ج٦ص٨٨
اللصوق وشدة الاتصال والارتباط كما تدخل على الجملة الحالية مما اختاره الزمخشريّ، وتبعه المصنف والكلام فيه رذاً وقبولاً وعلى ما شنع عليه من خالفه كالسكاكيّ مبسوط في المطوّلات وعلى تسليمه فيه إيماء إلى أن القول الأخير وهو المطابق للواقع للدلالة على أنّ الاتصاف أمر ثابت لأنه لا يلتصق به إلا إذا تحقق في الخارج، كما أشار إليه المصنف رحمه الله إلا أنه أورد عليه أنّ الواو من المحكي لا من الحكاية فيدل على ثبوته عند القائل لا عند اللّه ولا يكون من الإيماء في شيء، وأجيب بأنه تعالى لصا حكى قولهم قبل أن يقولوه هكذا لقنهم أن يقولوه إذا أخبروا عنه بهذه العبارة مع أن الثبوت عند هؤلاء القائلين : كاف لأنهم لا يقولونه رجما بالغيب ولا مانع من كونها من الحكاية، ثم إنه قيل إنّ هذه الجملة لا تتعين للوصفية لجواز كونها حالاً من النكرة لأنّ اقترانها بالواو مسوّغ، كما في المغني ويجورّ أن يكون خبراً عن المبتدأ المحذوف لأنه يجوز في مثله إيراد الواو وتركها، وإذا قيل إن إيراد الواو في مثله يدل على الاهتمام يتم الآن المرام، وقوله : تشبيها لها الخ بيان لوجه دخولها لأنّ الحال صفة لذيها معنى والصفة تكون حالا إذا تقدّمت، وقوله : لتأكيد لصوق الصفة كالواو الحالية والاعتراضية لا للعطف حتى يقال : بعطف الصفة على موصوفها، وقوله : تأكيد الخ لكونه أمراً ئابتا، وأسماؤهم المذكورة لكونها غير عربية لم ينقلوا ضبطها وقد ذكر لكتابتها خواصر لا حاجة إلى ذكرها هنا، وأفسوس بضم الهمزة محصمكون الفاء كما قاله النيسابوري : وهذا يخالف قوله : أوّلا أنها طرسوس، وفي الكشف أنّ المدينة التي كانوا فيها غير المدينة التي بعثوا إليها لشراء الطعام
أو أفسوس من أعمال طرسوس وهي ناحية أو هما قولان، وما قيل من أنهما اسمان لمدينة واحدة أحدهما قديم والآخر محدث خلاف الظاهر ومحتاج إلى النقل عن الثقات، وكون هذه الواو واو الثمانية الكلام عليه مبسوط في المغني وشروحه وشروح الكشاف، واختار السهيلي فيه أنه عطف تلقيني وأنه معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما لما جاءت الواو انقطعت العدة وهو وجه لطيف به يتضح الإيماء المذكور ( واعلم ( أنّ الشارح الطيبي رحمه الله قال هنا : نكتة لا بد من إظهارها، وذلك أنّ قصة الكهف ملمحة لقصة الغار ومشابهة لها من حيث اشتمالها على حكم بديع الثأن روينا في الصحيحين أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال : نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدمي! لأبصرنا فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما يعني لست مثل كل اثنين اصطحبا لما خصصت به من شرف صحبة حبيب الله ﷺ والتجأت بسببه إلى حريم كنف الله ما قال تعالى :﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٤٠ ] فالتربيع والتسديس في قصة الكهف ناظر إلى التثليث في قصة الغار لكن نظراً كلا ولا فعلى هذا يجب أن يجعل رابعهم كلبهم وسادسهم كلبهم تابعين لئلاثة وخمسة والضمائر الأربعة راجعة فيهما إليهما لا إلى المبتدأ ومن ثمة استغنى الله عنه بالحذف والا كان الظاهر أن يقال : هم ثلاثة وكلب فلما أريد اختصاصها بحكم بديع الشأن عدل إلى ما هو عليه لينبه بالنعت الدال على التفضلة والتمييز على أن أولئك الفتية ليسوا مثل كل ثلاثة أو خمسة أو سبعة اصطحبوا، ومن ثمة قرن الله في كتابه العزيز أخس الحيوان ببركة صحبتهم بزمرة المتبتلين إلى الله المعتكفين في جوار الله ( أقول ) أشار رحمه اللّه تعالى إلى دقيقة تتعلق بالمعاني من نتائج فكره وهي أنه إذا ذكرت صفة في مقام المدح والافتخار ولم يكن لها اختصاص به حتى يتأتى ما قصد من الإطراء وصدر ذلك ممن يعرف أساليب البلاغة لا بد من القصد إلى معنى فيها يجعلها مختصة به مما يلوح به المقام وينظر إليه الحال بطرف خفيّ كما هنا فإنّ كون الله ثالث اثنين ليس مخصوصاً بالنبيّ ﷺ والصديق رضي الله تعالى عنه كما قال : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ونحوه وبهذا طعنت الرافضة في عده من خصائص أبي بكر رضي الله تعالى عنه كما في التفسير الكبير فيراد بها هنا أنه تعالى معهما بالحفظ الإلهي والاتصال المعنوي الذي رفعهما مرر حضيض الغار وحجبهما بسرادق حفظ لا تصل إليه أقدام الأفكار، فما بالك بأقدام الكفار، ومثله ما نحن فيه فإق كون طائفة مع كلب ليس مما يخص