده والراذة كالمردّة الفائدة كالعائدة وقوله أغنياء عن التعلم لكونها أنفسا قدسية ملهمة محدثة وهذه مرتبة من مراتب النبوّة يعلم من إثباتها إثبات غيرها كتخصيصم بالوحي فلا يتوهم أنّ ما ذكره لا يثبت المدّعي واليه أشار بقوله فيدركون الخ. قوله :( وإليه أشار بقوله الخ ا لأنه كما قال الراغب تنبيه على أنّ الناس متساوون في البشرية وإنما يتفاضملون بما يختصون به من المعارف
الجليلة والأعمال الجميلة ولذا قال بعده يوحى إليّ تنبيها على أني بذلك تميزت عنكم. قوله :( خادمون متقادون كالعباد ) قيل ففي عابدون استعارة تبعية بناء على أنه مجاز فيه في متعارف اللغة وان صرّح الراغب أن العابد بمعنى الخادم حقيقة وفي الكشاف أنه كان يدعي الإلهية فادّعى للناس العبادة وأنّ طاعتهم له عبادة على الحقيقة. واعترض عليه بأنّ الإسناد إلى ملئه يأباه والتغليب خلاف الظاهر ولذا لم يعرّج المصنف رحمه الله على هذا الاحتمال مع كونه حقيقة ومنهم من وجهه بأنه لم يثبت عند المصنف وقوله أنا ربكم إلا على ليس بقطعيّ فيه وقد ذكر المصنف رحمه الله أنّ بني إسرائيل كانوا مؤمنين والقول بأنه ليس بموجه إذ اذعاء الإلهية صرّج به المصنف وكون بني إسرائيل مؤمنين لا ينافي اذعاءه أنّ طاعتهم له عبادة لا يخفى ضعفه فإنّ هذا القائل لا ينكر ادّعاءه الألوهية وإنما ينكر عبادة بني إسرائيل له أو كونه يعتقد أو يذعي عبادتهم له. وكونه ليس بثبت مما لا شبهة فيه. قوله :( فكانوا من المهلكين بالغرق في بحر قلزم ( التعقيب أمّا لأن المراد محكوم عليهم بالإهلاك أو الفاء لمحض السببية أو هم لما استمرّوا على التكذيب صح التعقيب باعتبار آخره وهذا أولى لعدم التجوّز فيه وقلزم كقنفذ بلد بين مصر ومكة بقرب الطور وإليه يضاف بحر القلزم والمعروف فيه التعريف بأل. قوله :( لعل بني إسرائيل الخ ا لم يذكر هرون عليه الصلاة والسلام لأنها نزلت بالطور وهو غائب لكونه خليفة في قومه والرجاء بالنسبة لموسى عليه الصلاة والسلام وفي الكلام مضاف مقدر أي قوم موسى وضمير لعلهم عائد عليه بقرينة الجمعية وانفهامهم من ذكر موسى