ج٦ص٣٣٧
أي الخيرات الدنيوية لأنها هي المتصفة بأنهم فاعلون لها فكونه ناظرا إليهما كما قيل خلاف الظاهر فتأمّل وفيه إشارة إلى ترجيح الثاني كما مرّ. قوله :( أو سابقون الناس إلى الطاعة ) فهو متعد لمفعولين أحدهما مفعول وهو ما تعدى إليه بنفسه والثاني بواسطة لأنه يتعدى بإلى واللام وقوله أو الثواب بمعناه المعروف وهو أعمّ من الجنة لا الدنيوي. قيل المراد بالخيرات المعنى الأوّل وهو الطاعات والمفعول غاية متأخرة وقد يتوهم أنّ إلى الطاعة وما بعده تفسير ولذا قيل الأظهر المثوبة لتأنيثه فتأمّله وقوله أو الجنة فسبقهم في القيامة وليس وجها آخر كما توهم. قوله :( أو سابقونها ) يعني أنه متعد للضمير بنفسه واللام مزيدة حسن زيادتها كون العامل فرعيا وتقديم المعمول المضمر وأعترض عليه في البحر بأنه غير صحيح لأنّ سبق الشيء الشيء يدل على تقدم السابق على المسبوق فكيف يقال هم يسبقون الخيرات وهذا معنى قول بعض شرإح الكشاف فيه أنّ الخيرات على هذا مسبوق إليها لا مسبوقة وفي الدر المصون كلام في ردّه لا طائل تحته وهذا كله غفلة عن قوله ينالونها فإنه أراد به أنّ المراد به حينئذ لازم معناه وهو النيل فلا يتوجه عليه شيء لكنه لا يخلو عن تكلف لما فيه من دعوى التجوّز والزيادة من غير ضرورة وقوله هم لها عاملون أي إياها عاملون كما فيما نحن فيه وفي الكشاف ويجوز أن يكون لها سابقون خبراً بعد خبر ومعنى وهم لها كمعنى قوله :
أنت لها أحمد من بين البشر
يقال لمن يطلب منه أمر لا يرجى من غيره أنت لها أي أنت معد لفعل مثلها من الأمور العظيمة وهي من بليغ كلامهم وهو معنى الآية على إعرابه خبراً بعد خبر كقوله :
مشكلات أعضلت ودهت يارسول الله أنت لها...
قوله :( قدر طافتها ) تفسير للوسع والتحريض لأنّ الأعمال الصالحة إذا كانت مقدورة
فتركها من قصور الهمم والمراد بصحيفة الأعمال جنسها وقوله لا يوجد فيه الخ إشارة إلى أنّ النطق استعارة هنا وقوله في غفلة إشارة إلى ما مرّ وهؤلاء إشارة إلى الصالحين أو إلى الجميع. قوله :( متجاوزة لما وصفوا الخ ) وصفوا بصيغة المجهول والمتجاوز!عنه من الصفات إمّا صفات الكفار بأن يكون لهم صفات أخبث مما وصفوا به أو صفات المؤمنين فهم متجاوزون عما يحمد إلى ما يذم وقوله متخطية بالباء من التخطية للرقاب والصفوف بمعنى التجاوز وفي بعض التفاسير وقيل متخطية لما وصف به المؤمنون من الأعمال الصالحة المذكورة وفيه أنه لا مزية في وصف أعمالهم الخبيثة بالتخطي لأعمال المؤمنين الحسنة وقيل متخطية عما هم عليه من الشرك ولا يخفى بعده لعدم جريان ذكره ولا يخفى سقوطه لأنّ ما وصف به المؤمنون ما في حيز الصلات من عدم الشرك والخوف من الله والطاعة والصدقة وتجاوزهم عنها اتصافهم بأضدادها وأيّ مزية أتمّ من هذا والشرك مستفاد من قوله في غمرة من هذا وهو غنيّ عن البيان. قوله :( معتادون فعلها ) هو من جعلها عملاَ كما هو في المتعارف ومن التعبير بالاسم الدال على الثبوت والغاية الدالة على امتداده وقوله : أو الجوع الخ هو وارد في الحديث الححيح عن ابن مسعود رضي الله عنه كما سيأتي تفسير. في سورة الدخان والوطأة المشي لشدة وهي مجاز عن الوقعة المزلة وسني يوسف جمع سنة والمراد بها القحط وهي معروفة بالقحط وقوله فاجؤوا إشارة إلى أنّ إذا فجائية والجؤار الصراخ وخصه بالاستغاثة بقرينة المقام والشرط إذا وقوله والجملة مبتدأة يعني أنّ حتى هنا حرف ابتداء لا عاطفة ولا جازة وقد مرّ تفصيله في سورة الأنعام. قوله :( ويجوز أن يكون الجواب الخ ) وقدره بالقول لأن النهي لا يكون جوابا بدون الفاء وحينئذ يكون إذا هم يجأرون قيداً للشرط أو بدلاً من إذا الأولى وعلى
الأوّل المعنى أخذنا مترفيهم وقت جؤارهم أو حال مفاجأتهم الجؤار لجواز كون إذا ظرفية أو فجائية حينئذ. قوله :( تعليل للنهي الخ ) يعني أن النصر ضصور، معني! المنع أو تجوز به عنه فمن صلته أو هو بمعناه ومن ابتدائية وقيل إنه سمع نصره الله منه أي جعله منتصرا منه بلا تضمين وقوله تعرض! ون مدبرين يعني أنّ النكوص الرجوع فاستعير للإعراض والأدبار والإعقاب جمع عقب وهو مؤخر الرجل والرجوع على عقبيه الرجوع في طريقه الأولى كما يقال رجع عوده على بدئه قاله الراغب وقيل إنه للتاكيد كاً بصرته بعيني. قوله :( الضمير للبيت ( أي الكعبة وقريب منه أنه للحرم ولما لم يجر له ذكر هنا


الصفحة التالية
Icon