ج٦ص٩٣
بحقيقة ذلك وكيفيته وهو بعد الإخبار عنه إشارة إلى أنه بإخبار الله وإعلامه لا من عنده وأمّا احتمال أن السنين شمسية أو قمرية والتسع سنين أو شهوراً فليس بشيء. قوله :( والهاء تعود إلى اللّه ( أي في قوله به وهذان المذهبان في إعراب هذه مشهوران مبسوطان في العربية، وقوله : صار ذا بصر يعني أن الهمزة للصيرورة لا للتعف. يئ كأغذ البعير أي صار ذا غدة ونقله إلى صورة الأمر ليدل على أنه قصد به معنى إنشائي لتعيينه فيه بخلاف الماضي فإنه خبر في اكثر وقد يرد للإنشاء كنعم وبئس، وقوله : لياق وفي نسخة لياقة بفتح اللام بمعنى مناسبة صيغة الأمر له بحسب الظاهر لأنه ضمير غائب وفاعل الأمر أبداً ضمير مخاطب مستتر فأبرز لذلك وله محلان رفع وجر ومثله كثيراً، ولدخول الباء الزائدة عليه، وتصييره مجروراً وهو لا يستتر إذ المستتر لا يكون الأمر فرعا ولذا حذف من قوله : أسمع مع أنّ الفاعل لا يجوز حذفه
لكنه لما صار فضله أعطى حكمه كما صرّج به الرضي وغيره، وقوله : نقل إلى صيغة الأمر أي حوّل إليها فصار في صورة الأمر وليس المراد به ذلك بل إنشاء التعجب، وما قيل إنّ المراد أنه لم يشتق من الفعل كغيره من الأوامر بل سكن آخره فلا يرد عليه أن كون الأمر بمعنى الماضي غير معروف بل عكسه لا وجه له فإنه ليس أمراً بل إنشاء كبعت واشتريت، وليت شعري ما يقول في كسر صاده ومثل هذا من التعسف البارد وكون الماضي لا يرد بمعنى الأمر غير مسلم ألا ترى أن كفى به بمعنى اكتف به عند الزجاج، كما سيأتي وفي الحديث اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه كما ذكره ابن مالك وله نظائر وان كان عكسه أشهر، وقوله : عند سيبويه أي مذهبه أنه فاعل فحذف اكتفاء بما قبله والباء مزيدة فيه ليتصوّر التلفظ به، وقال الزجاج : إن الباء في كفى به دخلت لأنه بمعنى اكتف به وهو حسن. قوله :( والنصب على المفعولية ) معطوف على قوله : الرفع على الفاعلية وما عزاه إلى الأخفش كغيره عزاه الرضي إلى الفرّاء، وقوله : والفاعل ضمير المأمور وهو كل أحد لأنّ المراد أنه لظهوره يؤمر كل أحد لا على التعيين بوصفه بما ذكر ولذا لم يثن، ويؤنث ويجمع لأنه غير متصرف وثمرة الخلاف تظهر فيما اضطرّ إلى حذف الباء فعلى الأوّل يلزم رفعه وعلى هذا يلزم نصبه ويرجح كون الهمزة للتعدية كونها أكثر وكونها للصيرورة لأن الأصل عدم الزيادة. قوله :( الضمير لآهل السموات والأرض ( المعلوم من ذكر السموات والأرض قبله، وقيل لأصحاب الكهف أي مالهم من يتولى أمرهم ويحفظهم غيره، وقيل : للمختلفين في شانهم أي لا يتولى أمرهم غير الله فهم لا يقدرون بغير أقداره فكيف يعلمون ذلك بغير إعلامه ولا يخفى بعده، وفسر الحكم بالقضاء لأنّ به تنفيذ ما قدره. قوله :( مثهم ) أي من أهل السموات والأرض، وقوله : على نهي كل أحد لا نهي النبيّ ﷺ لأنه لا يتصور منه ذلك ولو جعل له ﷺ لكان تعريضا بغيره كقولي :
إياك أعني فاسمعي يا جاره
فيكون مآله إلى هذا ويحتمل أن يكون المعنى لا تسأل إحداهما لا تعرفه من قصة أهل الكهف ولبثهم واقتصر على ما يأتيك من الوحي وهذا أشدّ مناسبة لقوله : واتل الخ وهو موافق للمعنى على الغيبة. قوله :( ثم لما دلّ اشتمال القرآن على قصة الخ ) على الأولى متعلقة باشتمال والثانية بدلّ، وقوله : من حيث تعليل للدلالة على إعجازه، وقوله : بالإضافة الخ
لإخراج بعض أهل الكتاب وإعجازه بذلك لا ينافي كونه معجزا ببلاغته فليس مبنيا على القول المرجوح، وقوله : أمره جواب لما فإن قلت دلالته على ما ذكر تستلزم الأمر بملازمة الدراسة في الجملة لا ما عطف عليه، قلت الظاهر أنها قضية اتفاقية مسوقة لبيان ارتباط هذه الآية بما قبلها كما تقول لما قدم زيد طلعت الشمس ولا ملازمة فيها عقلا ولا عادة فلا يرد عليه شيء حتى يدفع بأنّ المعطوف بمنزلة التفسير، لأنّ المراد من درس الوحي تلاوته على أصحابه من غير التفات لمن طلب تبديله إذ هو كاف للموحد، وهذا مبنيّ على أن اتل بمعنى اقرأ، ويحتمل أنه من التلوّ بمعنى اتبع ما أوحي إليك من ربك وألزم العمل به. قوله :( لا أحد يقدر على تبديلها الخ ) دفع لما يرد على ظاهره من أنّ التبديل واقع لقوله : هاذا بدلنا آية الخ بأنّ المنفي تبديل غيره تعالى له، وأمّا هو فقدرته شاملة لكل


الصفحة التالية
Icon