ج٦ص٩٥
من غير تضمين لا يسمع في مقابلة النقل الصحيح، وقوله : لا تجاوزهم بضم التاء من المفاعلة، وهو مجزوم وفاعله ضمير النبيّ ﷺ، ومفعوله نظرك وعبر بالنظر لأنه المتجاوز في الحقيقة ويحتمل أن يكون إشارة إلى تقدير مضاف في النظم، وما قيل إنه يعني أنّ العين مجاز عن النظر يأباه التثنية وقوله : إنّ تجاوز أصله تتجاوز بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا وفاعله نظرك وأنث لتأويله بالعين وهي النظر مجازاً، وهو كناية عن نهي النبيّ ﷺ على حذ قوله لا أرينك ههنا، تكلف وتعسف لا داعي إليه.
قوله :( لتضميته معنى نبا ( أي معنى فعل متعد بعن أي معنى فعل متعد من نبا ينبو نبوّاً
بمعنى علا وبعد المتعدي بعن وأمّا كونه بمعنى الصرف المتعذي بها دون تضمين فليس بمسلم عند الشيخين وكلام القاموس ليس بحجة عليهما، وكون اختياره لما في التضمين من إفادة معنيين فهو أبلغ لا يتأتى إلا إذا سلم أن حقيقته الصرف كما توهم، وقوله : وقرئ ولا تعد أي بضم التاء وسكون العين وكسر الدال المخففة من أعداه وهي قراءة الحسن وتعد بضم التاء وفتح العين وتشديد الدال المكسورة من عداه يعديه وهي قراءة الأعمش والهمزة والتضعيف فيهما ليسا للتعدية كما في الكشاف، بل هما مما وافق معنى الثلاثي فيجري فيه التضمين السابق والا لتعدّى بنفسه كما في البحر رذاً على الزمخشري ولذا تركه المصنف. قوله :( والمراد نهي الرسول ﷺ الخ ) أي على جميع القرا آت، وقوله : أن يزدري بفقراء المؤمنين أي يحقرهم وهو يتعدى بالباء كما قاله الراغب فلا حاجة إلى القول بأنّ الباء زائدة أو أنه مضمن معنى الاستخفاف، وقوله : تعلو عينه والعلوّ يتعدى بعن قال تعالى :﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ ﴾ [ سورة الإسراء، الآية : ٤٣ ] وبه صرّح الراغب وعلوّ العين عنه أن لا ينظر إليه وينظر لما فوقه حساً أو معنى وهو يقتضي تجاوزها فلذا قيل إن تعد مضمن معنى تعل واليه أشار المصنف رحمه الله، ومن لم يفهمه قال إنه عدى عدا بعن لتضمينه معنى التجاوز أو عن بمعنى من الأجلية، والرثاثة بلا الثياب ونحوها، والزفي بكسر الزاي وتشديد الياء الهيئة والمراد به اللباس وطموحا بمعنى ارتفاعاً وانصرافا وهو مفعوله له أو حال والى متعلق به، وطراوة في مقابلة الرثاثة مجاز عن كونه جديداً غير بال، والأغنياء جمع غنيّ ضدّ الفقير. قوله :( حال من الكاف في المشهورة ) أي في القراءة الأولى المشهورة في السبعة المتواترة وهو حال من كاف عيناك وجازت الحال منه لأنه جزء المضاف إليه، فلا غبار عليه كما توهم ولا حاجة إلى إقحام العين. وأمّا على القراءتين الأخيرتين : فهو حال من فاعله المستتر وأمّا كونه حالاً من عيناك، والقول بأن أفراد الضمير لكونهما في حكم عضو واحد أو للاكتفاء واسناد الإرادة إلى العين مجاز كما في قولهم : استلذته عيني واستملحته فهو د!ان صح عدول عن الظاهر من غير داع. قوله :( جعلنا قلبه غافلاَ ( يعني أن همزته لتعدية غفل بمعنى صار ذا غفلة خلقها الله فيه عن ذكر الله لاشتغاله بحطام الدنيا عن ذكره فضلاً عن معرفته ومعرفة من تقرب إليه وما أشار إليه مرّ في
الأنعام، وحلية النفس ما تتحلى وتتزين به من المعارف الإلهية وزينة الجسد اللباس، وقوله : وأنه لو الخ معطوف على أن الداعي، وقوله : كان مثله في الغباوة أي عدم الفطنة وكان الأليق بالأدب أن يترك هذه العبارة ويتأدب بآداب الله في مقام شرف نبيه صلى الله عليه وسلم. قوله :( والمعتزلة لما غاظهم ) هذا هو الصحيح من النسخ أي أوقعهم في الغيظ للحمية الجاهلية لمذهبهم في عدم نسبة الأفعال القبيحة إلى الله وانكار أنها بخلقه لظهور هذه الآية في مخالفتهم وفي نسخة غلظهم باللام المشددة أي أوقعهم في الغلظة والعصبية. قوله :( قالوا إنه مثل أجبنته إذا وجدته كذلك ) أي جبانا والوجدان على أمر يقتضي أنه ليس بفعله وايجاده وكذا نسبته إليه أي وصفه كفسقته أي نسبته إلى الفسق. قوله :( أو من أغفل إبله إذا تركها ) غفلاً من غير سمة وعلامة بكيّ، ونحوه ومنه إغفال الخط والكتاب لعدم إعجامه فهو استعارة لجعل ذكر الله الدال على الإيمان به كالسمة لأنه علامة لسعادة الدارين كما جعل ثبوت الإيمان في القلب بمنزلة الكتابة فمعنى تركهم غير موسومين بالإيمان تمكينهم من الكفر لا خلقه عندهم. قوله :( واحتجوا على أن المراد ليس ظاهر ما ذكر )


الصفحة التالية
Icon