ج٦ص٣٣٤
فالميم زائدة وهو من عانه بمعنى أبصره بعينه كرأسه بمعنى أصاب رأسه وركبه ضربه بركبته. قوله :( وصف ماؤها ) أي الربوة بذلك أي بالمعين والتنزه المسرّة وانشراح الصدر من النزهة وأصل معناه التباعد ثم استعمل في العرف للخروج للبساتين ونحوها وقيل مكان نزه لما فيه من الرياض والرياحين لأنه يكون غالبا متباعداً عن العمران وليس بخطا كما زعمه الحريري وصاحب القاموس كما فصلناه في شرح الدرة. قوله :( نداء ) يعني أنّ النداء والخطاب ليس وضعهما فيه على ظاهرهما لاختلاف أزمنتهم وهو كذلك سواء جوّز خطاب المعدوم أو لا لأنّ تعلق التخيير بالاتفاق لا يجوز فليس نفحة اعتزالية وقد غفل عنها المصنف كما توهم. قوله :( فيدخل تحتة عيسى عليه الصلاة والسلام دخولاً أوّليا الخ ) فالمعنى وكنا نقول لهؤلاء يا أيها الخ وإضمار القول كثير وإنما صرّح بدخول عيسى عليه الصلاة والسلام دخولاً أوّلياً ليظهر اتصاله بما قبله بخلافه على الحكاية فانه لا يدخل في منطوقه وإنما يدخل التزاما لاقتدائه بهم. قوله :( أو يكون ابتداء كلام الخ ) بالعطف بأو الفاصلة أي من غير تقدير فهو استئناف نحويّ أو بياني بتقدير هل هذه التهيئة مخصوصة بعيسى عليه الصلاة والسلام أولاً وهو معطوف على ما قبله في الوجه الأوّل وقوله لم تكن له خاصة أي لعيسى عليه الصلاة والسلام خاصة، وكونها له من قوله آويناها الخ وقوله : واحتجاجا على الرهبانية أي احتجاجاً على تركها أو خلافها والرفض كالترك لفظاً ومعنى. وقوله : إباحة الطيبات إشارة إلى أنّ الأمر للإباحة والترفيه على أنّ المراد بالطيبات ما ذكره المصنف واعترض! عليه بأنه يحتمل أن يراد بالطيب ما حل والأمر تكليفيّ فلا يتمّ الاحتجاج وردّه بأنّ السياق يقتضي الأوّل ويؤيده تعقيبه لقوله وآويناهما كما في الكشاف يعارضه قوله واعملوا صالحا فإنه يرجح ما ذكره المعترضى وفي نسخة وبكون بالواو على أنه ابتداء كلام مع النبي ﷺ أي وقلنا يا محمد إنا قلنا للرسل الخ فهو معطوف على ما قبله وهو مع ما قبله كلام واحد أو هو جواب سؤال مقدر كما مرّ قيل وهو الوجه فتأمّل. قوله :( أو
حكاية الخ ) معطوف على قوله ابتداء كلام وقيل على قوله نداء وفي نسخة بدون أو فهو تتميم لقوله احتجاجا على الرهبانية التي ابتدعتها النصارى والصحيح في النسخ الأولى وهو متصل حينئذ بما قبله لا ابتداء كلام والتقدير آويناهما وقلنا لهما هذا أي أعلمناهما أنّ الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم خوطبوا بهذا فكلا واعملا اقتداء بهم هذا على تقدير وجود العاطف ويحتمل أن يكون حالاً أي يوحى إليهما أو قائلين لهما. وقوله : لما ذكر اللام فيه زائدة للتقوية وهو متعلق بقوله حكاية ولعيسى أيضاً متعلق به ولا يلزم تعلق حرفي جرّ بمعنى بمتعلق واحد كما توهم حتى يقال إنّ الجارّ الثاني متعلق بذكر مع أنه أورد عليه أنّ الحكاية لهما لا لمحمد بأن يكون حكاية ما أوحى إليهما ودخول عيسى عليه الصلاة والسلام أولى بطريق الوحي لا الاقتداء فظهر أنّ قوله لعيسى ليس متعلقا بذكر ليكون المعنى حكاية لمحمد ما ذكر لعيسى كما توهم وليقتديا متعلق به أيضا. قوله :( وقيل النداء له ) أي لعيسى عليه الصلاة والسلام وهو معطوف على قوله نداء وخطاب لجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد قيل إنّ ضمير الجمع أيضا لنبينا ﷺ تعظيما بما شرّفه الله به وما وقع في شرح التلخيص تبعا للرضي من أنّ قصد التعظيم بصيغة الجمع في غير ضمير المتكلم لم يقع في الكلام القديم خطأ لكثرته في كلام العرب مطلقاً بل في جميع الألسنة وقد صرّح به الثعالبي في فقه اللغة وكان فيه شبهة عندي لكونه من الأدباء حتى رأيته في كثير من كلام المتقدمين ولولا خوف الملل لأوردت لك من النقول ما لا يحصى. فحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق. قوله :( والطيبات ما يستلذ به ) فالأمر للإباحة والترفيه وإذا كان الحلال فهو تكليفي كما مرّ وقوله الحلال الخ في الكشاف الرزق حلال وصاف وقوام فالحلال الذي لا يعصى الله فيه والصافي الذي لا ينسى الله فيه والقوام ما يمسك النفس ويحفظ العقل انتهى لأنّ فعالاً اسم آلة فالمراد ما به قوام الإنسانية وهذا تقسيم للرزق أمّا القسم الأوّل منه فظاهر وأمّا الثاني فأخص من الأوّل لأنه حلال لا يمنع عن حقوق العبودية وأمّ الثالث فمقدار الكفاية وهو أخص من الثاني فقوله الصافي القوام صفتان