ج٦ص٨٦
من الكلام فتأمّل. قوله :( فإنّ من توفى نفوسهم وأمسكها الخ ( هذا لا ينافي ما مر من أنه إنامة لا موت لأنّ المراد بالتوفي هنا النوع! ايضا كما في قوله :﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ﴾ الآية. وأورد عليه أن البعث من النوم ليس كإعادة الروج إلى البدن الفاني بل بينهما بون بعيد فلا يدلّ الأوّل على الثاني، وكون نومهم الطويل وانتباههم كالموت والبعث غير مسلم إلا أن يقال إنّ الله جعل الاطلاع على الأوّل سببا للعلم بالثاني بطريق الحدس، أو الإلهام لا أنه دليل على تحققه وتيقنه لأنّ حفظ الأبدان في هذه المدة الطويلة عن التحلل من غير تفتت يحوج إلى وجود بدل عما يتحلل بأكل وشرب يدل على القدرة على ما ذكر بطريق الحدس والعادة، وفيه نظر. قوله :( قدر أن يتوفى نفوس جميع الناس الخ ( المراد بالتوفي هنا معناه المشهور لا المعنى السابق والا لم يثبت المطلوب لكن فيه أن المطلوب إعادتها بعد تفزق أجزائها لا بعد طول حفظها إلا أن يقال : إنه يعلم بالطريق الأولى وهو غير مسلم، أو يقال : إنها وإن تفزقت أجزاؤها الصغار محفوظة بناء على أنها تعاد بعينها فتأمل، وقوله : أبدانهم في نسخة أبدانها أي
النفوس. قوله :( ظرف لا عثرنا ) أو ليعلموا أو لحق أو لوعد على قول، وقيل إنه لم يعلقه بيعلموا لأنّ نزاعهم كان قبل العلم فإنه ارتفع به، وفيه نظر، وقوله : أمر دينهم إشارة إلى أنّ التنازع في أمر دينيّ، وهو حقيقة البعث لا في شأن الفتية كما في القول الآخر، فالضمير للمطلعين عليهم، والإضافة اختصاصية أي الأمر الواقع بينهم، وقوله : وكان بعضهم يقول الخ بيان للمتنازع فيه، وقوله : مجرّدة أي عن الأبدان وكونهما يبعثان معاً هو المذهب الحق عند المليين وقوله : ليرتفع الخلاف متعلق بأعثرنا، وقوله : ويتين أي بطريق الحدس كما مر. قوله :( أو أمر الفتية ( فالضمير لهم وأمرهم بمعنى شأنهم وحالهم، وقوله : حين أماتهم الله ثانياً المراد بالإماتة سلب الإحساس أعم من أن يكون بالنوم أو بالموت فهو من عموم المجاز أو من الجمع بين الحقيقة والمجاز بناء على جوازه عند الشافعية ولذا قيل : إن الأظهر أن يقول حين توفاهم فإنّ التوفي أشهر فيه كما في الآية السابقة إذ الأولى إنامة لا إماتة، وأما القول بأنه بناء على أنها إماتة فغير صحيح لمخالفته لكلامه، ولصريح النظم وقوله : قرية أي بلدا معموراً، وليس بالباء الموحدة كما حرف بعض النساخ وكونه مسجداً يدل على جواز البناء على قبور الصلحاء ونحوهم كما أشار إليه في الكشاف وجواز الصلاة في ذلك البناء، وقوله : كما قال تعالى قيل إشارة إلى تأييد هذا الوجه والفاء في فقالوا على الوجهين الأوّلين فصيحة وعلى الآخر للتعقيب. قوله :( ربهم أعلم اعتراض ( أي على كل الوجوه وعلى كونه من اللّه فيه التفات على أحد المذهبين وقوله : من أولئك المتنازعين بكسر الزاي والعين أي في
عهدهم، وقوله : أو من المتنازعين عطف على قوله : من الله، وقوله : للرد إلى الله أي تفويض أمرهم والعلم به إليه، وكوله : وكان عليها اسم دقيانوس أي مكة مضروبة باسمه، وقوله : نستودعك الله يقال عند الوداع وقوله : لما انتهوا أي الناس الذين مع المبحوث وقوله : مكانكم اسم فعل أي قفوا والزموا، أو هو متعلق به مقدرا، وقوله : فعمي بمعنى خفي من العمي فقد البصر، والمدخل محل الدخول وثم بالفتح بمعنى هناك وعلى هذا فوقوفهم على ما يطلع به على البعث بإخبار الفتى وقد اعتمدوا صدقه، والإعثار علمهم بذلك لإخباره، واستدلّ بهذه الآية بعض الفقهاء على جواز المناهدة. قوله :( أي الخائضون في قصتهم ا الخ ) يعني أن الضمير لهؤلاء ومن في قوله : من أهل الكتاب تبعيضية لا بيانية على نهج بنو فلان قتلوا قتيلا إذ لا داعي له. قوله :( أي هم ثلانة رجال يربعهم كلبهم ( قيل عليه أنه ينبغي أن يقول ثلاثة أشخاص لأنّ رابع اسم فاعل صيغ من العدد وهو يضاف إلى ما هو بعض منه، والمعنى أنه يجعلهم أربعة ولا تصير الثلاثة رجال بكلبهم أربعة لاختلاف الجنسين وهو الموافق لما ذكره النحاة للاستعمال الشائع فلا عبرة بما قيل له إنه لا يجب اتحاد الجنس وأمّا القول بأنه بشرف صحبتهم ألحق بالعقلاء فتخيل شعري، وقوله : قيل هو قول اليهود وقع في ئسخة وقيل بالعطف والنسخة الأولى أصح لأنّ الظاهر تركه أو إبدال الواو فاء تفصيلية. قوله :


الصفحة التالية
Icon