ج٦ص٣٣٨
اعتذر عنه بأنه معلوم بقرينة ذكر المشركين وأنّ استكبارهم وافتخارهم به أشهر من أن يذكر واليه أشار بقوله وشهرة الخ وقوّام بالتشديد جمع قائم على الأمر أي معتنون بخدمته وسدإنته والباء فيه سببية وكون لضمير للنكوص كما في البحر ليس فيه كبير فائدة ومستكبرين حال كذا قيل وفيه أنه لا يلزم من النكوص التكذيب به فالتضمين يدفع اللغوية فتأمّل. قوله :( أو لآياتي الخ ) والتضمين على هذا فالباء للتعدية أو سببية أو للتالي المعلوم منه وقوله بمعنى مكذبين أي على التضمين والتجوّز ركيك وقوله بذكر القرآن أي الضمير على هذا للقرآن المفهوم من الآيات أو المؤوّلة هي به ولم يذكر تعلقه بتهجرون لبعده لفظا ومعنى لما فيه من الإيهام وقوله تسمرون عبر به دون سامرين لإفادة استمرارهم عليه ولذا قدّم متعلقه. قوله :( وهو في الأصل مصدر الخ ا لما أريد به الجمع وهو بوزن المفرد هنا وقد ورد كذلك اختلف في توجيهه فذهب بعضم إلى أنه اسم جمع لأنهم يقولون السامر !ماعة الذين يسمرون فهو كالحاج والحاضر والجامل والباقر وهذا أحسن الوجوه والسمر الحديث بالليل وقيل إنه واحد أقيم مقام الجمع وقيل إنه مصدر في الأصل فيشمل القليل والكثير باعتبار أصله لكن مجيء المصدر على وزن فاعل نادر وقرئ سمرا بضم وتشديد وسما بزيادة ألف. قوله :( من الهجرة بالفتح ( إقا بمعنى القطيعة أو الهذيان وهو التكلم بما لا يعقل لمرض! ونحوه وفيه أنه قال في الدؤ المصون إنّ الهجر بمعنى القطع والصد بفتح الهاء وسكون الجيم وبمعنى الهذيان بفتح ا ا!اء والجيم وفعله أهجر فليس مصدرهما واحدا كص ذكره المصنف رحمه الله وأمّا قوله في الكشاف والهجر بالفقح الهذيان فمحتمل لفتع الهاء والجيم إلا
أنّ ما ذكره المصنف بعينيه في الصحاح فليحرّر. قوله :( أي تعرضون عن القرآن ) هذا على معنى الهجر الأوّل وما بعده على الثاني والفحش التكلم بالقبيح أو نفس الكلام القبيح وقوله ويؤيد الثاني وهو الهذيان تأييده له لما عرفت أنّ فعله مزيد دون الأوّل وسيأتي تحريره وقراءة التشديد تحتمل المعاني الثلاثة وقوله والهجر بالضم لم يعطفه بأو وان كان هو الظاهر كما قيل لقربه من الهذيان وقمد ورد بمعناه في اللغة كما في لسان العرب وبينهما مغايرة على الأوّل هذا على تقدير جرّه عطافا على الهجو بالفتح وأمّا على كونه مرفوعا مبتدأ خبر. الفحش وذكر إشارة إلى فائدة التقييد بالفتح يعني أنّ الفعل من الهجر المفتوح بمعنييه لا من المضموم الذي هو اسم لقبيح الكلام ولا مصدر فلا يرد عليه شيء لكن هذا إنما يتمشى إذا كان لم يسمع منه هجر بل أهجر كما مرّ وهو الظاهر من كلام المصنف كذا قيل ويرد عليه ما في القاموس حيث قال هجره هجراً بالفتح وهجرانا بالكسر صرمه والشيء تركه كأهجره انتهى وقوله في المصباج هجرته هجرا من باب قتل قطعته وهجر المريض في كلامه هذي والهجر بالضم اسم ومصدر بمعنى الفحش من هجر كقتل وفيه لغة أخرى أهجر بالألف انتهى فلا وجه لما ذكر وفوله وبؤيد الثاني أي كونه بمعنى الهذيان لا كونه بمعنى الفحش كما قيل لأنه ثالث إلا أن يعدا وجهاً واحداً ووجه التأييد غير تام إلا أن ينبني على اكثر الأفصح وما ذكره هذا القائل يقتضي أن الفعل المذكور في النظم لا يصح أن يكون من الهجر بالضم مع أنه فسر به أيضا في كتب اللغة وغيرها فتأمّل. قوله :( أفلم يدبزوا القول ) الاستفهام إنكاريّ لعدم تدبرهم ويجوز أن يكون تقريرياً انضمّ لمن تدبر وأورد عليه أن دلالة الإعجاز على كونه كلام الله ظاهرة وأمّا دلالة الوضوح فغير واضحة فكم للعرب من كلام واضح ويدفع بأنه على تقدير تسليم دخله في الدلالة فإنه ذكر لتسليم دلالة الإعجاز فإنّ المعجز بما يتوهم لكونه غير معهود لهم صعوبة فهمه لا سيما إذا نصب وضوح على أنه مفعول معه والمراد بالوضوح وضوح خاص وهو كونه على نهج من الفصاحة بحيث يفهمه كل من خوطب به من العوب لعدم تعقيده وكونه على أحسن الوجوه من أوّله إلى آخر. على نسق نير سالكاً طريقا سهلاً محمياً عن سلوك أحد فيه وهو الذي يقول له الأدباء السهل الممتنع فلا حاجة إلى أن يقال المراد وضوح دلالته على كونه ليس من كلام البشر فإنه مصادرة فتأمّل وقوله ليعلموا أي فيصدقوا به وبمن جاء به. قوله :( من الرسول والكتاب ) فاستبعدوه فهو كقوله لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم لا مخالفة بينهما حتى يقال الآباء هنا الأوّلون