ج٦ص٨٥
ورد بأنه لا مانع من حمل النهي
هنا على ظاهره بخلاف ما ذكر، ولو كان النظم لا يشعر أحد من الثلاثي برفع أحد كان منه ولا يخفى أنه إن أريد به لا يخبرنّ أحدا، ما فسره به الإمام فهو على ظاهره وان لم يرد ذلك كما ذهب إليه الشيخان فالمراد على طريق الكناية لا يفعلن ما يقتضي الشعور بنا، فهو مثل المثال المذكور في إرادة لازمه وان كان بينهما فرق فلا وجه لهذا الإيراد.
قوله :( يطلعوا عليكم أو يظفروا بكم ( أصل معنى ظهر صار على ظهر الأرض!، وما كان
عليه يشاهد ويتمكن منه فلذا استعمل تارة في الاطلاع وأخرى في الظفر والغلبة وعدى بعلى كما أشار إليه المصنف، وقوله : يقتلوكم بالرجم فليس المراد به مطلق الرجم بل ما يؤذي إلى القتل، وقد كان ذلك عادتهم فيمن خالف دينهم. توله :) أو يصيروكم الخ ( لما كان العود يطلق على الرجوع إلى ما كان عليه وهو يقتضي أنهم كانوا على دينهم أوّله بالصيرورة لأنه ورد بمعناها كثيراً، ثم جوّز كونه على ظاهره، وقوله : إن دخلتم إشارة إلى دفع سؤال وهو أن نفي الفلاج كيف يترتب على إعادتهم إلى الكفر إكراهاً والإكراه عليه لا يضرّ فيؤذي إلى عدم الفلاج مع اطمئنان القلب بالإيمان فلذا قدر إن دخلتم فيه أي حقيقة لا ظاهراً، ووجه ارتباطه بما قبله أن الإكراه قد يكون سببا لاستدراج الشيطان إلى استحسان ذللث والاستمرار عليه فسقط ما قيل من أن إظهار الكفر بالإكراه مع ابطان الإيمان معفوّ في جميع الأزمان فكيف رتب عليه عدم الفلاح أبدأ، ولا حاجة إلى القول بأنه كان غير جائز عندهم ولا إلى حمل يعيدوكم على يميلوكم إلى دينهم بالإكراه وغيره وأمّا حمل كلام المصنف عليه فتكلف مستغنى عنه. قوله :( وكما أنمناهم وبعثناهم ) يعني أنّ الإشارة إلى الإنامة والبعث والإفراد باعتبار ما ذكر أو ما مر ونحوه، وقوله : أطلعنا عليهم قال المرزوقي في شرح الفصيح : عثر سقط لوجهه عثوراً وعثارا، وفي المثل أن الجواد ليكاد يعثر، وقولهم : من سلك الجدد أمن العثار، ومنه تعثر في فضول يثابه وفضول كلامه وعثرت بكذا إذا اعترض! لك فيما نطلبه وأعثرته عليه أطلعته فعثر عثوراً وعثراً وفي القرآن وكذلك أعثرنا عليهم ويقال : أعثر به عند السلطان أي قدج فيه اص. وقال الإمام المطرزي : لما كان كل عاثر ينظر إلى موضمع عثرته ورد العثور بمعنى الاطلاع والعرفان، وقال القوري : عثرت على الشيء إذا اطلعت على أمر كان خفيا اهـ، فهو مجاز مشهور بعلاقة السببية عند أهل اللغة، كما أشار إليه الفاضل المحشي ومن لم يقف على منشئه قال في رذه أنه ليس كذلك فإنه أمر تقريبي ومفعوله الأوّل محذوف لقصد العموم كما أشار إليه بقوله : الذين أطلعناهم على حالهم أي كائناً من كان. قوله :( بالبعث الخ ( يعني أن الوعد إمّا بمعناه
المصدري ومتعلقه مقدر، وهو بالبعث أو هبر مؤوّل باسم مفعول هو ما ذكر، وقوله : لأنّ نومهم أي الطويل المخالف للمعتاد والا فكل نوم كذلك كما أشار إليه بقيده، وقوله : وأنّ القيامة تفسير للساعة لأنها في اللغة مقدار من الزمان وفي لسان الشرع عبارة عن يوم القيامة وفي عرف المعدلين عبارة عن جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الليل والنهار، وحق بمعنى متحقق، وقوله : في إمكانها تفسير لمعناه، أو إشارة إلى تقدير مضاف في النظم والداعي إلى ذلك قوله : آتية، وقيل عليه أنه يتوجه عليه أنه بعد ذكر تحقق البعث والقيامة لا حاجة إلى ذكر إمكان البعث بعده بل حق النظم أن يقال : أوّلا لا ريب في إمكانه ثم يذكر أنه متحقق ولذا فسره بعضهم بقوله : لا ريب في وقوعها، وقيل إنّ الظاهر أن يفسر قوله : وعد الله حق بكل ما وعد. لأن من قدر على بعثهم من رقدتهم هذه في غاية القدرة فكل ما وعده متحقق، ويكون قوله بعده لا ريب في تحقق الساعة تخصيصاً بعد تعميم وهذا لا يفيد دفع ما ذكره بل هو تفسير آخر، ويدفع بأن تحقق الموعود أو الوعد إنما يقتضي الوقوع في المستقبل وهو معنى قوله : آتية فبعد ما ذكره مؤكدا مكرّراً، قال إنه مما لا ينبغي أن يرتاب الآن في إمكان وقوعه لما شاهدتم من هذه القصة وهي أنموذج له وعنوان إمكانه وإنما يلغو ذكر الإمكان بعد الوقوع لا نفي الشبهة عنه كما إذا قلت سيهب لك هذا الكريم ألوفا ولا شبهة في هذا لأحد، ألا تراك لو قلت لا شبهة في أنّ هذا سيهب لك ألوفا وذكرت بعده الجملة الأولى كان لغواً


الصفحة التالية
Icon