ج٦ص٧٦
مرتبتان حسن وهو من استكثر من حلاله وصرفه في وجوهه وتبيح وهو من احتطب حلاله وحرامه وأنفقه في شهواته فلا وجه لما قيل إنّ ما ذكره يفيد الحصر ولا لما قيل إنّ الأحسن هنا بمعنى الحسن فإنه من قلة التدبر، وقوله : يزجي به أيامه أي يسوقها والمراد يقطعها به كما قيل :
درّج الأيام تندرج
قوله :( وهو تسكين لرسول اللّه ﷺ ) وفي نسخة وفيه تسكين أي تسكين لأسفه وحزنه بأنه مختبر لأعمال العباد مجازيهم عليها فكأنه قيل له ﷺ لا تحزن فإنه منتقم لك لا أنه بمعنى ما عليك إلا البلاغ فإنه غير مناسب هنا. قوله :( تزهيد فيه ( التزهيد في الشيء وعنه ضد الترغيب وضمير فيه لما على الأرض، وقوله : والجرز الخ، قطع النبات بإفنائه وأكله وغير ذلك، وقوله : لنعيد الإعادة ليست من منطوقه : بل هو في الواقع كذلك لأنه خلق من تراب ثم عاد إلى أصله وليس فيه مقدمة مطوية كما توهم، وقوله : مستويا بيان للمراد من قوله : جرزا هنا وأن المراد أنه إذا عاد ما عليها ترابا واقعا فيها تساوى به سطحها، وصارت كأنها من بدئها كانت صعيداً أملس لا شيء فيه يختلف ربا ووهاداً. قوله :( بل أحسبت ) يشير إلى أن أم هنا منقطعة مقدرة ببل الإضرابية الانتقالية لا الإبطالية، والهمزة الاستفهامية وقد يقدر بدونها كما فصل في غير هذا المحل، وأنّ أصحاب الخ ساذ مسد مفعولي حسبت وقوله : في إبقاء حياتهم أي المراد بهذا شأنهم المذكور، وقوله : متخالفة أي متداولة ومتعاقبة باختلاف السنين والأعوام والليالي والأيام، وقصتهم الخ بيان لارتباط هذه القصة بما قبلها وهو مبتدأ خبره ليس بعجيب والواو للحال وبالإضافة متعلق بعجيب مقدم من تأخير ومن الأجناس بيان لما والأنواع معطوف عليه والفائتة صفة لهما، وعلى طبائع متعلق بخلق وكذا من مادة، وردها بالجرّ عطف على
أو لوح رصاصيّ أو حجري رقمت فيه أسماؤهم وجعلت على باب الكهف وقيل : أصحاب الرقيم قوم آخرون، كانوا ثلاثة خرجوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فأووا إلى الكهف فانحطت صخرة وسدت بابه فقال أحدهم : اذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله يرحمنا ببركته فقال أحدهم : استعملت أجراء ذات يوم فجاء رجل وسط النهار وعمل في بقيته مثل عملهم فأعطيته مثل أجرهم فغضب أحدهم وترك أجره فوضعته في جانب البيت، ثم مرّ بي بقر فاشتريت به فصيلا فبلغت ما شاء الله فرجع إليّ بعد حين شيخاً ضعيفا لا أعرفه، وقال إنّ لي عندك حقاً وذكره لي حتى عرفته فدفعتها إليه جميعاً اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا فانصدع الجبل حتى رأوا الضوء وقال آخر : كان فيّ فضل وأصابت الناس شدة فجاءتني امرأة فطلبت مني معروفاً فقلت : والله ما هو دون نفسك فأبت وعادت ثم رجعت ثلاثا ثم ذكرت لزوجها فقال : أجيبي له وأغيثي عيالك فأتت وسلصت إليئ نفسها
خلق وضميرها للأجناس والأنواع أو لما لأنها عبارة عنها وضمير إليها للماذة أي خلقها من مادّة وهي التراب ثم ردّها لأصلها، كما مرّ، وقوله : ليس بعجيب إشارة إلى أنّ الاستفهام المقدر إنكاريّ في معنى النفي، وقوله : مع أنه أي ما ذكر من خلق ما على الأرض وما بعده، وقوله : من آيات الله أي دلائك قدرته وألوهيته وهو بيان للنزر الحقير مقدم عليه للاهتمام به، والنزر بالزاي المعجمة بمعنى القليل فما ذكر قليل حقير بالنسبة للقدرة الإلهية وإن كان عظيما بالنسبة لهذه القصة فكيف يتعجب منه لأمنها ولكن الإنسان من شأنه العجب مما لم يعرفه. قوله :( والكهف النار الواسع ) فالغار أعم لا مخصوص بغير الواسع كما توهم وذكر للرقيم معاني منها الكلب، ولغرابته أثبته بشعر أمية بن أبي الصلت. قوله :( أمية بن أبي الصلت ) هو شاعر جاهليّ، وكان تزهد في الجاهلية وترك عبادة الأصنام، والبيت صريح في أن المراد الكلب لأنه الذي كان عند الوصيد أي باب الغار، ووصيد همو منصوب مفعول مجاورا وهو مضاف إلى ضمير الجماعة لكن ميمه ضمت ووصل بها الواو وهي لغة فيه وبها قرئ في القرآن، والمراد من القوم أهل الكهف وهجد جمع هاجد كرإقد لفظا ومعنى وفي نسخة همد بمعنى وقوع أو بمعنى موتي على التشبيه وا أصبيت يدلّ على أن قصة أهل الكهف كانت معلومة للعرب وان لم يكن ذلك على وجهها كما في الكشف وقوله : رقمت فيه أسماؤهم قيل : وأنسابهم ودينهم وهو إشارة إلى أنه عربيّ، وفعيل بمعنى مفعول، وقوله : جعلت أنث اللوح باعتبار أنه صحيفة. قوله :( وقيل أصحاب الرقيم قوم آخرون ( غير أصحاب الكهف ومرضه لبعده عن السياق، والرقيم على هذا بمعنى الجبل أو محل فيه كما مرّ، وقيل إنه بمعنى الصخرة
ويكون غير مقصود بالذات هنا لكنه ذكر تلميحا إلى قصتهم واشارة إلى أنه لا يضيع عمل أحد خيراً أو شرّا وهذه القصة مذكورة في الصحيحين وأنها وقعت في زمن بني إسرائيل مع اختلاف في بعض ألفاظها، وقوله : يرتادون لأهلهم- بالراء والدال المهملتين أي يطلبون معاشهم، وقوله : فاخذتهم السماء أي أدركهم مطر شديد والكهف هنا بمعنى الغار وانحطت بمعنى وقعت، وقوله : اذكروا الخ المراد بالحسنة الأمر الحسن الذي يثاب عليه ليجازوا بإحسان من الله في مقابلته، وإجراء بالمد جمع أجير بمعنى مستأجر للعمل، وذات يوم بمعنى يوماً كما بين في اللغة والنحو، وقوله : مثل عملهم أي مقداره وغضب