ج٦ص٣٥٧
أن كونه أشنع لا نزاع فيه فتأمّل. قوله :( ولا يشترط اجتماع الشهود الخ ) هذا مما خالف فيه أبو حنيفة رحمه اللّه فاعتبر الاجتماع واتحاد المجلس وجوّز شهادة الزوج معهم إلا أنّ الفرق بينه وبين غيره أنه يلاعن وهم يحدون إذا لم تصادف الشهادة محلها. قوله :( وليكن ضربه أخف من ضرب الزنا الخ ( ضعف سببه ظاهر لأنه ليس بزنا بل إعلام به وفوله احتماله أي للصدق والكذب لأنه خبر وفي الهداية لا يجرّد من ثيابه لأنه سبب غير مقطوع به فلا يقام على الشدّة بخلاف الزنا ولما كان المحتاج إلى الفرق حد القذف والزنا فرقوا بينهما وأمّا التعزير فلا يثتبه حاله فلذا لم يفرق بينهما وكون الضرب تعزيراً أشد مذهب الشافعيّ رضي الله عنه فما قيل إنه يرد عليه النقض بضرب التعزير إذا كان المقذوف غير محصن فإنه أشد من ضرب الزنا مع فيام العلة المذكورة فيه غير وارد لأنه إن أراد أنه أشدّ كما فظاهر الدفع وان أراد كيفا فغير مسلم لأنّ كون أربعين شديدة أشد من مائة معتدلة غير متحقق ولو سلم فالمصنف رحص٤ الله شافعيّ المذهب يرى التغريب في حد الزنا فلا يتصوّر كونه أشد منه عنده وما قيل إنه بعد تسليم صحة ما ذكر على مذهب المصنف رحمه الله بينهما تفاوت فاحش من حيث العدد فإنّ ضرب التعزير قليل فلو جرى فيه التخفيف من حيث الوصف أذى إلى فوات المقصود وهو الانزجار بخلاف حد القذف ليس بشيء لما مرّ وحديث الانزجار واه لأنّ أدنى التعزير ثلاث فاذا انزجر بها فلم لا ينزجر بأربعين حقيقة مع أنه ربما كان بالعتاب ونحوه. قوله :( ولا تقبلوا لهم شهادة ) في التلويح هو من قبيل ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ
صَدْرَكَ ﴾ فهو أبلغ من لا تقبلوا شهادتهم وأوقع في النفس لما فيه من الإبهام ثم التفسير وقوله أيّ شهادة لأنه نكرة في سياق النفي وقوله لأنه مفتر أي كامل الافتراء أو متحقق الافتراء لحكم الشارع بفسقه فخرج قاذف غير المحصن والقول بأنه من تمام الحدّ لا يوافق مذهب المصنف رحمه الله. قوله :( خلافاً لأبي حتيفة رحمه الله ) قيل لأنّ تعلق الجزاء على المعطوف بواسطته ولذلك إذا قال لغير المدخول بها إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق يقع واحدة كما تقرّر في الأصول وفي دلائل الإعجاز جزاء الشرط قسمان جزاء للشرط ابتداء كقولك إن جاء زيد أعطه واكسه وقسم يعتبر جزاء بواسطة الجزاء الأوّل كقولك إذا رجع الأمير استأذنت وخرجت أي وإذا استأذنت خرجت ولأبي حنيفة أن يقولط لما لم يرجح هنا أحد المعنيين على الآخر والأصل قبول الشهادة وقع الشك في الردّ قبل الجلد فلا يردّ بالشك لأنه من جملة الحد المندرىء بالشبهات ولا يخفى أنه غير مسلم عند الخصم كما أشار إليه بقوله ولا ترتيب بينهما فكيف يلزمه بما لا يعترف به مع أنّ الشرطية هنا غير متحققة لجواز كونه مفعول فعل مقدّر على طريقة الاشتغال وذكر المصنف للشرطية من إرخاء العنان وهو لا يجعل عدم القبول من تمام الحد لأنّ الحدّ فعل يلزم الإمام إقامته كما في التلويح. قوله :( وحاله قبل الجلد أسوأ مما بعده ) قيل لاجتماع الحقين عليه حق الله وحق العبد وفيه أنه إذا أريد أنه أسوأ حالاً عند الناس فظاهر أنه ليس كذلك وان أريد عند الله فالمعتبر في الشهادة ما عند الناس وفيه أنه قد يقال إنه أسوأ حالاً عند الله وعند الناس لأنّ الاستسلام للحد توبة عند المصنف والفاسق قبل التوبة أسوأ منه بعدها ومن عليه حقان أسوأ ممن عليه حق وهذ ظاهر لا ينكر والذي جنح إليه هذا القائل إنه إذا ضرب بمحضر من الناس يكون أحقر وأسوأ حالاً عندهم لكنه وان عد قبيحا بحسب العقل القاصر فليس قبيحاً بحسب الشرع. قوله :( ما لم يتب ) هذا بناء على أنّ الاستثناء راجع إلى جميع ما قبله وسيأتي تحقيقه وقيل بل إلى آخر أوقات أهليتهم للشهادة ولذلك قبلى شهادة الكافر المحدود في قذف بعد إسلامه لحدوث أهلية أخرى وردّ بأنهم لا يقبلون شهادة الكافر مطلقا فبنى المصنف رحمه الله كلامه على ما هو المتفق عليه بين الأئمة وفي الكشاف فإن قلت الكافر يقذف فيتوب عن الكفر فتقبل شهادته بالإجماع والقاذف من المسلمين يتوب عن القذف فلا تقبل شهادته عند أبي حنيفة رحمه الله كأنّ القذف مع الكفر أهون من القذف بعد الإسلام قلت المسلمون لا يعبؤون بسب الكفار لأنهم شهروا بعداوتهم والطعن فيهم بالباطل فلا يلحقه بقذف الكافر من الشين