ج٦ص٩٤
شيء يمحو الله ما يشاء ويثبت، ومنهم من خص الكلمات بالخبر لأنّ المقام للإخبار عن قصة أهل الكهف وهو لا يبدل أي ينسخ وكون المنسوخ ثابتا إلى وقت النسخ لا ينافي كونه تبديلاً كما توهم، ونفي القدرة لأنه في الواقع كذلك ونفيها يستلزم نفي التبديل بالفعل. قوله :( ملجأ تعدل إليه ( اللحد والإلحاد حقيقته الميل والعدول والملتجئ إلى شيء يعدل عن غيره إليه فلذا ورد بمعنى الملجأ، وقوله : إن هممت إشارة إلى أنه على الفرض والتقدير إذ هو ﷺ بل خلص أمته لم يلتجؤوا لغير الله. قوله :( احبسها وثبتها ) يشير إلى أنّ أصل معنى الصبر الحبس ومنه صبرت الدابة حبستها لتعلف، ثم توسع فيه فاستعمل في الثبات على الأمر وتحمله ومنه الصبر بمعناه المعروف ولم يجعله منه هنا لتعذيه ولزوم الآخر قيل وهذه الآية أبلغ من قوله في سورة الأنعام ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ٥٢ ] الآية وقد مرّ. قوله :( في مجامع أوقاتهم ) هذه العبارة تستعمل للدوام كما يقال :﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ وهو محتمل هنا وقد فسره به المصنف رحمه الله في سورة الأنعام فمجامع في كلامه إن كان جمع مجمع كمقعد ومنزل اسم مكان كما هو المشهور فيه، فإضافته للأوقات بتقدير مضاف أي مجامع صلوات أوقاتهم الخمس، أو مجامع أوقات صلاتهم الخمسة، كما روي عن مجاهد وغيره وان كان اسم زمان فإضافته بيانية، والمراد أوقاتهم الجامعة لهم وهي تلك الأوقات أيضاً، وان كان مصدرا فإنّ مجمعاً يكون بمعنى الجمع كما في المصباح وأريد به المجموع فهو بمعنى الدوام وأمّا كونه جمع مجموع فلا وجه له، وعلى الثاني فأخذه من النظم لأنّ هذه العبارة شائعة فيه وأمّا على الأوّل فلأنّ اجتماعهم مع النبيّ ﷺ في الأكثر لذلك وعبارة المصنف لا تخلو من الركاكة، وبما قرّرناه سقط ما قيل من أنّ الأولى أن يفسر بالدوإم لأنه المعروف وليس في الآية ما يدلّ على دعائهم مجتمعين في أوقات
الصلوات، ثم الظاهر أن يفسر مجامع أوقاتهم بمحال اجتماعهم للذكر والدعاء مطلقا، وهو مما يدلّ عليه تعميمهم للدعاء لأنّ سبب النزول قول المؤلفة للنبيّ ﷺ : لو جلست في صدر المجلس ونحيت هؤلاء وأرواح خيلهم جلسنا إليك وأخذنا عنك فنزلت هذه الآية فالتمسهم النبيّ ﷺ في مؤخر المسجد يذكرون الله على ما روي في أسباب النزول وهو مما لا غبار عليه، وقوله : أو في طرفي النهار فهو على ظاهره وخصهما لأنهما محل الغفلة والاشتغال بأمورهم، ويحتمل أن يريد به الدوام أيضاً. قوله :( وفيه أن غدوة علم في الأكثر ( يعني أنّ اكثر في استعمال العرب له أن يستعمل علم جنس ممنوعا من الصرف فلا تدخل عليه ألف ولام لأنه لا يجتمع في كلمة تعريفان وهذا هو اكثر لكن سيبويه والخليل ذكراً أن بعض العرب ينكرها فيقول : جاء زيد غدوة بالتنوين وعلى هذه اللغة خرجت هذه القراءة وقد قال الرضي أنه يجوز استعمالها، كذلك اتفاقاً فقوله على تأويل التنكير جواب عن سؤال مقدر بأنه نكر كما ينكر العلم الشخصي في قولهم : حاتم طيئ وزيد المعارك إلا أن الجواب السابق أحسن دراية ورواية لأنّ التنكير في العلم الشخصي ظاهر وأما في الجنسي ففيه خفاء لأنه شائع في أفراده قبل تنكير. فتنكيره إنما يتصوّر بترك حضوره في الذهن الفارق بينه وبين النكرة، وهو خفيّ فلذا أنكره الفناري في حواشيه على التلويح في تنكير رجب علم الشهر فتدبر. قوله :( رضا اللّه وطاعته ) قيل إته يريد أن الوجه بمعنى الذات وفيه مضاف مقدر ) أقول ( الأحسن أن مراده ما قاله الإمام السهيلي في الروض من أنّ الوجه إذا أضيف إلى الله يراد به الرضا والطاعة المرضية مجازاً لأنّ من رضي على من أطاعه يقبل عليه، ومن غضب يعرض! عنه، وأمّا ما قيل من أنه يشير إلى أنّ الوجه بمعنى الذات ولو أسقط لفظ الرضا كان أبلغ فإذا أراد الرضا فقط فلا وجه له، وان أراد مع ما عطف عليه فله وجه على ما قرّره، وجملة يريدون حال من فاعل يدعون. قوله :( لا تجاوزهم نظرك الخ ( إشارة إلى أن عدا حقيقة معناه تجاوز كما صرّج به الراغب ولما كان التجاوز لا يتعدّى بعن إلا إذا كان بمعنى العفو كما صرّحوا به أيضا وقد أشار إليه بقوله لا تجاوزهم الخ احتاجوا إلى التضمين فما قيل إنه بمعنى تصرف وهو يتعدى بعن


الصفحة التالية
Icon