ج٦ص٧٤
والضمير في كبرت يرجع إلى قوله :﴿ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾ يعني كما بينه النحاة إن فعل موضوعا على الضم، كظرف أو محوّلاً إليه من فعل أو فعل يلحق بباب نعم وبئس في الأحكام كما هو مذهب الفارسيّ، وكثير من أهل العربية فيثبت له جميع أحكامه كسكون فاعله معرّفا بأل أو مضافا إلى معرف بها أو ضميراً يعود على نكرة هي تمييز وذهب الأخفش والمبرد إلى أنها ملحقة، بباب التعجب فلا يلزم ما ذكر، ويجوز أن يضمر فاعلها على وفق ما قبله فتقول زيد كرم وهند كرمت والزيدان كرما على ما فصله في الارتشاف والبحر، وعلى مذهب الأخفش والمبرد مشى الزمخشريّ كما ينادى عليه تصريحه بمعنى التعجب، وجعل الفاعل ضمير ما قبله فاعتراض الثارح العلامة عليه بأنه لا يتحقق حينثذ فيه الإيهام حتى يكون كلمة تمييزا، وجوابه بأنّ المراد بمرجع الضمير مآله وهو المخصوص بالذمّ وجواب بعض الأفاضل بعدم تسليم عدم الإبهام مستنداً باحتمال أن لا يكون كبرها من حيث إنها كلمة تخرج من أفواههم، لا وجه له لما عرفت ومن لم يتنبه لما فيه قال إنّ هذا الجواب هو الصمواب لكنه ليس من نتائج طبعه بل مأخوذ من كلام الواحدفي، ولا يجوز حمل قول المصنف رحمه الله عظمت مقالتهم على أنه يريد أن الضمير في قوله : كبرت لقولهم : اتخذ الله ولداً بتأويل المقالة ليرجع إلى ما في الكشاف فير-ت القيل والقال ويكون الفرق بين كلاميهما أن عظمها ملزوم الكفر لها عند المصنف، ومن جهة اجترائهم على إخراج تلك الكلمة من أفواههم عند الزمخشري، ومن حيث إنّ قوله تخرج الخ فائدة أو لا بد منه في تمام التمييز كما قيل لآنه لا يصح مع قوله إنه من باب نعم وبئس فإنه مذهب آخر وهو الفارق كما سمعته إلا أن يكون من جملة الممزض وهذا مبنيّ على الفرق بينهما. قوله :( صفة لها الخ ( أي للكلمة مفيد استعظام اجترائهم على إخراجها من أفواههم لأنّ المعنى كبر خروجها أي عظمت بشاعته وقباحته بمجرّد التفوّه فما بالك باعتقاده ولا ضير في وصف التمييز في باب نعم وبض.
تنبيه : في الارتشاف أنّ فعل المحوّل ذهب الفارسيّ، وأكثر النحويين إلى إلحاقه بباب
نعم وبئس فقط وإجراء أحكامهما عليه وذهب الأخفش والمبرد إلى إلحاقه بباب التعجب، وحكى الأخفش الاستعمالين عن العرب ويجوز فيه ضم العين وتسكينها ونقل حركتها إلى الفاء
اهـ، وظاهره تغاير المذهبين، وفي التسهيل أنه من باب نعم وبئس وفيه معنى التعجب، وهو يقتضي أنه لا تغاير بينهما واليه يميل كلام الشيخين، وقوله : والخارج بالذات هو الهواء، قيل إنه رد على النظام في تمسكه بهذه الآية على أن الكلام جسم لوصفه بالخروج الذي هو من خواص الأجسام، وحاصله أن الخارج حقيقة هو الهواء الحامل له واسناده إلى الكلام الذي هو كيفية مجاز وفيه أن القائل بأنه جسم يقول : هو الهواء المتكيف لا الكيفية فاستدلاله بناء على أنّ الأصل هو الحقيقة والخلاف لفظيئ لا ثمرة له، وفي نسخة بعد قوله : بالرفع على الفاعلية والأوّل أبلغ وأدل فيكون أوقع في النفس يعني لما اشتمل عليه من التفسير بعد الإبهام والنفس لمثله أشوق ولما فيه من الإجمال والتفصيل يكون أبلغ دلالة وأوكد كذا قيل : وأورد بعض فضلاء العصر أنه إيضاح لا تفصيل لأنّ الكلمة عين الضمير وهو على طرف الثمام لأن الكلمة بمعنى الكلام السابق تفصيله مع أنه لا ضير في جعل التفصيل بمعنى التفسير والتعيين. قوله :( وقيل صفة محذوف هو المخصوص بالذم ( المعروف حاله في النحو، والأوّل تمييز وكبرت بمعنى بئست، وإنما مرضه لأنه خلاف الظاهر وقوله : بالسكون أي سكون الباء وكون الإشمام في وسط الكلمة مرّ معناه وما فيه، وقوله : إلا كذبا أي قولاً كذبا. قيل : إنه يبطل القول بأن الكذب ما لا يطابق الاعتقاد. قوله تعالى :( ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ ﴾ ( لعل للترجي وهو الطمع في الوقوع أو الإشفاق منه وهي هنا استعارة أي وصلت إلى حالة يتوقع منك الناس ذلك لما يشاهد من تأسفك على عدم إيمانهم، وباخع فسر بقاتل واختاره لأنه التفسير المروي عن قتادة كما في شرح البخاري ومهلك نفسه غما وهو من بخع الأرض أي ضعفها بالزراعة، فأصله مضعفها حتى يهلكها وسيأتي قول المصنف في الشعراء تبعا للزمخشري أنّ معناه أن يبلغ الذبح البخاع بالباء وهو عرق مستبطن


الصفحة التالية
Icon