ج٦ص٣٥٨
ما يلحقه بقذف مسلم مثله فشدّد على المسلمين ردعا وفي الفرائد أبو حنيفة لا يحتاج إلى هذا الجواب الضعيف والكافر إنما قبلت شهادته بعد الإسلام لأنها غير شهادة الكفر
لأنها مستفادة من الإسلام فلم تدخل تحت الرد ويدل عليه أنّ شهادته مقبولة بعد الإسلام على المسلم والذمي وتلك الشهادة غير مقبولة على المسلم ولو كان كما قال من عدم لحوق الشين لوجب أن لا يحذ لعدم اعتبار قذفه وقال في الكشف كونه غير شهادة الكفر مسلم أمّا عدم الدخول تحت الرد فلا لأن قوله لا تقبلوا لهم شهادة أبداً عام لم يقيد بحال كفرهم أو إسلامهم ولا بالشهادة التي لهم الاتصاف بها حال القذف أو بعده وأمّا قوله : لوجب أن لا يحدّ فممنوع لأنّ حاصله أنّ ما لحق المسلم من قذف مسلم مثله أشدّ في إلحاق الشين به فزيد في حذه عدم قبول الشهادة وهذا لا يقتضي عدم المؤاخذة في شأن الكافر بل يقتضي مؤاخذة أسهل وفي هذا المقام كلام طويل الذيل تركناه خوف السآمة. قوله :) وأولئك هم الفاسقون المحكوم بفسقهم ) فيه إشارة إلى أنهم ليسوا بفسقة في نفس الأمر وإنما حكم بفسقهم لما سيجيء قيل وهو غير داخل في حيز الجزاء بدليل عدم المشاركة في الشرط فإنه جملة خبرية غير مخاطب بها الأئمة لافراد الكاف في أولئك بخلاف ولا تقبلوا لهم شهادة فهو عطف على الجملة الاسمية أي الذين يرمون الخ أو مستأنف لحكاية حال الرامين عند الشرع الحاكم بالظاهر لا عند الله العالم بالسرائر وهو ردّ على الزمخشريّ في قوله : عند الله فإنه لا يصح مع قوله : سبب عقوبته محتمل للصدق وأجيب بأنه لا ينافيه لأنه إذا صدق ولم يكن له شهداء فقد هتك ستر المسلم لغير مصلحة وهو مأمور بصونه فهو فاسق عند الله أيضا آثم بفعله، وهذا مقرّر في كتب الأصول لكنه أورد عليه في التلويح أمورا منها أنّ عطف الخبر على الإنشاء وعكسه لاختلاف الأغراض شائع ومنها أن إفراد كاف الخطاب مع الإشارة جائز في خطاب الجماعة كقوله : ثم عفونا عنكم من بعد ذلك على أنّ التحقيق أنّ الذين يرمون منصوب بفعل محذوف على المختار أي اجلدوا الذين الخ فهو أيضا جملة فعلية إنشائية مخاطب بها الأئمة فالمانع المذكور قائم هنا مع زيادة العدول عن الأقرب إلى الأبعد، ولو سلم أن الذين مبتدأ فلا بد في الإنشائية الواقعة موقع الخبر من تأويل وصرف عن الإنشائية عند الأكثر وحينئذ يصح عطف أولئك هم الفاسقون عليها، وقال الزمخشري : أولئك هم الفاسقون بمعنى فسقوهم، وما قيل من أن التأكيد بضمير الفصل والاسمية ياباه لا وجه له وقوله عند الله ليس في بعض النسخ ولو سلم فعند اللّه كما يستعمل بمعنى في علمه يكون بمعنى في حكمه وشرعه فلا فرق بينه وبين تفسيره وأمّا ما ذكره من هتك الستر فحسن كما في التلويح. قوله :( ومنه ) أي التدارك أوالإصلاح والاستسلام الانقياد، وقوله : والاستثناء راجع إلى أصل الحكم يعني أنّ المستثنى منه الرامون فهو داخل فيهم متصل حينئذ والاستثناء الإخراج من الحكم وهو في القضية الشرطية حقيقة أو تأويلا لاقتضائه الشرط واستلزامه لما ذكر في الجزاء فإذا خرج من حكمه بطل في حق التائب اللزوم للجزاء فإذا تاب واستسلم للحدّ لا يجلد مرّة أخرى وإذا استحل لا يجلد أصلا وتقبل شهادته عند المصنف
فظهر تفرع قوله ولا يلزمه سقوط الحد وفي قوله لهذا الأمر لطف وفي نسخة الأمور وفي نسخة الحكم فلا يرد أنه يستلزم سقوط الحد بالتوبة وهو خلاف الإجماع ولا حاجة إلى ما قيل إنه استثناء من الجميع ومنع الإجماع من تعلقه بالجلد ولأنه حق العباد وفي الكشف أنّ الأولى من هذا ما أشار إليه القاضي من أنّ الاستسلام للحد من تتمة توبته فكيف يعود إليه، وهذا أحسن جدا وهو تدقيق منه قدّس سرّه وقد أوضحناه بما لا مزيد عليه فلا يرد عليه أنه يلزمه أن يكون استثناء متصلا مع أنه غير مخرج من الحكم. قوله :( لآنّ من تمام التوبة ( قيل الظاهر أن تمام التوبة من تمام الاستثناء فإنّ الإصلاح معطوف على التوبة فهو ليس نفسها ولا جزءا منها ثم مراده على ما نبهت عليه أنّ الاستثناء راجع إلى الأمور الثلاثة في الرامي فإذا استسلم وجلد وقد تاب من القذف تقبل شهادته ولا يحكم بفسقه فلا يتحقق الجمع المذكور وإذا استحل من المقذوف وتاب لا يتحقق واحد منها لأنّ طلب المقذوف شرط الجلد وأورد عليه أنه يلزمه سقوط الحد بمجرّد الاستسلام كالاستحلال وكذا يلزمه قبول شهادته قبل الحد